سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الأمن المركزى العصا الغليظة التى حكم بها مبارك شعبه لمدة ثلاثين عامًا..جندى أمن مركزى شاهد على أحداث يناير: أركبونا السيارات ولم نعرف وجهتنا إلى أن فوجئنا أننا فى التحرير
كان رموز النظام السابق قبل اندلاع أحداث ثورة 25 يناير، يراهنون على قوه جهاز الأمن المركزى فى الحفاظ على بقاء نظام مبارك، حيث لعب جنود الأمن المركزى دورًا محوريًا فى القضاء على أى احتجاجات خلال العقود الماضية، وهى المهمة الرئيسية له منذ إنشائه فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، إلى أن جاء الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك، وأعطى لهذا الجهاز أهمية كبيرة، ومعه ابنه جمال ورجاله أصحاب فكرة التوريث خاصة بعد تيقنهم أن الجيش لن يساعده على الوصول إلى سدة الحكم، فمن هنا كان الاعتماد كليًا على الأمن المركزى، وتزويده بكل الإمكانات اللازمة للوقوف فى وجه أعمال الشغب، والعنف المتوقعة فى حالة الإعلان عن ترشح جمال للرئاسة. وقد تزايد الاهتمام بهذا الجهاز لأنه كان بمثابة الدرع الواقى للنظام بأكمله حتى جاء اليوم الذى أنهى رحيله بثورة عارمة قضت على تلك الأسطورة التى تدعى "الأمن المركزى". فقوات الأمن المركزى هى قوات شبه عسكرية مهمتها الحفاظ على النظام وقمع الاحتجاجات وتختص بمواجهة جميع أنواع الشغب وهى مدربة على حروب العصابات، كما يوجد بها فرع لمكافحة الإرهاب مهمته مواجهة أى عمليات إرهابية أو عمليات التهريب التى تتم داخل البلاد، كما تعتمد وزارة الداخلية على قوات الأمن المركزى اعتمادًا كليًا نظرًا لتدريبهم العالى، إضافة إلى الإمكانات الهائلة المتوفرة لديهم. ففى عهد مبارك وصلت أعداد جنود الأمن المركزى إلى ما يقرب من 300000 ألف جندى وهو عدد كبير جدًا مقارنه بدول أخرى. وظل تمرد جنود الأمن المركزى عام 86 هو الأبرز لهذا القطاع المهم فى وزارة الداخلية والذى كاد أن يعصف بنظام مبارك آنذاك لولا نزول الجيش واحتواء التمرد وذلك إثر انتشار شائعات تفيد نية الدولة تم مد فترة الخدمة للمجندين. وفى الذكرى الأولى للثورة حرصت المصريون على سؤال بعض أفراد الأمن المركزى عن كواليس الأحداث وقت الثورة. "ك.أ" مجند بقوات الأمن المركزى التابع لمديرية أمن المنيا وقت أحداث الثورة يقول: القيادات قبل 25 يناير كانت تعلم بأن هناك مظاهرات معدة لها مسبقًا من قبل مجموعة من الشباب الذين التقوا من خلال شبكات التواصل الاجتماعى "الإنترنت"، ويؤكد أن هؤلاء القيادات اجتمعت بهم وأخبرتهم بأن هناك مجموعة من الشباب العملاء والخونة المتآمرين على مصر ويريدون تدمير البلد. وعندما بدأت المظاهرات يوم 25 يناير كانت عبارة عن تجمعات صغيرة وكانت الأوامر صادرة بعدم الضرب إلا إذا حاول المتظاهرون اقتحام المصالح الحكومية، وفى اليوم التالى زادت حدة الأصوات المتعالية من قبل المتظاهرين المطالبين بإسقاط نظام مبارك وتكررت نفس الأحداث فى اليوم الثالث ولكن مر اليوم بهدوء، وفى اليوم الرابع يوم جمعة الغضب خرجنا من المعسكر فى التاسعة صباحًا أى قبل صلاة الجمعة بوقت كبير لسرعة الانتشار فى الأماكن التى سوف يتواجد بها المتظاهرون وبعد صلاة الجمعة فوجنا بأعداد كبيرة تخرج من المساجد متجهة إلى مقر مديرية الأمن وتلقينا أوامر بضرب غاز القنابل المسيلة للدموع وكانت القيادات تجبر العساكر على الضرب فى المتظاهرين بالغاز وبعدما زادت حدة الاشتباكات بين المتظاهرين والقوات، حاول المتظاهرون اقتحام مديرية الأمن وعندما أيقن الجنود بأن الأهالى يستطيعون اقتحام المديرية ذهب بعض الجنود لتهدئتهم ومنعهم من الدخول، وبعد ذلك رجعنا إلى المعسكر حوالى الساعة الثانية ظهرًا واجتمع بنا أحد القيادات وخبرنا بأن هناك مخططًا لتدمير البلد وأن هناك أشخاصًا يأخذون تمويلاً من أجل قلب نظام الحكم وإقصاء الرئيس مبارك. وعلى إثر ذلك ركبنا سيارات الأمن المركزى ولم نكن نعرف إلى أين نحن متجهون حتى إن الزملاء بجانبى أخذ كل منهم يسأل الآخر عن وجهتنا وفوجنا بتوقف السيارة وإذ بنا فى ميدان التحرير، وكانت الساعة قد دخلت السابعة ليلاً، وصدمنا من حجم الاشتباكات حتى شعرنا وكأنها حرب دائرة داخل الميدان. ويتابع "ك" حديثه: ومن هنا نزلنا واشتبكنا مع المتظاهرين "المخربين" كما وصفوهم لنا، واشتدت المعركة، إلى أن تراجعنا إلى مقر وزارة الداخلية، وأصيب العشرات من زملائى، وغاب عنا الضباط، وانسحبوا إلى داخل الوزارة فشعرت بالخطر أنا وعدد من زملائى فقررنا الانسحاب إلى الوراء إلى أن تمكنا من الخروج من منطقة الاشتباكات فى شارع منصور وبجوار وزارة الداخلية، إلى أن وجدنا أنفسنا فى منطقة السيدة زينب، فقمنا بتغيير ملابسنا، واستبدالها بزى مدنى حتى لا نعاقب لو هربنا. وأضاف "ك" قررت العودة إلى الميدان حتى أعرف حقيقة المتواجدين فيه هل هم بلطجية ومخربون أم ماذا، وبالفعل ذهبت إليهم فوجدتهم منهكين من شدة الانتهاكات والعنف وكانوا قد سيطروا على جميع مداخل الميدان ومخارجه، ومنهم المصاب بإصابات خطيرة، ومنهم من به كسور وكدمات نتيجة الاشتباكات، ووجدت بعضهم يقوم بتوزيع سندوتشات فول وطعمية وآخرين يقولون لم نأكل منذ الصباح، وتساءلت لماذا لم تأكلوا فقال أحدهم الفلوس اللى معايا خلصت وآخر يقول من شدة الاشتباكات واعتداءات الشرطة علينا وقتلهم لزملائنا نسينا الأكل فقلت لهم إذا كان هذا فلماذا إذا تصرون على البقاء فقالوا لى شبعنا من ظلم مبارك ورموز نظامه طوال 30 عامًا، ونريد حقوقنا وكرامتنا التى سلبت منا ونريد" عيش، حرية، عدالة اجتماعية". وحق زملائنا الذين ضاعوا هدر.