جحا شخصية فكاهية انتشرت في كثير من الثقافات القديمة ونسبت إلى شخصيات عديدة عاشت في عصور ومجتمعات مختلفة. فقيل إن جحا هو أبو الغصن دُجين الفزاري الذي عاصر الدولة الأموية. وقيل إن جحا هو الشيخ نصر الدين خوجة الرومي الذي عاش في قونية معاصرًا الحكم المغولي لبلاد الأناضول ومعظم القصص المعروفة في الأدب العالمي تنسب له. وقيل إنه أبو نواس البغدادي الذي كان المرافق الخاص لهارون الرشيد وشاعره والمرافق الشخصي له وقد عرف عن أبو نواس البغدادي بفكاهته وسعة حيلته وقد اشتهرت هذه الشخصية لاحقًا باسم جحا ببلاد ما بين النهرين. وبعودة بسيطة إلى التاريخ نكتشف أن كل هذه الشخصيات في تلك الأمم قد ولدت واشتهرت في القرون المتأخرة، ما يدل أنها كونت شخصياتها بناء على شخصية دجين العربية الذي سبقهم. بل إنك تجد الطرائف الواردة في كتاب "نوادر جحا" هي نفسها مستعملة في نوادر الأمم الأخرى ولم يختلف فيها غير أسماء المدن والملوك وتاريخ وقوع الحكاية ما يدل على الأصل العربي لهذه الشخصية. فكل الشعوب وكل الأمم صمّمت لها (جحا) خاص بها بما يتلاءم مع طبيعتها وظروف الحياة الاجتماعية فيها. ومع أن الأسماء تختلف وشكل الحكايات ربما يختلف أيضًا، ولكن شخصية (جحا) الذكي البارع الذي يدعي الحماقة وحماره لم تتغيّر وهكذا تجد شخصية نصر الدين خوجة في تركيا، وملا نصر الدين في إيران وكوردستان. ومن الشخصيات التي شابهت جحا بالشخصية إلا أنها لم تكن به فنذكر غابروفو بلغاريا المحبوب، وأرتين أرمينيا صاحب اللسان السليط، وآرو يوغسلافيا المغفل. وشخصية جحا ترمز إلى رجل فقير كان يعيش حياته بطريقة مختلفة ويتماشى مع الأحداث والمواقف التى تعترض يومه بأسلوب ظريف. فهو كان يتصرف بذكاء كوميدي ساخر على الأحداث التى كان يعيشها فانتشرت قصصه ومواقفه التى كان يتعامل معها في حياته اليومية وكانت تنتقل قصصه من شخص إلى آخر ما نتج عن ذلك تأليف الكثير من الأحداث الخيالية على قصصه الحقيقية فكل شخص كان يروي قصصه بطريقته الخاصة ومنهم حتى من نسب أعماله وتصرفاته لشخص آخر أو شخص خيالي وعن أهم الأوصاف التى كان يتحلى بها جحا انه كان ظريفًا فطنًا وذكيًا متسامحًا، ووصفه البعض بالحماقة والتغفيل وأقدم قصص جحا تعود للقرن الأول الهجري أي القرن السابع الميلادي وتعود لدُجين بن ثابت الفزاري. حينما مر به عيسى بن موسى الهاشمي وهو يحفر بظهر الكوفة موضعًا فقال له: مالك يا أبا الغصن? قال: إني قد دفنت في هذه الصحراء دراهم ولست أهتدي إلى مكانها. فقال عيسى: كان يجب أن تجعل عليها علامة. قال: قد فعلت. قال ماذا؟قال: سحابة في السماء كانت تظلها ولست أرى العلامة. ومن حمقه أيضًا أنه خرج من منزله يومًا فعثر في دهليز منزله بقتيل فضجر به، وجره إلى بئر منزله فألقاه فيها، فنذر به أبوه فأخرجه وغيبه وخنق كبشًا حتى قتله وألقاه في البئر. ثم إن أهل القتيل طافوا في سكك الكوفة يبحثون عنه فتلقاهم جحا فقال: في دارنا رجل مقتول فانظروا أهو صاحبكم. فعدلوا إلى منزله، وأنزلوه في البئر فلما رأى الكبش ناداهم وقال: يا هؤلاء، هل كان لصاحبكم قرن؟ فضحكوا ومروا.