حمل لقاء شيخ الأزهر أحمد الطيب ببابا الفاتيكان عدة رسائل، بعد قطعية دامت لأكثر من عشر سنوات، وأهم الرسائل بدء علاقة سلام بين الديانتين، وعقد مؤتمر سلام دولي وتوجيه دعوة للأخير لزيارة الأزهر الشريف بمصر، كما سيتطرق اللقاء إلى القضية التى تسببت فى أزمة بين البلدين وهى مقتل الطالب ريجيني. تأتى زيارة شيخ الأزهر بعد أيام من استقبال ساحة الفاتيكان وفد الدبلوماسية الشعبية المكون من برلمانيين وسياسيين وسفراء وإعلاميين مصريين لتوطيد العلاقات. العلاقة بين الأزهر والفاتيكان شهدت حالة من التوتر منذ تولى البابا بنديكت السادس عشر، بابا الفاتيكان السابق، الكرسى الرسولي، حيث شهدت من بدايتها تعقدا بينه وبين العالم الإسلامي، عندما استشهد فى أحد خطاباته التى ألقاها بإحدى الجامعات الألمانية، سبتمبر 2006، بقول أحد الفلاسفة، الذى ربط بين الإسلام والعنف، فى محاضرة كان يلقيها البابا لطلبة كلية دينية؛ ما أثار استياء الأزهر وكل المسلمين. وتم تجميد الحوار من شيخ الأزهر السابق محمد سيد طنطاوى عام 2006 بسبب هجوم البابا بنديكت على الإسلام، فى خطابه الشهير الذى ربط فيه بين الإسلام والعنف، بيد أنه ألغى لاحقا فى فبراير 2008 قرار تجميد حوار الأديان مع الفاتيكان، ثم عاد الحوار للقطع مرة ثانية مع تزايد التراشق الكلامى بين الأزهر والفاتيكان. وأعيد قطع العلاقات نهائيا بين الأزهر والفاتيكان فى عام 2011، بعد تصريحات البابا بنديكت السابق حول حادثة كنيسة القديسين بالإسكندرية، والتى طالب فيها بحماية المسيحيين بمصر؛ ما اعتبره وقتها شيخ الأزهر الطيب تدخلا فى الشئون المصرية!. وخلال لقاء أمس الاثنين اتفق الطرفان على عقد مؤتمر عالمى للسلام يوجه الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، الدعوة لبابا الفاتيكان فرنسيس، لزيارة الأزهر الشريف فى القريب العاجل. ومن المفترض أن يتم الإعلان رسميا عن عودة الحوار بين الأزهر والفاتيكان، وتشكيل لجان مشتركة وتفعيل دور مركز حوار الأديان بالأزهر، والذى يترأسه الدكتور محمود حمدى زقزوق عضو هيئة كبار العلماء. من جانبها قالت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، إن الزيارة تحمل عدة رسائل أهمها تقوية أطر الحوار بين القادة الدينيين للرسالات السماوية وتوسيع أرضية التفاهم حول القيم السامية المشتركة بينها، كما أنها تبعث نبذ كل أنواع الغلو والتشدد والتعصب والفكر الظلامى المتطرف، مضيفة: "سيكون لأزمة ريجينى نصيب فى الزيارة لإذابة الجليد ولتقريب وجهات النظر". وأضافت فى تصريحات ل"المصريون"، أن زيارة الطيب إلى الفاتيكان تعيد العلاقات التاريخية المنقطعة مرة أخرى إلى طبيعتها مع الكنيسة الكاثوليكية، وذلك بعد فتره انقطاع استمرت لسنوات نتيجة تصريحات بابا الفتيكان السابق المعادية للإسلام والمسلمين. ووصف الدكتور محمد الشحات الجندي، عضو مجمع البحوث الإسلامية، اللقاء بالخطوة الإيجابية لتصحيح المفاهيم المغلوطة والصورة المشوهة للإسلام فى الخارج. وأضاف الجندى أن عودة العلاقات بين رمز الإسلام ورمز المسيحية تفيد الجانبين وإن كانت تأتى فى مصلحة الأزهر أكثر من منطلق التحركات الخارجية لتحسين صورة الإسلام داخل دول الاتحاد الأوروبى والسعى لتجديد الخطاب الديني. وقال إن أزمة ريجينى تسببت فى أزمة بين مصر وإيطاليا وهذه الزيارة ودعوة شيخ الأزهر لبابا الفاتيكان لزيارة الأزهر ستخفف من الغضب الإيطالى وتقوى العلاقات. ومن الناحية السياسية قال يسرى العزباوى المحلل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتجية إن الزيارة دينية سياسية، دينية لتقارب وجهات النظر بين أكبر ديانتين على مستوى العالم، وسياسية لإنهاء حالة الجدل بين الدولتين، خاصة بعد زيارة الوفد الشعبى الأسبوع الماضى المكون من فئات المجتمع. وأضاف العزباوى فى تصريحات خاصة إن مصر وإيطاليا تربطهما علاقة قوية، واستثمارات مشتركة والزيارة سيكون لها مردود إيجابى .