توقع خبيران في الشأن الدولي والحقوقي أن تلجأ إيطاليا إلى الاتحاد الأوروبي في إطار مساعيها لحل قضية مقتل مواطنها "جوليو ريجيني" في مصر، الأمر الذي قد يعرض الأخيرة لإجراءات "عقابية" من دول الاتحاد وفتح ملفها الحقوقي "المتدهور". التحقيق الإيطالي المنفرد في قضية مقتل ريجيني، وطلب متهمين مصريين عبر الإنتربول الدولي، وتقديم شكوى للجهات الدولية ضد النظام المصري، هي إحدى السيناريوهات التي يتوقعها أحمد مفرح، الباحث الحقوقي، بخصوص تطور قضية "ريجيني". ووفق السفارة الإيطالية، فإن الباحث الإيطالي جوليو ريجيني (28 عاماً)، "كان موجوداً في القاهرة منذ سبتمبر،لتحضير أطروحة دكتوراه حول الاقتصاد المصري، واختفى مساء 25 يناير الماضي، في حي الدقي ، حيث كان لديه موعدًا مع أحد المصريين، قبل أن يظهر في فبرايرالماضي، مقتولًا وعليه آثار تعذيب وحشية". وقال مفرح للأناضول، "طبقًا للمعلومات المتاحة، فإن جهاز التحقيق الإيطالي بدأ في التحقيقات الخاصة بقضية مقتل ريجيني، وقام باستلام الجثة، وانتدب هيئة من الطب الشرعي لتوقيع الكشف عليه، والذي أظهر وجود آثار تعذيب وحشي على جسده، أدت إلى الوفاة، وعليه فإن الأمر الآن يدخل في إطار شبهة جنائية، يجب أن يقدم إليها متهمون جنائيون". "مفرح" اعتبر استدعاء إيطاليا لسفيرها في القاهرة، دليل على فشل المفاوضات المصرية الايطالية، التي جرت يومي الخميس والجمعة الماضيين قائلًا، "سلطات التحقيق الإيطالية ستكون أمام خيارين، الأول المضي قدمًا في التحقيقات والاعتماد على ما لديها من معلومات وتقديمها إلى القضاء الإيطالي". أما الخيار الثاني بحسب مفرح، فهو "التوقف حيث انتهت التحقيقات إلى أن تظهر معلومات جديدة، إلا أنه في هذه الحالة فإن جهات التحقيق الإيطالية ستقوم بتقديم كافة المعلومات المتاحة لديها سواء التي وصلتها عبر وسائل الإعلام وقامت بتحليلها، وأثبتت الشواهد صدقها أو عبر زيارة محققيها إلى القاهرة، الأمر الذي سيعطيها حق توسيع دائرة الشبهات لضم أطراف تقع حولهم الشكوك، أو توجد أدلة على ارتباط أسمائهم بجريمة القتل، وفي هذه الحالة سيطالب القضاء الإيطالي بإصدار مذكرة توقيف دولية بحق هؤلاء المصريين المشتبه بهم". وتابع مفرح، "إذا لم تتعاون الحكومة المصرية في تقديم المتهمين الذين سمتهم السلطات الإيطالية في مذكرتها، فإن الحكومة الإيطالية من الممكن أن تصعد الأمر إلى الاتحاد الأوروبي، وكذلك إلى الإنتربول الدولي فيتم تعميمه كذلك على مستوى العالم". سعيد صادق، أستاذ السياسة الدولية بالجامعة الأمريكية، توقع في حديثه مع "الأناضول"، سيناريوهين، محذرًا من أن تصل مصر "في ظل التحركات المريبة وغير الواضحة بخصوص مقتل ريجيني إلى أن تصبح قضية ريجيني هي (لوكربي 2)". وقضية "لوكربي" هي قضية جنائية ترتبت على سقوط طائرة ركاب أميركية أثناء تحليقها فوق قرية لوكربي بإسكتلندا عام 1988، وصدر في الولاياتالمتحدة الأميركية وبريطانيا في 13 نوفمبر 1991 أمر بالقبض على ليبيين اثنين اشتبه في مسؤليتهما عن تفجير الطائرة، وعلى الفور رفضت ليبيا الطلب وبدأ القضاء الليبي التحقيق في الاتهام، وأوقف المواطنان الليبيان، وطلب من الدولتين تقديم ما لديهما من أدلة ضدّهما، وتطورت القضية إلى توقيع عقوبات ضد ليببا. وقال صادق، "أتصور أن استدعاء إيطاليا لسفيرها بالقاهرة للتشاور يعتبر تصعيدًا دبلوماسيًا، فإما تعبيرًا عن امتعاض من الإجراءات المصرية، والاحتفاظ بالسفير الإيطالي لشهور تهدئة للرأي العام الإيطالي من جانب وضغطًا على مصر من جانب آخر، أو أنه بداية لتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي الإيطالي في مصر قد يصل إلى قطع العلاقات". وأضاف، "السيناريو الثاني هو أن يصعد البرلمان الأوروبي بقراراته الأخيرة غير الملزمة ضد مصر، ويقوم وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، باعتماد قرارات عقابية، وفتح ملف مصر الحقوقي المتدهور أوروبيًا". وأصدر البرلمان الأوروبي، بيانًا عاجلًا في 9 مارس 2016، أوصى خلاله دول الاتحاد الأوروبي، بحظر المساعدات إلى مصر، على خلفية مقتل ريجيني، التي اعتبرها البيان واحدة من عشرات قضايا الاختفاء القسري التي تمارس بحق النشطاء المصريين. وأشار صادق، إلى أن "قرار إيطاليا باستدعاء السفير، أثناء زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز للقاهرة، أمر شديد الخطورة، خاصة أنه يمس ثقة وسمعة الاستثمار بمصر في وقت حرج اقتصاديًا واستثمارات سعودية قادمة". وأوضح أن "سلوك النظام المصري فيما يخص قضية ريجيني مريب، ويجب أن يراجع على الفور، ويقدم المتهم عن قتل الشاب الإيطالي للجهات القضائية". وأمس الجمعة استدعى وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي باولو جينتيلوني، السفير الإيطالي في القاهرة ماوريتسيو مساري لإجراء مشاورات، فيما قالت وزارة الخارجية المصرية، إنها لم تبلغ رسميًا من إيطاليا، باستدعاء سفيرها". وكان لويجي مانكوني رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الإيطالي، أعلن فشل اجتماع المحققين والمسؤولين الأمنيين المصريين والإيطاليين حول واقعة مصرع الباحث الإيطالي جوليو ريجيني الذي عثر عليه مقتولاً في القاهرة في فبراير الماضي. ونقلت الإذاعة الرسمية عن مانكوني القول، "لقد أضيفت لوفاة جوليو ريجيني مأساة أخرى، فبعد شهرين ونصف من الأكاذيب المصرية، لا يمكننا استخدام عبارات ملطفة لإهانة ذكائنا من الجانب المصري، وها نحن نتحدث بتأخير مؤسف".