شهدت تونس حادثة لافتة ترتبط باحتجاجات عاطلين عن العمل أعادت للأذهان الشاب محمد البوعزيزي الذي أشعل بإحراقه نفسه الربيع العربي برمته. فقد نظم سكان جزيرة قرقنة، التي تتبع محافظة صفاقس، جنوبي تونس، اليوم الثلاثاء، 12 أبريل 2016، إضراباً عاماً على خلفية فضّ اعتصام لعاطلين عن العمل بالقوة أمام شركة نفطية بعد أن قالت الحكومة إنهم اعتدوا على الأمن. الإضراب جاء استجابه لدعوة من الفرع المحلي ل"الاتحاد العام التونسي للشغل" (منظمة نقابية) في قرقنة؛ احتجاجًا على قيام قوات الأمن في 4 أبريل 2016 باستخدام القوة لفضّ اعتصام نظّمه عاطلون عن العمل أمام مقر شركة "بتروفاك" النفطية، وإيقاف 4 من المشاركين في الاعتصام. وحول مدى نجاح الإضراب العام، قال أمين عام الاتحاد المحلي للشغل في قرقنة، محمد علي عروس، ل"الأناضول" إنه "سجل نجاحاً في بدايته قارب 100%؛ إذ شاركت فيه جميع القطاعات الخاصّة منها، والحكومية، ما عدا المرافق الحساسة كالصيدليات والمخابز حفاظاً على ضروريات معيشة المواطن".. حسب قوله. وفي إطار هذا الإضراب، انطلقت مسيرة من أمام مقر الاتحاد المحلي للشغل شارك فيها المئات من أهالي جزيرة قرقنة، مرددين هتافات من قبيل: "سيبوا أولادنا وطيروا من بلادنا"، و"يا حكومة عار عار.. تباعت (بِيعَت) تونس بالدولار". وفي سياق متصل، يعتزم أهالي من جزيرة قرقنة مقيمون في مدينة صفاقس، عاصمة المحافظة التي تحمل الاسم ذاته، تنظيم وقفة احتجاجية "سلميّة"، مساء الثلاثاء 12 أبريل 2016، أمام مقر المحافظة (مقر الحكم المحلي)؛ للتعبير عن تضامنهم مع سكان الجزيرة، والمطالبة بالتنمية والتشغيل، وإطلاق سراح الموقوفين. ولم تعلق السلطات التونسية على مدى نجاح الإضراب العام في قرقنة حتى بعد ظهر اليوم، ولم ترد على مطالب المضربين، التي تتضمن إطلاق سراح الأربعة المقبوض عليهم. وتعود القضية إلى العام الماضي عندما اعتصم عدد من أصحاب الشهادات الجامعية العاطلين عن العمل أمام مقر شركة "بيتروفاك" في جزيرة قرقنة؛ بهدف الضغط على السلطات لإيجاد فرصة عمل لهم. واختار المعتصمون شركة "بيتروفاك" على اعتبار أنها شركة استراتيجية، واعتصامهم أمامها، الذي تسبب في تعطيل العمل بالشركة لفترات طويلة، سيُجبر السلطات على الاستجابة لمطالبهم. بالفعل أبرم "اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل" (تجمّع للعاطلين عن العمل) و"الاتحاد التونسي العام للشغل" اتفاقاً مع ممثلين عن وزارتي الطاقة والشؤون الاجتماعية وشركة "بيتروفاك"، يقضي بتوفير فرص عمل للمعتصمين عبر إنشاء شركة بيئية تستوعبهم. لكن الطرف الحكومي "ماطل ولم يلتزم بتعهّداته" في هذا الاتفاق، حسب ما قالت ل"الأناضول" مصادر من "اتحاد أصحاب الشهادات المعطلين عن العمل"، الأمر الذي جعل المعطلين يعيدون اعتصامهم أمام شركة "بيتروفاك" في يناير 2016. وفجر يوم 4 أبريل 2016، قامت قوات الأمن بفضّ الاعتصام بالقوة، وألقت القبض على 4 من المعتصمين. وقالت وزارة الداخلية التونسية في بيان، آنذاك، إن المعتصمين اعتدوا على قوات الأمن، وأسفر الأمر عن تحطيم حافلتين وسيّارتي أمن، وجُرح أحد عناصر الأمن. وكان المدير العام لشركة "بتروفاك" في تونس، عماد درويش، قال لإحدى وسائل الإعلام التونسية الخاصة، في وقت سابق، إن "الشركة تفكر جديًا في مغادرة تونس؛ بسبب التعطيل المتكرر لنشاطها، الذي يكبدها خسائر كبيرة تقدر بنحو 200 ألف دينار (100 ألف دولار) في اليوم الواحد". وتوفر شركة بتروفاك (مقرها لندن) نحو 12.5% من حاجيات تونس من الغاز، وتمتلك 45% من مشروع استغلال الغاز بجزيرة قرقنة، فيما تمتلك "المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية" (حكومية) 55% منه.