اعتبر الكاتب "ريتشرد سبنسر"، أن السر الذي يدفع مصر لترجيح سيناريو أن يكون هناك هجوم إرهابي وراء تحطم طائرة مصر للطيران عن طريق تفجيرها والتي سقطت الخميس الماضي، في البحر المتوسط، هو أن المطار الذي أقلعت منه الطائرة المصرية فرنسي. وأوضح الكاتب البريطاني في مقال نشره بصحيفة "الديلي تليجراف" البريطانية بأن مصر أصرت على أن خللا ميكانيكيا وراء سقوط الطائرة الروسية في أكتوبر الماضي"، لافتًا إلى إن ثقافة الإنكار التي أصبحت شائعة لدى القاهرة". وفيما يلي نص المقال.. نحن لا نعرف على وجه اليقين حتى الآن أن سبب تحطم طائرة مصر للطيران رقم 804 هو "الإرهاب"، هذا مجرد اشتباه طبيعي، وبطبيعة الحال لا بد أن تكون أي كارثة جوية هدفا طبيعيا للهجمات الإرهابية. حيث أسقط الإرهابيون طائرة في أكتوبر، وفرنسا، التي أصبحت فجأة تحت نظر الدولة الإسلامية في العراق والشام، هما أبطال الحادث الجديد، ولكن هناك أيضًا تناقضات: لماذا انحرفت الطائرة ثم هوت، بدلا من الانفجار؟ وإذا تمت مشاهدة اللهب من قبل أحد الصيادين اليونانيين حينما انفجرت، لماذا لم تلتقط الأقمار الصناعية ذلك اللهب، كما حدث في السابق؟ ما نعرفه أن السلطات المصرية، قالت على الفور تقريبا إن الهجمات الإرهابية السبب الأكثر احتمالا، القارئ المبتدئ في مثل هذه القضايا يمكن أن يتوقع أن هذا قد يكون ترجيحا سريعا من الحكومة رغم خبرتها الكبيرة في هذا المجال، لسوء الحظ، قد يكون القارئ المبتدئ مخطئ. عندما انفجرت الطائرة الروسية بعد وقت قصير من إقلاعها من مطار شرم الشيخ في أكتوبر الماضي، السلطات المصرية رجحت في البداية كل الاحتمالات، إلا الاحتمال الذي كان واضحا للجميع، فالفرع المحلي لداعش يسيطر على أجزاء من شبه جزيرة سيناء، وتمكن من تهريب قنبلة على متن الطائرة. المحققون المصريون توصلوا إلى نظرية قائلة بأن مشكلة ميكانيكية وراء تحطم الطائرة، رغم تأكيد المحققين الروس أن الإرهاب المشتبه به الرئيسي وراء تحطم الطائرة، وحتى بعد تبني داعش المسئولية عن إسقاط الطائرة، ونشرهم على الانترنت لصورة قالوا إنها للقنبلة التي وضعت في علبة "كانز بيبسي" كانت مزروعة على متن الطائرة، لم تقتنع مصر. والسؤال الذي يطرح نفسه حاليا، لماذا كان فريق التحقيق المصري حريصًا جدًا على تحميل المسئولية لخلل ميكانيكي في الطائرة الروسية.. والهجمات الإرهابية في حادث الطائرة المصرية؟ هناك للأسف، تفسير بسيط لا علاقة له بالحقائق التي كانت معروفة في ذلك الوقت، الطائرة التي تحطمت كانت روسية، والمطار الذي أقلعت منه كان مصريا. أما في حادث طائرة مصر للطيران، فإن المطار الذي سمح بمرور قنبلة على متن الطائرة، فرنسي، والطائرة مصرية، ما يجعل الإرهاب قضية أكثر وطنية. أتمنى أن المسئولين في مصر لا يفكرون بهذه الطريقة، ولكن من السهل جدًا الاعتقاد بذلك، فمنذ عزل مرسى عام 2013، وفي الواقع قبل سنوات عديدة - يصر النظام على أن الحقائق يجب أن تخضع للمصلحة الوطنية، وفي كثير من الأحيان تفسر على أنها فخر للقيادة المصرية. دون مساءلة، من المستحيل على المسئولين المصريين إدخال التحسينات اللازمة لتأمين المطارات وأراضيهم بشكل عام. الشيء نفسه ينطبق على الأنظمة الاستبدادية الأخرى، ولكن في حال العديد منهم ثقافة الإنكار ليست قوية جدًا، فالسعودية، على سبيل المثال، رغم تعرضها للكثير من الانتقادات، ليست بالغباء بحيث تعرض نفسها للسخرية، وبسبب الخبرات التي يقدمها حلفائها الدوليين، أصبحت دولة أكثر أمنًا رغم موجة التفجيرات التي تعرضت لها من تنظيم القاعدة، وحزب الله قبل سنوات. مصر ليست البلد الوحيد التي تعيش حالة الإنكار، بلجيكا يعتبرها البعض بدون حكومة على الإطلاق منذ عام 2010، حيث تعاني من ضعف الاستعدادات لمكافحة الإرهاب، الأمر الذي جعل بروكسل أكبر سوق السلاح في غرب أوروبا، ويخطط الإرهابيون للهجمات في أوروبا تحت سمع وبصر الشرطة هناك. من المحتمل ألا يخرج حادث تحطم طائرة مصر للطيران عن الإرهاب، ومن المحتمل أن تكون هناك قنبلة تم تهريبها على متن الطائرة في مطار شارل ديجول. ولكن بعد ذلك، باريس لديها مشاكلها الخاصة مع الإنكار، حيث يمكن أن يكون عدد من المتطرفين الذين يعملون في المطار بعد هجوم "باتاكلان" في نوفمبر قد مرروا القنبلة. ورغم عدم عدالة قول ذلك، فإن أي بلد يحاول تلميع أوراق اعتماده الوطنية يحاول إظهار نفسها كضحية لوسائل الإعلام المعادية.