عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان: "إسلام مش أجنبي عشان تتقلب الدنيا عشانه".. "أبوذكرى": تهديد المنظمات بالغلق وراء عدم الاهتمام بريجيني المصري حقوقيون: تشابه الواقعتين دليل على أن الفاعل واحد
"ما أشبه اليوم بالبارحة" اختطاف وقتل وتصفية وصحراء، لعلك تقرأ قصة واحدة لكن الضحية اثنان، "ريجيني- إسلام عطيتو"، حادثتا تعذيب وتصفية، ولكن الجنسية مختلفة الأول إيطالي قامت الدنيا ولم تقعد حتى اللحظة، إيطاليا تضغط والبرلمان الأوروبي يهدد، والسياحة تنظر، والثاني مصري قضيته لم تأخذ أيامًا وأغلقت على بكرة أبيها فلا مجتمع مدنيًا ولا حقوقيًا يطالب بمعرفة مصير القضية. "ريجينى" جنسيته كانت الحائط الذى يستند عليه أهله وأصدقاؤه في المطالبة بحقوقه ربما كونه إيطاليًا هبة منحته الحق في استرداد حقه أو المحاربة للوصول إليه، "إسلام عطيتو" النسخة المصرية من ريجيني لم يكن لها الفرصة نفسها في الدفاع والحق، ربما كانت تهمته الأولى والأخيرة أنه مصري كما يرى البعض، واتجاهات عديدة بإلقاء اللوم على المنظمات المصرية لعدم الاهتمام، ربما وضعها فى وضع حرج وصورة مشينة، لكن أصواتًا عديدة حاولت تبرئة المنظمات المصرية من دماء ريجيني المصري، باعتبار أنها تلقى تضييقًا جعلها مهددة بالغلق.
القضيتان والفرق في تناولهما وصمة عار على الإعلام والمراكز الحقوقية في مصر، فالدم الرخيص والمواطن الرخيص مثلها عطيتو وصاحب المجتمع الدولي القوي والحكومة القوية كانت ومازالت خلف الطالب ريجيني، في 19 مايو الماضي، تم اختطاف إسلام صلاح الدين عطيتو، طالب بالفرقة الرابعة هندسة عين شمس، ذهب إلى جامعته ليؤدي امتحانات آخر العام، فإذا بقوات من الأمن تلقى القبض عليه من داخل الحرم الجامعي أو من أمامه، حسب رواية الطلاب.
بعد مرور 24 ساعة، وجدت جثة عطيتو في صحراء التجمع الخامس وأعلنت وزارة الداخلية في بيان لها، تصفيته بدعوى تورطه في مقتل العقيد وائل طاحون، الضابط بمصلحة الأمن العام، في حادث تبادل نيران رغم أن روايات أصدقائه تثبت اختطافه من قبل قوات الشرطة من أمام الجامعة، لتذهب روح إسلام ضحية صراع سياسي لا خاسر فيه إلا الشعب.
وفي اعتراف خطير يشكك في صحة ونزاهة رواية وزارة الداخلية حول مقتل الطالب "إسلام صلاح الدين"، أكد عميد كلية هندسة جامعة عين شمس الدكتور أيمن عاشور، أن الطالب إسلام، أدى امتحان الفترة الصباحية يوم الثلاثاء 19 مايو، مما يشكك بشكل كبير في صحة رواية الداخلية، ويؤكد أن الطالب تم اختطافه بالفعل من أمام كليته وعقب خروجه من الامتحانات، تمت تصفيته على يد الأجهزة الأمنية، لتموت القضية، وتحفظ في الأدراج، ليشاء الله أن تعود القصة مع طالب آخر لكنه إيطالي الجنسية لتنقلب الدنيا رأسًا على عقب ويتدخل المجتمع الدولي ويضغط.
وعلى الرغم من مرور شهرين فقط على حادثة الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، فكل يوم يتكلم عنه الرأي العام في الداخل والخارج، وسط حالة من الاستياء من تحقيقات السلطات المصرية المختلفة حول حقيقة مقتله.
وتعددت الروايات المصرية عن مقتل ريجيني.. أو مسلسل الإضافة والتراجع، والتراجع عنه.. من ادعاء مصرعه في حادث سير، إلى تحميل المسؤولية لعصابة ينتحل أفرادها صفة رجال الأمن، إلى إضافة أن أولئك المنتحِلين قد قُتلوا جميعًا في تبادل لإطلاق النار مع قوات الأمن..
كل ذلك لا يروي ظمأ الإيطاليين إلى معرفة الحقيقة، حول مقتل طالب ذهب لجمع معلومات لبحث يُعدّه، فأصبح جثة هامدة عليها كثير من آثار التعذيب، ليظل الباب مفتوحًا لرواية جديدة ترضي الطرف الآخر.. "ريجيني قتل وإسلام عطيتو قتل أيضًا" دماء الأول لم ولن تضيع هدرًا بفضل حكومته والمجتمع الدولي القوي الذي يسانده، والثاني إسلام عطيتو ريجيني المصري، لم يكن له حكومة أخرى أو مجتمع دولي يبكي عليه ويتابع قضيته ويحقق مع رواية الشرطة المصرية وينقدها ويجبرها على التراجع، فضاع دمه، وتقريبًا نسى الجميع قصته.
لم تهتم به المنظمات ولم تتم به الدولة ولم يجد أصدقاؤه بدًا من نشر روايته على مواقع التواصل الاجتماعى، ربما وجدوا منه المنبر الوحيد الذى لم يصادر كما يرى البعض، ليروى إسلام أبو المعارف أحد زملائه على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعى "فيس بوك" تفاصيل اليوم الأسود في حياة "عطيتو".
بدأت روايته في حوالى الساعة 10 و40 دقيقة كان مراقب اللجنة مشغولاً بحل مشكلة مع الطلبة وفي الوقت نفسه، دخل شخصان غير معروفين للجنة الامتحان بحثا عن طالب يدعى "إسلام"، وبمساعدة الشخص الذى يوزع ورقات الامتحان على الطلبة استطاع الرجلان التوصل لإسلام قائلين: "ابقي عدي علينا بعد الامتحان في شئون الطلبة عشان ناخد صورة من البطاقة بتاعتك عشان ناقصة في الورق بتاعك".
وتابع صديقه قائلا: "أنا اتعاملت مع شئون الطلبة والاتنين دول مش منهم، بعدها خرجوا من اللجنة وكملنا الوقت الباقي من الامتحان، وهو كان تلت ساعة ولأن إسلام مالهوش اختلاط جامد بالدفعة، فهو خلص الامتحان وخرج وكان فيه عدد كبير من الدفعة داخل اللجنة ودي كانت آخر مرة شوفناه فيها"، ربما كانت هذه المرة الأخيرة لرؤية وائل حيًا بعدها عثر عليه قتيلاً في الصحراء".
تشابه الأحداث وتخبط تصريحات وزارة الداخلية ربما كانت أبرز أسباب الربط بين القضيتين، إلا أن النتيجة تختلف فريجيني الإيطالي حاربت دولته من أجله ودافعت عنه المنظمات الدولية وأخذت تهدد وتتوعد الجانى، إلا أن النسخة المصرية لم تجد اهتمامًا، حيث قتل بعد اتهامه بقتل "طاحون" لتدفن النسخة المصرية دون بحث وراء الجانى.
"عبد القدوس": قدمنا العديد من البيانات ولم يستجب أحد في هذا السياق، قال محمد عبد القدوس، عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان، إن قضية إسلام لم تلق اهتمامًا على غرار قضية ريجينى، لأنه ليس أجنبيًا "عشان الدنيا تتقلب عشانه"، على حد قوله، لأن قضية ريجيني دولية لذا لقيت اهتمامًا كبيرًا، مشيرا إلى أن اعتبار أمن الدولة متهمًا بمقتل ريجيني أمر طبيعى ومتوقع، فهناك سوابق له في هذا المجال بالنسبة لضحايا الاختفاء القسري من المصريين.
وأشار عبد القدوس، في تصريحات ل"المصريون"، إلى أنه قدم العديد من البيانات وتحدث كثيرًا في قضية إسلام، إلا أن النتيجة كانت عدم الرد والاستجابة، لافتا إلى أن قضية إسلام ملحقة ضمن العشرات من القضايا المماثلة.
"أبوذكرى": نقص المعلومات في قضية إسلام أحد أسباب موت القضية
من جانبه، قال محمد أبو ذكرى، مدير مركز المناضل الحقوقى، إن الاهتمام بقضية ريجينى جاء من قبل المنظمات الدولية التى يهمها ريجيني باعتباره إيطالى الجنسية، مشيرًا إلى أن المنظمات المصرية، الأولى بالاهتمام بقضية إسلام.
وأشار أبو ذكرى، في تصريحات ل"المصريون"، أن العامل الذى منع المنظمات المصرية من تبني هذه القضية هو أن معظم المنظمات المصرية في حالة شبه إغلاق عقب قضية التمويل، موضحا أن هناك ما يقرب من 190 منظمة في طريقها للغلق والتخوفات الأمنية هى السبب في البعد عن أغلب القضايا السياسية.
وأضاف أبو ذكرى، أن هناك سببًا آخر حال دون الاهتمام بالقضية، قد يكون قلة المعلومات المرتبطة بقضية إسلام، مؤكدا أن نقص المعلومات يؤثر بشكل سلبي على عمل المنظمات في العديد من الحالات.