اليوم.. تحل علينا ذكري الانتصار العظيم في السادس من أكتوبر 1973 والذي سطره علي صفحات التاريخ رجال قواتنا المسلحة البواسل. نستقبل هذه الذكري.. وقد حققت مصر عبوراً جديداً. تمثل في بدء التحول إلي نظام الحكم المدني.. حيث أجريت أول انتخابات حرة لاختيار برلمان الشعب دون تزييف أو تزوير.. وانتخاب أول رئيس جمهورية مدني من بين 13 مرشحاً خاضوا الجولة الأولي للانتخابات ثم جرت الاعادة بين اثنين منهم. فاز فيها الدكتور محمد مرسي. تأتي ذكري أكتوبر العطرة.. وقد حققت مصر عبوراً جديداً تمثل في استقلال القضاء والالتزام بتنفيذ أحكامه.. ولم يعد هناك أحد ولا جهة ولا هيئة تحمل صفة "سيد قراره" حيث قضت المحكمة الدستوريةوبعدها المحكمة الادارية العليا ببطلان انتخابات مجلس الشعب.. وتم بالفعل حل المجلس والالتزام بحكم القضاء.. وسوف تجري انتخابات جديدة في أعقاب اقرار الدستور. تهل علينا ذكري أكتوبر العظيمة.. ونحن نري ثورة 25 يناير تنمو وتترعرع وقد بدأت تؤتي ثمارها. حيث نتابع ما يجري داخل الجمعية التأسيسية لصياغة الدستور وما يدور فيها حول مواد الدستور الجديد من حوارات وسجالات ومناقشات واعتراضات.. ومحاولات الوصول إلي التوافق بين مختلف القوي والتيارات السياسية حول هذا الدستور الذي سينظم حياتنا ويرسم حدود العلاقة بين مؤسسات المجتمع لعدة عقود قادمة. تشرق علينا ذكري أكتوبر هذا العام.. وقد أطلق العنان لجميع التيارات والاتجاهات والمذاهب السياسية وغير السياسية. كي يدلي كل منها بدلوه في الشئون العامة دن قيد أو خوف.. وبلا أية تحفظات. مادامت الرؤي والآراء لاتنال من أحد.. ولا تمس خصوصيات أحد. وتنأي بنفسها عن الانزلاق في مستنقع الاسفاف والتعريض بحياة الآخرين أو تشويه صورتهم أو الحط من شأنهم دون وجه حق. تمر علينا ذكري أكتوبر هذا العام.. ونحن نري الانتقادات توجه علناً للرئيس علي صفحات الجرائد وعبر الفضائيات.. بلا مواربة أو حرج.. ووصل الشطط بالبعض إلي حد إهدار دم الرئيس واتهامه بالخيانة دون سند أو مبرر.. ونري الانتقادات تكال إلي حزب الأغلبية وتنال من قياداته دون ان يقابل ذلك أي تجاوز في استخدام السلطة. حيث تحرر الشعب من الخوف بعد 25 يناير ولم يعد هناك مجال لتجاوزات الحاكم أو بطانته. في ذكري نصر أكتوبر.. يحدونا الأمل ان ينال كل ذي حق حقه.. وان تختفي من حياتنا. العادات الفرعونية الذميمة حيث كان كل فرعون جديد يقوم بطمس انجازات سابقيه. بل ينسب هذه الانجازات والانتصارات لنفسه.. ولعل ما يعزز هذا الأمل هو رد الاعتبار للرئيس الراحل أنور السادات صاحب قرار حرب أكتوبر والفريق سعدالدين الشاذلي صاحب الدور المشهود في حرب العبور. اذ قام الرئيس محمد مرسي بمنح اسم الأول وسام نجمة الشرف.. واسم الثاني قلادة النيل عرفانا بدورهما في تحقيق الانتصار التاريخي بدورهما في العبور بمصر من الاحساس بالانكسار إلي الشعور بزهو الانتصار. تمر علينا الذكري المجيدة.. ونحن في أمس الحاجة الي استعادة روح أكتوبر.. إرادة اكتوبر.. عزيمة أكتوبر.. وإخلاص أكتوبر.. لأن التحديات التي تواجهنا لا تقل حدة وشراسة وقوة عن التحديات التي واجهناها في حرب أكتوبر. نريد عبوراً اقتصادياً ينتشلنا من هوة التردي الاقتصادي الذي انحدرنا إليه.. نريد عبوراً علمياً ينقذنا من الغرق في مستنقع التخلف عن ركب الأمم ويرتقي بنا إلي قمم الرفعة والتقدم.. نريد عبوراً سياسياً يسمو بنا إلي مصاف ومراتب الدول المتحضرة.. نتوق إلي عبور اجتماعي يشيع بداخلنا قيم الآخر بآرائه ومعتقداته. مهما اختلفنا معه أو اختلف معنا. بعيداً عن الاتهام بالتخوين والعمالة وغير ذلك الا بالدليل القاطع والبرهان الذي لا يقبل الشك. نريد في ذكري أكتوبر المجيدة.. ان نتقي الله في مصر وشعبها.. ومستقبلها.. أن نلتف حول هدف واحد ألا وهو الارتقاء بهذا الوطن والتضحية من أجله.. وفاءً بما قدمه لنا.. وعطاءً للأجيال القادمة من أبنائنا. الذين لن يغفروا لنا تقصيرنا في حقهم أو في حق الوطن. ** أفكار مضغوطة: قال الشاعر: لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها..ولكن أخلاق الرجال تضيق