رغم مرور أكثر من 90 يومًا على تشكيل مجلس النواب، واستكمال الاستحقاق الثالث من خارطة الطريق، إلا أن البرلمان لا يزال في إجازة حتى اليوم، مما أثار غضب العديد من الأطياف المجتمع، الذين يعتبرون أن السلطة التشريعية هي المتحدث الرسمي للشعب، لأن أعضاء المجلس هم مَن يتولون إقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة للدولة، فضلاً عن ممارسة الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية وهي الحكومة. ورصدت " المصريون" أبرز الأزمات التي هزت الرأي العام، التي كان يجب أن تطرح على البرلمان في ظل وجود سلطة تشريعية.
الطائرة الروسية أولى الأزمات التي عصفت بمصر وتسببت في ضرب قطاع السياحة الذي يعتبر المصدر الثاني للعملة الأجنبية هي سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء، مما تسبب في مقتل جميع ركابها وطاقمها البالغ عددهم 224شخصًا. وأعلن بعدها شريف إسماعيل، رئيس الحكومة أن إيرادات السياحة تراجعت بنحو 1.3 مليار دولار منذ تحطم الطائرة الروسية، فيما أغلقت عشرات الفنادق السياحية وشرد آلاف العاملين بالقطاع الذي يوصف بالحيوي. واعترفت مصر بعدها بأن الحادث نفذ من قبل إرهابيين وتبناه تنظيم ولاية سيناء المسلح، ومرت أربعة أشهر من عمر البرلمان المصري إلا أنه لم يفكر أحد النواب في الإقدام على مساءلة الحكومة عن الحادث، لا سيما بعض طلبات الإحاطة التي خرجت على استحياء حول تأمين المطارات بعد مخالفات أمنية بالمطارات. ريجيني أكبر الأزمات جاءت قضية الطالب الإيطالي "جوليو ريجينى" الذي عثر على جثته بطريق مصر الإسكندرية الصحراوي مطلع فبراير الماضي وعليها آثار تعذيب، التي تعد الأبرز، فالقضية تهدد العلاقات الدبلوماسية بين القاهرةوروما، بعد اتهام الجانب الإيطالي مصر بالتسويف ومحاولة تزييف الحقائق. فقبل أيام، استدعت إيطاليا سفيرها بالقاهرة بعد فشل الوفد المصري الذي سافر إلى روما الأسبوع الماضي، في إقناع فريق المحققين الطليان بتفاصيل الواقعة، بعد تقديمهم لقرابة 2000 وثيقة. كما اتهمت بعض الصحف الإيطالية أحد ضباط الشرطة المصرية بمقتل "ريجيني" وهو ما لم تعلق عليه الحكومة المصرية بشكل رسمي، ولم يتفاعل معه أعضاء مجلس النواب بالسؤال عن أعمال العنف التي تقع داخل أماكن الاحتجاز. وطالبت إيطاليا من مصر بفتح تحقيق موسع بشأن تعذيب أحد مواطنيها بالقاهرة، إلا أن رئيس مجلس النواب الدكتور علي عبدالعال كلما يتطرق أي نائب للأزمة يطلب منهم عدم الخوض بالحديث حول الأزمة، وهو ما يثير العديد من التساؤلات فكيف لمجلس يراقب الحكومة يصمت حول أزمة تهدد العلاقات مع دولة أخرى!
جنينة والفساد كما غاب البرلمان عن أزمة المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، الذي أقيل مؤخرًا بعد أن قدم تقريرًا قال فيه إن حجم الفساد بمصر يصل ل 600 مليار جنيه، ورغم تقدم بعض النواب بطلب لتشكيل لجنة للتحقيق في تقرير جنينة، إلا أن الأمر لم يمر على عتبات المجلس ثانية. ملف سد النهضة من أخطر الملفات التي لم يناقشها البرلمان حتى الآن، خاصة بعد أن أعلنت إثيوبيا عدم تراجعها عن استكمال بناء سد النهضة، رغم المفاوضات المستمرة مع الجانب المصري، التي لا تنتهي بنتائج إيجابية في كل مرة، ولا يجد الشعب من النظام الحالي سوى تصريحات رنانة وخطب عنترية لا تسمن ولا تغني من جوع، فارغة من مضمونها في الوقت الذي تواصل فيها إثيوبيا بناء السد وتؤكد على لسان وزير مياهها أنها ماضية في بناء السد ولن تتوقف ولو لحظة واحدة وأن الافتتاح سيكون خلال عام 2017م. أزمة الشرطة مع الشعب مازال الطريق حول تحسين العلاقة بين رجال الشرطة والمواطن المصري، محفوفًا بالكثير من الصعاب، حيث لما تتغير العلاقة بين الشعب والداخلية والتي ازدادت حدة الاحتقان في الآونة الأخيرة، وعلى الرغم من أن جهاز الشرطة يواجه حربًا شرسة من الإرهاب التي نالت من شهدائنا الأبرار، ومن المواطنين الأبرياء، والشرطة، إلا أن المواطن غير راضٍ عن أدائهم، وبالتالي لم تقدم الحكومة الحالية حلولًا في برنامجها أمام البرلمان لتحسين العلاقة مع المواطن المصري والشرطة.
تيران وصنافير أما الأزمة الأخيرة والتي أثارت غضب العديد من أطياف المجتمع، كانت لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية والتي أقرت مصر بموجبها بملكية جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية، وهو ما رفضه البعض. وخرج على إثرها آلاف المتظاهرين المحتجين على الاتفاقية التي قامت بين النظام الحالي والنظام السعودية والتي كنت في مقبلها التنازل على الجزرتين "تيران وصنافير" التي يراها البعض أنها من حق السعودية ويراها البعض الآخر أنه جزء لا يتجزأ من مصر. وخرجت حملات رافضة للاتفاقية من بعض النشطاء والمعارضين والمؤيدين للنظام، والذين أكدوا على تظاهرهم يوم الجمعة الماضي تحت شعار "عواد باع أرضه" ورغم تعدد المطالب المقدمة لأعضاء المجلس لمراجعة الاتفاقية التي وقعتها الحكومة، إلا أن مشهد النواب في استقبال الملك سلمان بن عبدالعزيز بمقر البرلمان يوحي بالقبول دون مناقشة على حد وصف البعض.