أثار توقيع الرئيس عبدالفتاح السيسي على اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية، والتي تضمنت أحقية الأخيرة في جزيرتي "صنافير وتيران"، معارضة الشارع المصري عامة والأحزاب المحسوبة على النظام الحالي خاصة. «الكرامة»: مخزية استنكر حزب الكرامة تنازل مصر عن جزيرتي صنافير وتيران للملك سلمان، خادم الحرمين الشريفين، مؤكدًا أن الجزيرتين تخضعان لمصر تاريخيًا وإداريًا قبل إنشاء المملكة العربية السعودية ذاتها. وأضاف الكرامة في بيان، أنهم يرفضون تنازل النظام عن الجزيرتين مقابل المال، واصفًا سياسة الحكومة المصرية ب"التسول والفشل". ومن جانبهم، بدأ شباب الحزب في اتخاذ الإجراءات القانونية ضد هذه الاتفاقية لمخالفتها للدستور والقانون المصري، داعين لتدشين حملة ضد بيع مصر. فيما طالب الحزب من النظام المصري، بالإفراج الفوري عن شبابه الذين تم إلقاء القبض عليهم؛ إثر تظاهرهم ضد اتفاقيات بيع مصر "القائمة على قدم وساق لمن يدفع أكثر"، حسب وصفهم، مؤكدين بأنهم بصدد تنظيم تصعيد شعبي عارم ضد النظام إن لم يبدأ في إعلان سحب التوقيع على تلك الاتفاقية المخزية. من جهته، يقول محمد سامي، رئيس حزب الكرامة، إن "قرار الرئيس عبدالفتاح السيسي بشأن الجزيرتين قرار مفاجئ ومرفوض جملةً وتفصيلًا". أضاف سامي في تصريح ل"لمصريون" أن هذا القرار يعتبر هدمًا للتاريخ المصري الذي ينص على أن الجزيرتين مصريتان بامتياز ولا جدال في هذا. وأشار إلى أن زيارة الملك سلمان تهدف في المقام الأول إلى إبرام هذه الاتفاقية، وأنها زيارة غير مناسبة في هذا التوقيت، وتمثل إحراجًا للطرفين، مطالبًا الرئيس السيسى بإجراء استفتاء شعبي من خلال البرلمان. «مصر العربي الاشتراكي»: لابد من التحكيم الدولي من جانبه، قال اللواء عادل القلا، رئيس حزب مصر العربي الاشتراكي، إنه من المفترض قبل إعلان أي اتفاقية أن يلجأ كلا الطرفين إلى التحكيم الدولي. أضاف القلا في تصريح ل"المصريون" أن "تيران وصنافير" مصريتان منذ عام 1955، كما نصت اتفاقية 1906على أنهما تابعتان للسيادة المصرية. وأشار إلى أن الرئيس جمال عبدالناصر دافع عن الجزيرتين، وكانتا سببًا رئيسيًا في اندلاع حرب 67. وفى السياق ذاته، اعتبر هلال عبدالحميد، عضو الهيئة العليا للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، أن التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، يُخالف المادة 151 من الدستور، معتبرًا أنه يجب استفتاء الشعب على ترسيم الحدود بين البلدين. وفى بيان صدر، اليوم، طالب الحزب، البرلمان، برفض الاتفاقية، مضيفًا: "الرئاسة والحكومة فاجأتا الشعب المصري كله باتفاقية ترسيم الحدود". فيما استنكر مدحت الزاهد، القائم بأعمال رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، مفاجأة الحكومة والرئاسة للشعب المصري بتوقيع الاتفاقية. أضاف الزاهد في تصريح ل"المصريون": "كان لابد من طرح بنود تلك الاتفاقية للحوار المجتمعي أولاً؛ لأنها قضية تتعلق بحدود الدولة وسيادتها على أراضيها"، مستطردًا: "حدود مصر مستقرة تاريخيًا وغير قابلة للإهداء والمجاملات حتى ولو كان ذلك بسبب الظروف والأزمات الاقتصادية ولا يجب التفريط فيها تحت أي ظرف، ويجب أن يتم تفعيل المادة 151 من الدستور وطرح الأمر على البرلمان وكذلك طرح الاتفاقية للاستفتاء الشعبي لأنه أمر سيادي". وطالب القائم بأعمال رئيس حزب التحالف الشعبي، بالكشف عن تفاصيل الاتفاقية وحقوق كل الأطراف، مشددًا على ضرورة أن تكون علاقة مصر مع كل القوى الإقليمية قائمة على أساس التكافؤ دون المساس بجوهر سيادة مصر على أراضيها وأمنها وكرامتها. الاحتكام للدستور والاستفتاء الشعبي استنكر المهندس حمدي السطوحي، رئيس حزب العدل، ما وصفه بغياب الشفافية والمؤسسية عن أداء مؤسسات الدولة تجاه الشعب، مشيرًا إلى أنه كان لابد من الاحتكام للدستور والاستفتاء الشعبي قبل التوقيع على الاتفاقية وتوضيح موقف الجزيرتين بدقة. وأوضح السطوحي أن وضع الجزيرتين منذ عهد الدولة العثمانية يؤكد ضمهما تحت السيادة المصرية، لافتًا إلى أن قوانين الملاحة الدولية تنص على أنه حال وجود مضيق ساحلي يتم أخذ المسافة بين الجزيرة وبين كل دولة تمر أراضيها بالمضيق، وتكون التبعية لأقرب دولة، مما يضع تبعية الجزيرتين للأراضي المصرية وفقًا لقوانين الملاحة الدولية. وأضاف السطوحي: "للأسف هناك غياب لأي معلومات دقيقة موثّقة عن وضع الجزيرتين لدى الحكومة المصرية، وهو ما سبّب الجدل الحالي"، مطالبًا بالكشف عن أي معلومات صحيحة ومدققة وإخضاع وضع الجزيرتين للتحكيم الدولي كما حدث من قبل مع قضية طابا، وليس من العيب أن نلجأ للتحكيم الدولي مع الأصدقاء، خاصة في ظل الموقع الاستراتيجى للجزيرتين وعلاقتهما بحدود مصر وسيادة أراضيها". وتابع: "الجزيرتان بهما ثروات معدنية وموقعهما مهم، ومصر بها 100 تيران وصنافير أخرى ولكن لا أحد يعرفهم، لأننا اعتدنا ألا نلتفت لأهمية مواردنا إلا بعد أن تحظى باهتمام خارجي؛ فمصر لم تكن تدرك أهمية سيناء قبل أن تحتلها إسرائيل وتضع أعينها عليها، وأتمنى أن يستفيد المصريون من مصر ومواردها بدلا من الآخرين"، حد قوله.
الكشف عن تفاصيل الاتفاقية لم يبتعد كثيرًا المهندس باسم كامل، نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، حيث قال: "الدولة لم توفر معلومات كاملة ومُفصّلة حول الاتفاقية ووضع الجزيرتين"، متسائلاً: "لو كانت الجزيرتان تابعتين طوال هذا الوقت للسعودية فلماذا يتم إرجاعهما الآن مقابل اتفاقية تنص على حصول مصر على منفعة اقتصادية منهما؟ وإذا كانت الجزيرتان مصريتين لماذا تم توقيع الاتفاق مع السعودية وما الذي يمكن أن تقدمه السعودية في مجال التنقيب والاستكشاف للموارد ولا نستطيع نحن القيام به؟". وأكد كامل أن هناك ضرورة؛ لأن تمد الدولة الشعب بمعلومات واضحة وصحيحة والكشف عن تفاصيل الاتفاقية بدقة والامتيازات التي ستفيد مصر. مخالف للدستور كما أصدر حزب الوفد بيانًا على لسان المتحدث الرسمي للحزب الدكتور محمد فؤاد، قال فيه إن المادة "151" من الدستور تحمى حقوق السيادة المصرية على كل شبر من أرض مصر، إذ تنص المادة على أنه لا يجوز إبرام أي معاهدة تخالف أحكام الدستور أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة، وهذا نص صريح لا يقبل التأويل أو التفسير.
وأضاف الوفد، بحسب البيان، أن ما تشهده الساحة السياسية والإعلامية من اجتهادات متباينة وآراء ينطلق معظمها من المسئولية الوطنية وبعيدًا عن ردود الفعل المتعجلة، متابعًا: "الأمر يحتاج إلى دراسة متأنية من لجنة وطنية من الخبراء لدراسة الاتفاقية السعودية المصرية الخاصة بترسيم الحدود البحرية وفقًا للقانون الدولي واستنادًا إلى الوثائق التاريخية الثابتة فيما يتعلق بجزيرتي صنافير وتيران؛ فالسيادة على أرض الوطن لا تخضع للتحليلات السياسية والإعلامية أو وجهات النظر". ولفت المتحدث الرسمي إلى أن أهم ثوابت الوفد التاريخية هو احترام الدستور وسيادة القانون، ولقد أقسم نواب الوفد أمام شعب مصر على احترام الدستور والقانون، كما أقسموا على أن يحافظوا على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه، من هنا فإننا ملتزمون أمام شعب مصر بالحفاظ على وحدة أراضى الوطن دون الانسياق إلى ردود الفعل المتعجلة؛ لأنه في النهاية سنحترم جميعًا قرار الشعب المصري وفقًا لأحكام الدستور والقانون. أعلن مجلس الوزراء، السبت الماضى، تبعية جزيرتي “تيران” و”صنافير” الواقعتين بالبحر الأحمر للسعودية وفقًا لاتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين. وبحسب الدستور المصري، فإن اتفاقية ترسيم الحدود التى وقّعت عليه مصر والسعودية، يجب أن تعرض على مجلس النواب الذي يهيمن عليه أغلبية تؤيد النظام المصري، من أجل المناقشة والتصديق أو الرفض. وتنص المادة 151 من دستور مصر لعام 2014 على أن "رئيس الجمهورية يمثل الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا لأحكام الدستور، ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة، وفى جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة". وتقع جزيرة "تيران"، في مدخل مضيق تيران، الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر، وتبعد 6 كم عن ساحل سيناء الشرقي، وتبلغ مساحتها 80 كيلومترًا مربعًا، أما جزيرة "صنافير" فتقع بجوار جزيرة تيران من ناحية الشرق، وتبلغ مساحتها نحو 33 كيلومترًا مربعًا.