أثار قرار الرئيس محمد مرسي بتعيين المستشار عبد المجيد محمود النائب العام سفيرا لمصر لدي الفاتيكان ارتباكاً شديداً واستنكاراً لا حدود له بين اوساط النيابة العامة بصفة خاصة والقضاء المصري بصفة عامة حيث رفض جميع المستشارين واعضاء المكتب الفني للنائب العام والتفتيش القضائي ونيابه استئناف القاهرة وادارة النيابات ومحامي العموم ورؤساء النيابات علي مستوي الجمهورية هذا القرار الجمهوري واعتبروه تدخلاً سافرا في أعمال السلطة القضائية وتجاوزا غير مقبول من جانب رئيس الجمهورية الذي يتحايل علي الدستور وقانون السلطة القضائية الذي يمنع رئيس الجمهورية من عزل النائب العام مهما كانت الأسباب لأن القانون المعمول به حالياً يقتضي ان يقوم رئيس الجمهورية بتعيين النائب العام لكنه يمنع عزله مطلقا ويظل محتفظا بمنصبه حتي الوفاة أو سن الاحالة إلي المعاش أو الاستقالة التي يقدمها النائب العام طواعية من منصبه. أما حدث فإنه تعد خطير وغير مسبوق وسقطة قانونية ودستورية وقع فيها الرئيس محمد مرسي لايحمد عقباها. وأكد المستشار عبد المجيد محمود النائب العام في بيان صحفي له أمس أنه باق في منصبه طبقا لقانون السلطة القضائية وأنه سيتوجه إلي مكتبه يوم السبت القادم كالمعتاد. وأنه رفض منصب سفير مصر لدي الفاتيكان وانه مستمر في عمله القضائي حتي بلوغه سن الاحالة إلي التقاعد في عام .2016 أما المستشار عدنان فنجري أبوجبل النائب العام المساعد ومدير إدارة التفتيش القضائي للنيابة العامة الذي كان من المفترض أن يتولي منصب النائب العام بصفة مؤقتة فلم يجد المتصلون به سوي رنين هاتفه ولم يقم بالرد علي من يطلبه مطلقاً. وأكدت مصادر قضائية رفيعة المستوي ان معاوني النائب العام من المستشارين والمحامين العموم الأول والمحامين العامين ورؤساء النيابة سيتوافدون علي مكتب النائب العام يوم السبت بدار القضاء العالي لعقد اجتماع طاريء يعلنون فيه رفضهم لقرار رئيس الجمهورية. الجدير بالذكر ان النائب العام لم يعلم بالقرار إلا بعد وصوله إلي منزله حيث مارس عمله اليومي المعتاد بمكتبه طوال أمس .. وغادره في الثالثة ظهراً واعقبه المستشار عادل السعيد بنحو ساعة. كما انصرف المستشارون والموظفون بمكتب النائب العام إلي منازلهم ثم فوجئوا بإذاعة الخبر وهو ما اعتبروه صدمة غير متوقعة لكنهم أكدوا علي التضامن مع النائب العام. من ناحية أخري أكد المحامي محمد الأشقر ان إصدار قرار بإقالة النائب العام وتعيينه سفيرا لدي الفاتيكان كان مفاجئا للجميع ولم يكن متوقعاً لأنه كان في حكم المستحيل وهو ما يعد مذبحة جديدة للقضاء قد تؤدي بمصر إلي مشاكل خطيرة لا يتحملها الواقع الحالي في مصر وان بلادنا في غني عنها. وقال محمد الأشقر ان النائب العام لم يكن يوما من رجال الرئيس محمد مرسي كما لم يكن من رجال الرئيس مبارك كما أنه قام بما يلزمه به القانون واحال الرئيس السابق ورموز نظامه إلي المحاكمات الجنائية وصدرت ضدهم احكام قضائية مختلفة بالسجن لمدد مختلفة وهذا يثبت خطأ الدعاوي التي تقول ان النائب العام كان من أكثر رجال النيابة العامة اخلاصا للنظام السابق. أما طارق العجمي المحامي واحد أعضاء هيئة الدفاع عن المدعين بالحق المدني في قضية قتل المتظاهرين فقال ان النائب العام كان دائما ما يلتزم بالقانون ونفي الادعاءات التي تقول أن النائب العام كثيرا ما كان يقوم بتوجيه الاتهامات وتلفيق القضايا لمن يغضب عليه نظام مبارك سواء من كانوا ينتمون للتيار الديني ممن لا ترغب الحكومة في اعتقالهم بشكل مباشر وعلي وجه الخصوص اعضاء جماعة الاخوان المسلمين أمثال المهندس خيرت الشاطر ورجل الأعمال حسن مالك واللذان تم حبسهما فعلاً ولكن علي ذمة قضايا جنائية متنوعة بعيدة عن انتمائهما لجماعة الاخوان المسلمين. ونفي طارق العجمي ايضاً ما قيل عن ان النائب العام المستشار عبد المجيد محمود قام بحبس رجال أعمال كانوا موالين للنظام السابق ثم غضب عليهم بعض رموزه فتم تقديمهم للمحاكمة ومنهم هاني سرور وهشام طلعت مصطفي أو الاعلاميون المعارضون لنظام مبارك. ونفي ما قيل عن شهرة النائب العام في حفظ العديد من قضايا الفساد والبلاغات والاتهامات التي كانت توجه لرجال النظام السابق بناء علي تعليمات عليا. ومن جانب آخر أكد المستشار أحمد فاضل بمكتب النائب العام ان عمل النيابة العامة هو عمل قضائي مهمته جمع الأدلة والتحقيق فيها وليس خلق الادلة فهذا عمل الجهات الرقابية والشرطية التي تتلقي البلاغات وتتحكم فيها ثم تحيلها إلي النيابة العامة. وأضاف أن النيابة لاتنتمي إلي تيار معين وتجامله بينما تتصدي إلي تيار آخر وتقوم بالتحقيق معه. والدليل علي ذلك علي أن التحقيقات مع ناصر الحافي وعبد المنعم عبد المقصود محاميي جماعة الاخوان المسلمين بدأت بعد ورود بلاغات من رئيس المحكمة الدستورية العليا ضد هذين المحامين في قضية اهانة المحكمة الدستورية واللذان قدما بلاغات مضادة ضد رئيسها المستشار ماهر البحيري واعضاء جمعيتها العمومية وقد انتهت التحقيقات في هذه البلاغات إلي ثبوت ارتكاب محاميي جماعة الأخوان لجريمة السب والقذف في حق المحكمة الدستورية بدون دليل ولهذا صدر قرار النائب العام باحالتهم للمحاكمة واضاف المصدر أن ما يؤكد ايضا علي حيادية النائب العام ما وصل إلي النيابة من بلاغات ضد الاعلامي توفيق عكاشة من اعضاء جماعة الاخوان المسلمين تتهمه باهانة رئيس الجمهورية وكذلك الأمر ضد الصحفي اسلام عفيفي رئيس تحرير الدستور وقد تم التحقيق في هذين البلاغين وتبين ان كلاً من اسلام عفيفي وتوفيق عكاشة قد تجاوزا حرية النقد المكفولة بالقانون ووصلت إلي حد السب والتجريح والقذف بل والتحريض علي قتل رئيس الجمهورية فتمت احالتهما إلي المحكمة الجنائية.