يسعى طرفا الأزمة فى جماعة الإخوان، لاستخدام آليات الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق محمد مرسي، للسيطرة على مراكز القيادة بالتنظيم، عبر وثائق سحب الثقة، والتفويض، والانتخابات المبكرة لمكتب الإرشاد. ودخلت أزمة القيادة التي تمر بها الجماعة، منحى جديدا، مع إعلان اللجنة الإدارية العليا، ما أسمته "خارطة طريق"، لإنهاء الأزمة، تبعها إعلان محمد كمال، المحسوب على اللجنة ذاته، استقالته من مكتب الإرشاد، داعيًا فى الوقت ذاته قيادات "الحرس القديم"، للاستقالة. وإعلان الخارطة الجديدة من طرف واحد، قابله رفض من جانب جبهة القائم بأعمال المرشد العام للجماعة محمود عزت "الحرس القديم". وتبع إعلان الخارطة، قيام مؤيدين ومحسوبين على جبهة القيادى محمد كمال (استقال مؤخرًا)، بتدشين وثيقة "على بصيرة"، للمطالبة بإجراء انتخابات داخلية بالجماعة. واتهم عز الدين دويدار، المنسق العام للوثيقة، جبهة القائم بأعمال المرشد "محمود عزت"، بملاحقة أعضاء الجماعة الموقعين على الوثيقة. وقال "دويدار" عبر صفحته بموقع "فيس بوك"، إن "الرابطة (محسوبة على جبهة عزت)، تهدد الموقعين على الوثيقة، بالتحقيق والفصل من الجماعة والعمل". غير أن القيادي بالجماعة "محمد سودان"، أكد أن "الجماعة لا تحجر على إرادة أحد"، وذلك فى رده على الاتهامات الواردة على لسان "دويدار". وقال سودان، في تصريحات ل"المصريون"، إن "هناك لجان تم إنشاؤها بواسطة مجلس الشورى العام، وبصدد عمل تعديلات اللائحة، وترتيب لانتخابات تكميلية بشكل مؤقت لحين إنهاء الأزمة، وأخرى تضع رؤى للعمل خلال الفترة القادمة نظرًا للمتغيرات المعاصرة والهجمة الشرسة على الجماعة بشكل محلي وإقليمي ودولي"، مطالبًا ب"عدم إعاقة عمل هذه اللجان الآن". وفسَّر أحد القيادات الشابة غير المحسوبة على أى من طرفي الأزمة، وثيقة "على بصيرة" بأنها "محاولة جديدة لمخاطبة الصف عن الأزمة الإخوانية"، مشيرًا إلى أنها "تضم أسماء منحازة أغلبها لجبهة محمد كمال". وقال المصدر (فضل عدم ذكر اسمه)، ل"المصريون"، إن "كل جبهة في الأزمة تحاول الضغط بأوراقها، وغالبية ضغوط جبهة كمال ومنتصر فيسبوكية (تأثيرها على فيسبوك فقط)". وأوضح المصدر أن "الكتلة الحرجة من الإخوان يخاطبها محمود عزت بمسارات واضحة رسمية"، مضيفًا: "منسق وثيقة بصيرة عز الدين دويدار يحرق مطالب جيدة لجبهة كمال، بهذا الإلحاح (دون أن يوضح طبيعة الإلحاح)". ومن أبرز الموقعين على وثيقة "على بصيرة": "البرلماني السابق عبد الغفار صالحين، البرلماني السابق عزب مصطفى، حسن خليل مسئول المكتب الإعلامي لحراك الشباب بالداخل، الشيخ عصام حلمي تليمة، أحمدي قاسم محمد النائب البرلماني وعضو شورى الإخوان المصريين بالسودان، منى منصور إخوان الداخل القاهرة، أميمة أسامة إخوان الداخل القاهرة، رضا فهمي – رئيس لجنة الأمن القومي بالبرلمان السابق". ووقع لدى أمانة الوثيقة حتى الآن 253 إخوانيا، من عدة محافظات مصرية، كما تضم قائمة الموقعين إخوان من بلدان: "قطر – تركيا – السودان – إيطاليا – الولاياتالمتحدة – ماليزيا – إندونيسيا – الصومال – الكويت – السعودية – الصين – أستراليا – سلطنة عمان – تنزانيا – بريطانيا". كما تضم الوثيقة موقعين من سجون "مزرعة طره – العقرب – برج العرب – سجن الزقازيق – سجن الكيلو عشرة ونص بالجيزة". ومطلع الأسبوع الماضي، أعلنت اللجنة الإدارية العليا (المعنية بإدارة شئون الإخوان في الداخل) "خارطة طريق" لإنهاء الأزمة، تضمنت عدة نقاط محورية حول "إجراء انتخابات شاملة، ورجوع طرفي الأزمة خطوة للوراء". وتضمنت خارطة اللجنة الإدارية العليا الدعوة إلى "إجراء انتخابات شاملة وفق اللائحة القديمة بكل مكاتب الجمهورية بدءًا من شورى الشعبة (أصغر وحدة تنظيمية بالجماعة)، وانتهاء بشورى المحافظة، وكل المكاتب التنفيذية خلال مايو الحالي، وانتخاب حصة المحافظة بالشورى العام وفق اللائحة خلال الأسبوع الأول من يونيو، وتأجيل اعتماد اللائحة العامة الجديدة للجماعة حتى يتم انعقاد مجلس الشورى العام الجديد للجماعة (هيئة تنفيذية عليا)". وعقب إعلان "خارطة الطريق"، بثلاثة أيام، أعلن محمد كمال، عضو مكتب الإرشاد استقالته من كل التشكيلات الإدارية بالجماعة، وعدم ترشحه في أي موقع تنفيذي مستقبلا في أية إدارة جديدة، داعيًا إلى إجراء انتخابات داخلية شاملة، لإنهاء الأزمة، غير أن الخطوات السابقة التي اتخذتها "الإدارية العليا"، قابلها رفض من جبهة "عزت" والمكاتب المناصرة له. وبدوره ثمن مكتب الإخوان المسلمين في الخارج، خارطة طريق الأزمة الداخلية، وإعلان محمد كمال، استقالته. وقال المكتب، في بيان، إن كمال ضرب المثل بعدم التمسك بمناصب قيادية والرجوع للصف لاختيار قياداته المناسبة للمرحلة. إلا أن قطاع الصعيد، بجماعة الإخوان، الذي يشمل المكاتب الإدارية في "أسوان - قنا - سوهاج - أسيوط"، أعلن رفضه للخارطة التي كشفت عنها "اللجنة الإدارية العليا"، وجدد مبايعته لجبهة محمود عزت، واعتبرها "المؤسسة الشرعية القائمة لإدارة الجماعة". وقالت المكاتب الإدارية الأربعة في بيان موحد، إن "دعوة بعض الإخوان الذين يطلقون على أنفسهم اسم اللجنة الإدارية العليا لإجراء انتخابات جديدة شاملة، جاءت بعيدة عن الإجراءات المؤسسية التي أقرها مجلس الشورى العام فى انعقاده الأخير في مارس الماضي". وتشهد جماعة الإخوان المسلمين خلافات داخلية، وصلت ذروتها في ديسمبر الماضي، عقب إعلان مكتب الإخوان المسلمين في لندن، إقالة الشاب محمد منتصر (اسم حركي مقيم داخل مصر)، من مهمته كمتحدث إعلامي باسم الجماعة، وتعيين طلعت فهمي (55 عامًا) متحدثًا جديدًا بدلًا منه. وآخر تلك المحاولات لحل الأزمة كانت فى فبراير الماضي، بإعلان توافق حول مبادرة الشيخ يوسف القرضاوي، بشأن إجراء انتخابات داخلية، غير أنها لم تنفذ وفق ظروف أمنية تواجهها الجماعة، منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي في 3 يوليو 2013.