بعد سنوات من سيطرة الفوانيس الصينية على السوق المصري ظهر مؤخراً منافسٌ محلي للمرة الأولى منذ فترة طويلة، مع انتشار حملات دعاية "الفانوس الدمياطي". وترجع فكرة اتجاه أصحاب ورش الخشب بمحافظة دمياط لصناعة فوانيس رمضان، إلى القرار الذي أصدره منير فخري عبد النور وزير التجارة والصناعة السابق العام 2015، بوقف استيراد فوانيس رمضان من كل دول العالم والاعتماد على الصناعة المحلية، وذلك للتخفيف من عبء توفير الدولار من جانب، وتشجيعاً للصناعة المحلية من جانب آخر. وقالت "إيفيلين متى" عضو مجلس النواب عن محافظة دمياط، إن الفكرة تبناها شباب دمياط، في محاولة منهم لتنشيط الصناعة اليدوية مرة أخرى، ومواجهة الغزو الصيني، ومحاولة لإيجاد بدائل، ولو مؤقتة، لأزمة صناعة الأثاث بالمحافظة. وما ساعد على نجاحها أن الكثير من شباب دمياط من خريجي كليات الفنون التطبيقية، وهم بالأساس مهتمون بالصناعات الصغيرة الخشبية، كون معظمهم يعمل منذ صغره في ورش الخشب. ويروي أحمد حاشي، أحد الشباب الذين تبنوا الفكرة كيف بدأوا في تنفيذها، إذ قال "البداية كانت من مجموعة شبابية بدأت في عمل التحف "الأنتيكات" المنزلية، وأشكال تضاف للأثاث للتجميل، ومنها صور كارتون، ولعب أطفال توضع على أثاث الأطفال باستخدام ماكينة ليزر تعرف باسم (laser cutter)، وبالفعل قمنا بصناعة علب المناديل وأشكال مثل برج إيفيل وبرج القاهرة وغيرها من الأشكال المشهورة.. ومع صدور قرار حكومي بحظر استيراد الفانوس الصيني، فكرنا في صناعة فانوس رمضان من الخشب. وذكر حاشي، أن الفكرة لم تحقق المأمول منها في العام الماضي، فعكفنا على دراسة التجربة وتطويرها على مدار العام وقمنا هذا العام بتطوير الصناعة للأفضل وتم تجهيز عدة تصميمات للفوانيس من خلال برامج كمبيوتر، وإضافة لمسات من الفن الإسلامي، وذلك حتى نعيد إلى الواجهة الشكل الأصيل للفانوس، بعد أن شوهته الصناعات الصينية. وكنا حريصين على تلقي اتصالات المعجبين بالفكرة ودراسة ملاحظاتهم للوصول للأفضل. وبالفعل حققت التجربة نجاحاً كبيراً، كما يحكي حاشي، ووصل الأمر إلى تصدير تلك الفوانيس إلى الخارج.. وأكثر الدول التي طلبت الفانوس الدمياطي: السعودية والعراق وقطر والأردن، وهذا بعد انتشاره في محافظات مصر. أما الأسعار فتبدأ من ثلاثة جنيهات للفانوس اليدوي الصغير الذي يستخدم كميدالية، ويتدرج السعر حتى يصل لمائة وخمسين جنيهاً للفانوس الكبير الذي يعلق بالمساجد ومداخل الحارات في شهر رمضان ويُستخدم في الدعاية والإعلان. وتعد تجربة الفانوس الدمياطي، إحدى أبرز التجارب الناجحة لدعم قرارات حكومية لتشجيع حملة "صنع في مصر"، التي انطلقت العام الماضي، وتحدث عنها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في خطابه بمناسبة عيد العمال بداية مايو الجاري ولكن يبدو أن هناك معوقات تواجه تلك الحملة، وهو ما يشير إليه الدكتور تامر سليم مؤسس مبادرة "صنع في مصر"،والذي قال إن الحملة هدفها تشجيع المستهلك الأجنبي على استيراد المنتجات المصرية، وهو ما تحقق في نموذج الفانوس الدمياطي، إلا أن الأمر يحتاج إلى رؤية عامة من الحكومة لتحقيق الأهداف المرجوة منها، وإزالة العقبات التي مازالت تعوقها. وأكد سليم في تصريحات خاصة أن الحملة تسعى في الفترة المقبلة لتنظيم معارض دولية للترويج للصناعة المحلية، والفاعلية الأولى ستكون في مطلع أغسطس المقبل في أوروبا، وقد تحركنا الآن بشكل شخصي وخاطبنا المؤسسات الرسمية عدة مرات، ولكن بيروقراطية الحكومة حالت دون الحصول على الدعم اللازم. وأضاف أن المشاركين بالحملة ينسقون مع المصانع والشركات المصرية وطالبوا الوزارات بالمشاركة من خلال ممثلين لها، "وعلى الرغم من أننا أرسلنا خطابات الدعوة مرفقاً بها ما يفيد تحملنا لكل نفقات ممثلي الحكومة، كان ردهم علينا سيبونا نفكر".