للعفة فى النفوس جذورها، ولحياة الخير فى القلوب دروبها، فكم من سارق على سرقته غير اّمن يطارده جرمه، ويحرمه النوم إغتصابه لحقوق الاّخرين، فيبيت من ليله مهموما ومن نهاره بين الناس لمعصيته ذليلا فما حقق أمنا ولا أصاب سعادة، إنما جنى سرابا إنتهى بإنتهاء تحقيق رغبة عاجلة، فمن أراد العفة فليقرأ سورة يوسف وليحيا معها وهى وصيتى الملحة لكل شباب الأرض إقرأوا سورة يوسف وعيشوا معها، لتعلموا الحقيقة الغائبة وهى أن كل متاع فى الدنيا ظل زائل وإن كان جمالا أو مالا أو سلطانا، فلقد جمع كل ذلك ليوسف عليه السلام فى إمرأة إن طاوعها على هواها ونزل على رغبتها لكان له ماتمنى، هامت به حبا وشغفت به وملأ عليها تفكيرها ونفسها" قد شفغها حبا " ولقد نصبت شراكها لتوقعه فى حبالها وهيئت لذلك كل السبل فى بيت عز وعراقة يظنه الناس بيت خلق وكرم وتلك سمات هذه الفئة من المجتمعات فقد تنهار أخلاقهم وتتبدل أحوالهم وهم يرفلون بالوهم ويلتحفون المعاصى، لكن المعتصم بحبل الله المتمسك بدينه يعلم يقينا أن كل شهوة إلى زوال وإن طال زمنها وكل رغبة إلى لا عودة إذا مضى وقتها وإلا بالله عليكم ماذا يمكن أن تحوى المعدة من الطعام إذا اتخمت، فلو تخيلنا جائعا بلغ به الجوع مبلغه ووضع أمامه من الطعام مالذ وطاب ماخطر على قلبه ومالم يخطر، ماذا يأكل إذا إمتلأت معدته؟ وكم من الطعام يأكل ؟لا شئ فلكل منا طاقته وقدراته المحدودة على كبرها أو صغرها....تمنى يوسف لو غيب عن الأرض ولا يرتكب جرما كهذا تتوق له نفوس أصحابها صغار، وتتمناه نفوص أصحابها مرضى" قال ربى السجن أحب إلى مماتدعوننى إليه وإلا تصرف عنى كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين "على غير معتاد البشر وعلى غير ما يألفون يتمنى أن يسجن وللسجن على النفس ألم ، لكن سجن النفوس والأخلاق أقسى ألما من مرارة السجن وقسوة الجدران ، فكان ليوسف ماتمنى ، ومضت به السنون تباعا حتى عاد وأبى إلا أن يخرج عزيزا مطهرا من فرية ألصقوها به فلم يسرع بحثا عن الخلاص حتى يبرأ ساحته"قال ارجع إلى ربك فسأله مابال النسوة اللاتى قطعن أيديهن إن ربى بكيدهن عليم " فلسفة ومنطق يجهدان العلماء ويحيران الحكماء ، لماذا لم يهرول بالخروج فور سماع النبأ؟لأنه يعلم أن الشرف أغلى من الحرية وأن أسوأ مايمكن أن يلصق بالإنسان هو اتهامه فى أخلاقه وعفته، فيكون التمكين وإن طال الزمان كما قال ربنا فى سورة القصص" ونريد أن نمن على الذين استضعفوا فى الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين " يكون التمكين ليوسف السجين المتهم البرئ، والذى وجد فى نفسه من القدرات ليتقدم لينفع أمته ولم يقل سأجعل كل همى فى عبادتى وفى مسجدى ولا علاقة لى بأحد وهى مسئولية ملقاة على أعتاق الناس جميعا أن يشاركوا فى كل نوع ولون من ألوان الحياة السياسية والإجتماعية والإقتصادية وهذا هو الفهم الشامل للدين فما جعل ا لدين ليحبس عن الحياة" اجعلنى على خزائن الأرض إنى حفيظ عليم " سجين الأمس ، عزيز اليوم، متهم الأمس على رأس الأمر اليوم ، كل ذلك ببركة العفة والطاعة لله عز وجل، فهل بعد هذا نفضل السرقة؟ " تالله لقد علمتم ماجئنا لنفسد فى الأرض وماكنا سارقين" د. إيهاب فؤاد