أليس غريبا.. أن يهجر العسكريون الذين يفترض أنهم الذين حرروا شبه جزيرة سيناء من دنس الاحتلال.. نفس الأرض.. دون أن يهتموا بتعميرها وإحيائها..؟؟ .. وكيف .. كيف يترك خبراء الاستراتيجية.. ومصممو خطط الحرب والسلام.. حدود مصر بلا حماية كافية.. وبلا استثمار للبشر الذين ليس لديهم أدني تحفظ أو اعتراض علي مواجهة العدو الرابض علي بعد كيلو مترات قليلة..؟! *** نحن نعلم جيدا.. أن سيناء تمثل أهم أبعاد الأمن القومي لمصر.. وندرك أن إسرائيل إذا أرادت الاستيلاء عليها. فلن يحولها حائل اللهم إلا إذا أعددنا أهلها.. وجبالها.. ووديانها.. لتكون صداً مانعاً..! لذا عندما يجيء حكم مدني في مصر ليبدي اهتمامه بسيناء.. فلابد هنا.. أن نبحث.. وأن ندقق.. وأن ندرس الأمور بروية.. وتأن..! حتي ذكري الاحتفال بنصر أكتوبر عام "2010".. سمعنا كثيرا من الخطابات.. والأغاني.. والأهازيج حول سيناء "الحلوة".. سيناء الجميلة.. سيناء الأمل.. سيناء الفيروز.. ومع ذلك.. إذا تأملنا الواقع.. فلا نجد أي تقدم أصاب هذه الأرض الغالية علي مدي 49 عاماً من الزمان..! ألم يدر بخلد واحد فينا.. أن 400 ألف نسمة في شمال سيناء و70 ألفا يعيشون في جنوبها لايعدون سوي قطرة في محيط متلاطم الأمواج..؟! .. وألم نحاول.. أن نستخدم العلم ولو لمرة واحدة لنستثمر أرض سيناء استثمارا يدر علينا الخير..؟! ولماذا ظللنا جالسين القرفصاء طوال هذه المدة.. متحسرين علي نصيبنا من البترول.. في الوقت الذي حول فيه.. هذا الذهب الأسود حياة الكثير من جيراننا من النقيض إلي النقيض.. أي من الفقر المدقع إلي الثراء المقيم.. والنعيم الدائر في فلك الأحلام.. ونسينا أو تناسينا.. أو تغافلنا.. إما عمدا. أو جهلا عن وجود حقول هائلة من البترول في باطن تلك الأرض.. فضلا عن أرصدة كبيرة من النحاس والفوسفات والحديد.. والفحم.. والمنجنيز..؟! *** اليوم.. واضح.. ان الحكم المدني في مصر والذي جاء بعد أكثر من ستين عاما متصلة ليحل محل الحكم العسكري.. حريص علي أن يراهن علي سيناء.. ويجعل منها مصدر خير.. ونبع أمل.. وتفاؤل..! لقد هز "حادث رفح" الذي راح ضحيته 17 من خيرة شبابنا أعماق كل مواطن "مصري" يعيش تحت سماء هذا الوطن..! ولعلها كانت البداية..! لقد قرر الحكم المدني أن يخوض حرباً عاتية ضد الإرهاب في سيناء.. وليحدث مايحدث..! وها هي المعارك مازالت دائرة وان كان السؤال: * هل يقدر الجيش النظامي الذي يتمتع أبناؤه باللياقة العسكرية المتميزة.. وبالتدريب الجيد.. والتسليح "المتفوق" علي انزال الهزيمة بالفارين من القانون.. والمحتمين بالجبال.. والذين عاشوا سنوات عمرهم.. يرفعون رايات الغضب ضد الحكومة المتمركزة في القاهرة..؟! ذلك هو التحدي بحق وحقيق ..!! .. ومع ذلك.. فإن السؤال الذي يدق الرؤوس بعنف: * وهل تستطيع الحكومة وحدها تحقيق النصر المأمول..؟! أنا شخصيا أتصور أن كافة المصريين مطالبون باعادة بث الحياة إلي شبه جزيرة سيناء..! لانريدها صحوة مؤقته..! ولا حماساً عابراً.. صنعته الأحداث المفاجئة..! بل نريد بالفعل أن نجعل من سيناء قدوة ومثلا للتعمير. والبناء والتحديث والتجديد ليس بالنسبة للمصريين فحسب.. بل للعالم بأسره.. واضعين في اعتبارنا بأن كلاً من أمريكا. وإسرائيل.. يتحينان الفرص لاعادة اقتناص سيناء.. أو جزء منها.. وعندئذ تكون حكايتنا حكاية..! لاتخدعكم تصريحات الإسرائيليين.. حول علاقات المودة والصداقة بين جيشهم وجيش مصر.. فالعدو.. يظل "عدوا" طالما أنه لايلتزم بمعايير الأخلاق.. ويضرب بالمباديء عرض الحائط..! ثم.. ثم.. هل تنسي سيناء.. وأهل سيناء.. مافعلته إسرائيل تجاههم من تجاوزات.. وجرائم دنيئة خسيسة..؟! إن جيش مصر.. ينبغي أن يظل دائماً ساهراً لايغمض لجندي من جنوده جفن حتي لايقع لاقدر الله فريسة الغدر والخداع.. والخيانة..! في نفس الوقت.. يجب ان يطمئن أبناء سيناء إلي أن أمنهم أصبح.. غير قابل للمساومة والمزايدة.. وحاضر الأجيال المقبلة ومستقبلهم لن يجرؤ كائن من كان علي المساس به..!! ثم.. ثم.. فان وجود الحكومة وقراراتها.. لابد وان تأخذ طريقها للتنفيذ دون ابطاء أو تأخير..! مثلاً.. القرار الذي اعلنه الرئيس محمد مرسي أمس أثناء زيارته للعريش بالغاء كافة الأحكام الغيابية الصادرة ضد أبناء سيناء.. ينبغي ألا يتأخر تطبيقه ساعة واحدة..! عندئذ.. تتدعم أركان الثقة.. وتصبح النظرة للغد أبلغ واقعية وأكثر تفاؤلا..! وأخيرا.. فان معظم دول العالم المتقدم وغير المتقدم.. تحاول البحث عن قطعة حجر.. أو جدار معبد متهدم.. ليجعلوا منه مزارا سياحيا يقصده الملايين..! ونحن عندنا.. والحمد لله جبل موسي الذي تجلي فيه الله سبحانه وتعالي قائلا لنبيه الكريم: اخلع نعليك.. انك بالوادي المقدس طوي..! هل من المعقول.. أن يظل هذا المكان مجهولا.. تائها.. "ساقطا من الحسابات"..؟! نفس الحال بالنسبة لعيون موسي.. ودير سانت كاترين.. وشواطيء الرمال التي ما جاء إليها "عليل".. أو سقيم.. أو مصاب بمرض جلدي.. إلا وأصبح بفضل رب العالمين.. مشفي.. معافي..! *** أرجوكم .. أرجوكم.. تحركوا.. واعملوا.. ونداء للرئيس مرسي.. أول حاكم مدني في مصر منذ أكثر من ستين عاما.. ألا يغيب عن سيناء كثيرا.. بل لابد من أن يتابع.. ويبذل الجهد.. ويحاسب معاونيه إذا تهاونوا.. أو قصروا. .. و.. ونحن في انتظار سيناء جديدة.. بكل ماتحمله الكلمة من معان..!!