قنابل موقوتة تهدد عدة مناطق وإنذارات الحريق تعلو في الأفق، وسؤال يتبادر إلى الأذهان أين شركات التأمين لهذه المحال وأين الحماية المدنية والأمن الصناعي، وخبراء يؤكدون كارثة الرويعي والعتبة ستتكرر في الفترات القادمة مؤكدين أن هذه المناطق تخلو تمامًا من سبل التأمين ولديها من عوامل قيام الحرائق الكثير وتبريرات الخبراء تؤكد أن شركات التأمين لا تصلح لهذه المناطق. وترصد «المصريون» أبرز هذه المناطق: الفجالة أكبر تجمع ثقافي يجمع بين محلات بيع الكتب الأدبية والتراثية وبين المقاهي الثقافية التي تقوم فيها السهرات والملتقيات الثقافية والتي تحتوي على أقدم المطابع وعرف هذا الشارع منذ الخديو إسماعيل بأنه مقصد للثقافة والإبداع في مصر، أبرز علامات الشارع المكتبات الصغيرة المليئة بالكتب والأوراق فمع بداية العام الدراسي يشهد شارع الفجالة أكثر أوقات الانتعاش في السنة بسبب كثرة عدد المكتبات التي تقوم ببيع الكشاكيل الدراسية والكتب الخارجية وتنوع الأدوات المكتبية والبيع بسعر الجملة، ما جعله من أوائل المناطق المعرضة لاشتعال الحرائق به. ورغم أهمية هذا الحي إلا أنه لا يشتمل على سبل الحماية التي يجب أن تتوافر به، حيث تقتصر سبل الحماية على الوسائل التي يوفرها أصحاب المحال الصغيرة على حسب إمكانياتهم والتي تقتصر على طفايات حريق وفتحات تهوية إلا أن كل هذا لا يكفى لأن طبيعة العمل تتطلب توافر أعلى درجات الأمان خاصة أن الحي يفتقد وجود وحدة إطفاء قريبة من السوق، فضلا عن عدم قدرة سيارات الإطفاء الدخول في هذه الشوارع لضيقها وهذه المحال تعاني من عدم وجود رقابة من أجهزة الدولة والحماية المدنية والاهتمام ومتابعة من موظفي الحي والمحافظة. ولم يكن هذا الشارع بمنأى عن الحرائق، حيث تعرض من قبل لحريق بالعقار المكون من 4 طوابق، وتبين أن النيران امتدت من الطابق الثاني الكائن به مخزن أدوات مكتبية وأجهزة أحبار كمبيوتر، إلى باقي الأدوار بالعقار، بحسب شهود العيان، وافترش أصحاب المكتبات الأرصفة المجاور للعقار، بعد إغلاق قوات الأمن لشارع كامل صدقي وقدر خسائر أصحاب المكتبات والمخازن للأوراق والأحبار، بملايين الجنيهات، وتناقلت المعلومات وقتها التي أكدت أن سبب الحريق ماسًا كهربائيًا، ومصدره مكتبة العالمية بالطابق الثاني، ومنه امتدت إلى باقي الأدوار. حارة اليهود اشتهرت حارة اليهود بالحرائق المتتالية بين الحين والآخر، وذلك يرجع إلى أن توصيلات الكهرباء الموجودة بالحارة قديمة جدًا ومتشابكة بطريقة عشوائية، ما يتسبب في حدوث الحرائق بين الحين والآخر، فضلا عن أتلال القمامة الموجودة في ممرات الحارة الضيقة التي تساعد على انتشار الحريق بشكل أوسع. أغلب منتجات محلات اليهود التجارية المتراصة من البضائع الصينية البلاستيكية والإكسسوارات، وبمجرد حدوث حريق بإحداها يمتد للجميع، كما تشمل مخازن البضائع والشقق السكنية، مما تصعب مهمة رجال الحماية المدنية لضيق ممرات الحارة. الموسكي أما "سوق الموسكي" فهو مخصص للتجار من جميع الأنواع، وهو في الأساس للبيع بالجملة، ولكن أحيانًا يسمح عليه بالبيع بشكل فردي، ويضم كلا من حارة اليهود والموسكي أكثر من 1000 محل تجاري وشوارع ضيقة ومكتظة بالسكان ولا يسمح بمرور سيارات إطفاء أو إغاثة مع غياب وسائل الأمن الصناعي والحماية المدنية وتعرض لأكثر من حريق بسبب تأخر وصول رجال الحماية المدنية وصعوبة دخولهم في الشوارع الضيقة وخسائر مادية كبيرة محلات متجاورة وخسائر في حريق أحد المحال نجم عنه خسائر 4 ملايين جنيه. أين شركات التأمين؟! ومن هنا يتبادر إلى الذهن تساؤل أين هذه المحال من شركات التأمين والحماية المدنية، وما الدور الذي يجب القيام به حتى لا يتكرر سيناريو الرويعي والعتبة. وبلغ عدد شركات التأمين على المحال 17 شركة، واحدة منها تتبع قطاع الأعمال العام والأخرى كلها خاصة، ويشير أداء فرع الحريق بالعام المالي الأخير إلى تحقيق عشر شركات ربح مقابل خسارة سبع شركات بنشاط التأمين ضد الحريق، ورغم تحقيق إجمالي الشركات ربحا بلغ 115 مليون جنيه، إلا أن هذا الإجمالي لا يعبر عن الواقع الحقيقي بالشركات، حيث ربحت شركة مصر للتأمين بنشاط الحريق وحدها 121 مليون جنيه، بينما حققت الشركات الخاصة خسارة بلغت 6 ملايين جنيه، وتكرر هذا المشهد خلال عدة سنوات ماضية. بلغ إجمالي تعويضات الحريق، التي دفعتها الشركات حوالي 3 مليارات جنيه بمتوسط سنوي 492 مليون جنيه، وأرجع البعض سبب قلة الإقبال على هذه الشركات بسبب ارتفاع الأسعار في حين تعاني معظم هذه المحال من رأس مالي أو ربح عالي يمكنها من اللجوء لهذه الشركات، لهذا تعيد شركات التأمين ضد الحريق حاليًا النظر في أسعارها في ظل كثرة الحوادث، وضعف الالتزام باشتراطات الحماية المدنية، ما دفعها لرفض قبول التأمين على المحلات والباعة بالأسواق المزدحمة كالرويعي وغيرها.. ما يتطلب تنسيقًا بين جهات الحكم المحلي والغرف التجارية للوفاء ببعض الاشتراطات التي تطلبها شركات التأمين، لمساعدتها على التوسع في التأمين ضد الحريق، إلى جانب دور وسطاء التأمين في زيادة الوعي التأميني. في هذا السياق قال اللواء نبيل فؤاد، مساعد وزير الدفاع الأسبق، إن أمر الحرائق يقع على عاتق المنشآت التجارية وشركات التأمين مؤكدًا على احتمالية تكرار كارثة العتبة والرويعي مشيرًا إلى أن معظم المحال التجارية في هذه المناطق تعانى من رأس مال صغير وأرباح تكفي لعيش أصحابها ما جعل تفكيرهم في التأمين أمر غير واقعي. وأشار فؤاد، في تصريحات ل"المصريون"، أن هذه المناطق تمثل خطرًا كبيرًا لأن معظمها عربات بضائع وليست محال ما يشير إلى أن إجراءات الأمان غير متوافرة، لافتًا إلى ضرورة المشاركة المجتمعية لحل هذه الأزمة. وأوضح فؤاد، أن هذه المناطق تحتاج إلى أمن صناعي وأدوات مكافحة الحريق، فضلا عن وجود حنفيات إطفاء مع ضرورة قيام المرور بتمهيد الطرق لمرور سيارات الإطفاء في حالة الطوارئ.