ميناء دمياط يستقبل 10 سفن محملة ب48400 طن قمح وسلع أساسية    رئيس جهاز القاهرة الجديدة: حل مشكلة الصرف الصحي بحي الأندلس    مصر ترحب بقرار دول النرويج وأيرلندا وإسبانيا الاعتراف رسمياً بدولة فلسطين    للخضوع لجراحة الرباط الصليبي.. الزمالك ينهي إجراءات سفر أحمد حمدي إلى ألمانيا    مودريتش يوجه رسالة إلى كروس بعد قرار اعتزاله كرة القدم    المشدد 7 سنوات لسائق لإتهامه بقتل شخص طعنا بشبرا الخيمة    إيرادات فيلم السرب تقترب من 32 مليون جنيه.. و3 ملايين تفصل شقو عن تحقيق أرقام الحريفة    الصحة تفتتح فعاليات ورشة عمل "تأثير تغير المناخ على الأمراض المعدية"    جوميز: كنت قريبا من تدريب الأهلي.. وهذا شرط منافستنا على الدوري    جوارديولا: أود مشاركة جائزة أفضل مدرب بالدوري الإنجليزي مع أرتيتا وكلوب    موعد مباراة ريال مدريد ضد بوروسيا دورتموند في نهائي دوري أبطال أوروبا.. والقنوات الناقلة    وزير التعليم: شهادة البكالوريا الدولية IB تحظى بثقة كبيرة في مصر    فيديو.. أول ظهور لمصمم الأزياء إسلام سعد بعد إخلاء سبيله ويقدم عروضا على فساتين الزفاف    رسامة قمص بكنيسة الأنبا شنودة بقرية بهجورة في قنا    «مواني البحر الأحمر»: تصدير 27 ألف طن فوسفات من ميناء سفاجا ووصول 742 سيارة لميناء بورتوفيق    مصادر: توافر الأدوية الناقصة في السوق بزيادة 25% من أسعارها يونيو المقبل    رئيس حزب الجيل: فخور بموقف مصر الحاسم تجاه العدوان الإسرائيلي على غزة    الأزهر يطلق صفحة مستقلة بفيس بوك لوحدة بيان لمواجهة الإلحاد والفكر اللادينى    الأكبر سنا والمربع السكني.. قرارات هامة من «التعليم» قبل التقديم للصف الأول الابتدائي 2024    رئيس جهاز القاهرة الجديدة يبحث مطالب ومقترحات سكان حي الأندلس    تراجع جديد.. سعر الريال السعودي اليوم الأربعاء 22-5-2024 مقابل الجنيه المصري بمنتصف التعاملات    وزير العمل: لدينا عمالة ماهرة جاهزة لتصديرها للسوق الخارجية    «إي فاينانس» تعلن الاستحواذ على حصة من أسهم «الأهلي ممكن» و«إيزي كاش» للمدفوعات الرقمية    بإجمالي 37.3 مليار جنيه.. هيئة قناة السويس تكشف ل«خطة النواب» تفاصيل موازنتها الجديدة    خلال 24 ساعة.. تحرير 480 مخالفات لغير الملتزمين بارتداء الخوذة    عاجل.. رفض طعن سفاح الإسماعيلية وتأييد إعدامه    للمرة الأولى منذ "طوفان الأقصى".. بن جفير يقتحم المسجد الأقصى    ختام فعاليات ملتقى «التمكين بالفن» بالمتحف القومي للحضارة.. اليوم    لمواليد برج القوس.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من شهر مايو 2024    بروتوكول تعاون بين نقابة السينمائيين واتحاد الفنانين العرب و"الغردقة لسينما الشباب"    فدوى مواهب تخرج عن صمتها وترد على حملات المهاجمين    إقامة صلاة الجنازة على رئيسي وعبداللهيان في طهران    هيئة شئون الأسرى: قوات الاحتلال تعتقل 12 فلسطينيا بالضفة الغربية    لمدة يومين.. انطلاق قافلة طبية إلى منطقة أبوغليلة بمطروح    الصحة: برنامج تدريبي لأعضاء إدارات الحوكمة في مديريات الشئون الصحية ب6 محافظات    التكييف في الصيف.. كيف يمكن أن يكون وسيلة لإصابتك بأمراض الرئة والتنفس؟    قمة عربية فى ظروف استثنائية    طلاب جامعة الإسكندرية في أول ماراثون رياضي صيفي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 22-5-2024 في المنيا    تعديلات جديدة على قانون الفصل بسبب تعاطي المخدرات    دار الإفتاء توضح أفضل دعاء للحر.. اللَّهُمَّ أَجِرْنِى مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ    طلاب جامعة القاهرة يحصدون المركزين المتميز والأول فى مسابقة جسر اللغة الصينية    هكذا تظهر دنيا سمير غانم في فيلم "روكي الغلابة"    جامعة عين شمس تحصد 3 جوائز لأفضل رسائل ماجستير ودكتوراه    استطلاع رأى 82% من المواطنين:استكمال التعليم الجامعى للفتيات أهم من زواجهن    سيدة «المغربلين»    طلاب الشهادة الإعدادية في الإسكندرية يؤدون امتحان الهندسة والحاسب الآلي    دبلوماسي سابق: الإدارة الأمريكية تواطأت مع إسرائيل وتخطت قواعد العمل الدبلوماسي    عباس أبو الحسن بعد دهسه سيدتين: أترك مصيري للقضاء.. وضميري يحتم عليّ رعايتهما    قرار جديد من الاتحاد الإفريقي بشأن نهائي أبطال إفريقيا    رئيس نادي إنبي يكشف حقيقة انتقال محمد حمدي للأهلي    مأساة غزة.. استشهاد 10 فلسطينيين في قصف تجمع لنازحين وسط القطاع    شاهد.. حمادة هلال ل إسلام سعد: «بطلت البدل وبقيت حلاق»    هل تقبل الأضحية من شخص عليه ديون؟ أمين الفتوى يجيب    «نادٍ صعب».. جوميز يكشف ماذا قال له فيريرا بعد توليه تدريب الزمالك    الأرصاد: الموجة الحارة ستبدأ في الانكسار تدريجياً يوم الجمعة    وزيرة التخطيط تستعرض مستهدفات قطاع النقل والمواصلات بمجلس الشيوخ    هل ملامسة الكلب تنقض الوضوء؟ أمين الفتوى يحسم الجدل (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المسكوت عنه فى مذبحة القضاة الأخيرة
نشر في المصريون يوم 28 - 03 - 2016

أصدر مجلس التأديب الأعلى، حكمه فى القضية رقم 3 لسنة 2016 تأديب مستأنف المعروفة بقضية قضاة من أجل مصر، والذى قضى بعدم جواز الطعن المقام من القاضى الدكتور أيمن الوردانى، وفى طعن النيابة العامة بإلغاء الحكم المطعون عليه وبإحالة القضاة الخمسة المطعون ضدهم إلى التقاعد، وبرفض الطعن المقام من باقى الطاعنين وتأييد الحكم المطعون عليه.
ونود الإشارة فى البداية إلى عدة ملاحظات قبل أن نعرض أسباب الحكم وذلك على النحو الآتى:
1- إن الحكم قد صدر برئاسة السيد القاضى أحمد جمال الدين رئيس محكمة النقض رئيسًا، وبعضوية السيد القاضى أيمن عباس رئيس محكمة استئناف القاهرة وخمسة أعضاء آخرين محددين بصفاتهم، وأنه لا يجوز لكل من السيدين القاضيين المذكورين أن يكونا ضمن تشكيل المجلس لسبق إبدائهما الرأى فى القضية وطلبهما إحالة القضاة لمجلس التأديب، وذلك طبقًا لحكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية نص المادة 98 من قانون السلطة القضائية.
2- إن السادة القضاة قد أقاموا دعوى برد السيدين القاضيين سالفى الذكر، وإذ بهما يأمران قلم الكتاب بعدم قيدها فى سابقة خطيرة بالحيلولة دون القضاة ومباشرة حق التقاضى، ولا يصح ولا يصلح تبريرًا لذلك القول بعدم جواز رد قضاة مجلس التأديب، إذ أن هذا الأمر مرده للمحكمة التى تنظر الدعوى دون غيرها .
3- إن تشكيل المجلس غير صحيح طبقًا لما شرحه القضاة فى مذكراتهم طبقًا للمادة 107 من قانون السلطة القضائية .
4- إن المجلس لم يرد على الدفع بعدم دستورية المادة 106 من قانون السلطة القضائية لمخالفتها المادة 187 من الدستور، وبعدم دستورية المادة 111 من قانون السلطة القضائية التى منحت وزير العدل الحق فى إحالة القضاة لمجلس الصلاحية، لمخالفتها المادة 184 من الدستور التى حظرت التدخل فى شئون العدالة، وأى تدخل أكبر من إحالة القضاة لمجلس الصلاحية .
5- كما أخل بمبدأ المواجهة فى المحاكمة، ولم يمكًن القضاة من استكمال دفاعهم، ولم يعرض لدفوعهم.
6- إن الحكم قد أخطأ فى القضاء بإحالة السيد القاضى بهاء الجندى للمعاش، رغم بلوغه سن المعاش قبل الحكم، ورغم تنبيه المجلس لهذا الأمر، وبذلك يكون الحكم قد خالف نص المادة 104 من قانون السلطة القضائية التى نصت على انقضاء دعوى التأديب بالاستقالة أو بالإحالة للمعاش .
7- كما أخطأ الحكم فى القضاء بعدم جواز الطعن المقدم من السيد القاضى الدكتور أيمن الوردانى لسبق الحكم بإحالته للتقاعد وصدور القرار التنفيذى بذلك، والصحيح أنه كان يتعين الحكم بقبول الطعن وإلغاء الحكم المطعون عليه وبعدم قبول الدعوى بالنسبة له، وذلك أنه لا يجوز أن يحال للتقاعد بحكمين .
أما الأسباب التى ساقها المجلس واستند إليها فى قضائه فلنا عليها الملاحظات الآتية:
إن المجلس ساق أسبابًا بالنسبة للسادة القضاة الخمسة عدا السيد القاضى ناجى دربالة الذين قضى بإلغاء الحكم الصادر لصالحهم وبإحالتهم للتقاعد فقال بشأنهم إن التحريات أكدت حضورهم المؤتمرين اللذين كانا فى إطار الجماعة المنشأة خلافًا للقانون والمسماة قضاة من أجل مصر .
وهنا يتحتم طرح الأسئلة الآتية:
1- ذكر المجلس بأن هناك حركة أخرى اسمها تمرد أسست على خلاف القانون، بل كانت أشد خروجًا على القانون، فقد ظهر أنها حركة ممولة من دول خارجية كانت تعمل لقلب نظام الحكم، وأن الشاكين قد فتحوا نادى القضاة لها كى نجمع توقيع استماراتها بمقره، وقد تولى الزند قيادة فيها طبقًا لما صرح به قادتها.
2- إن السادة القضاة وغيرهم من أبناء الوطن قد قدموا لمجلسكم الموقر عشرات الشكاوى ضد الزند ورفاقه فما اتخذتم فيها إجراء مماثلاً لما اتخذتموه ضد السادة القضاة .
3- كما أنهم طالبوكم بمساواتهم بخصومهم دون جدوى، رغم أن العدالة تقضى معاملة الخصوم معاملة واحدة.
وأضافت الأسباب أن أضواء الإعلام قد سلطت عليهم وعليها بهدف إعلان موقف من الأحداث الجارية فى البلاد، مؤكدًا أن هذا الأمر يخرج عن نطاق العمل القضائى، وفيه شذوذ عن التقاليد القضائية الراسخة التى تلزم القاضى بحدود لا يتجاوزها.
والأسئلة التى يجب توجيهها للمجلس الموقر هى:
1- إذا كان إعلان تأييد الإعلان الدستورى يخرج عن نطاق العمل القضائى، وفيه شذوذ عن التقاليد القضائية الراسخة التى تلزم القاضى بحدود لا يتجاوزها، أفلا يتحقق هذا الخروج، وذلك الشذوذ أيضًا فى إعلان نادى القضاة الذى يمثله الشاكون رفضه ذات الإعلان، أم أن الخروج والشذوذ لا يتحققان إلا عند تأييد الإعلان دون رفضه؟.
2- ألم يتحقق هذا الخروج، وذلك الشذوذ فى قيام الشاكين بإرسال وفد لوزارة الدفاع ليعلن انضمامه لها فى موقفها، وتأييد القضاة لها؟.
3- ألم يتحقق هذا الخروج، وذلك الشذوذ فى توجه مسيرة من النادى للتحرير بقيادة الزند، ومشاركة القضاة فى هذه المظاهرات؟.
4- لقد اعترف أحد الشاكين وهو القاضى محمد عبد الرازق فى التحقيقات التى بين أيديكم بانضمامه وزملائه إلى المظاهرات التى سمًاها ثورة الشعب، فهل تحقق بذلك هذا الخروج، وذلك الشذوذ فى حقهم، وهل يلقوا مصير زملائهم الذين لم يرتكبوا ما ارتكبوه، أم أن يتمتعون بحصانة تحول دون محاسبتهم؟.
5- ألم يتحقق هذا الخروج، وذلك الشذوذ فى تولى الزند قيادة فى حركة تمرد الممولة من دول خارجية، والتى استهدفت تغيير نظام الحكم فى الدولة، حيث صرًح أحد قادتها بأنهم سينظمون تظاهرة أمام دار القضاء العالى يوم 30 / 6 / 2013 بناء على تعليمات الزند؟ .
6- إن جميع هذه الوقائع كانت محلاً لعدة شكاوى قدًمت إليكم، ولم يتخذ فيها إجراء، فلم هذا التمييز رغم أن ما أسند للشاكين ليس إلا انغماسًا فى السياسة، وقد لفت القضاة نظر المجلس لذلك وتمسكوا بضرورة توحيد المكاييل فلا يكال لهم أو عليهم إلا بكيل واحد.
ثم راح المجلس يكيل للقاضى ناجى دربالة عدة اتهامات بأنه خالف قانون السلطة القضائية، وخرج عن واجبات وظيفته، وحاد عن التقاليد السامية لها، وانحرف عن السلوك القويم للقاضى بما يفرض عليه من التزام بحدود رسالته بارتكابه 7 وقائع عرضها على النحو الآتى:
أولاً: أنه حضر لقاء مجلس القضاء الأعلى مع رئيس الجمهورية، وتحدث لمدة 35 دقيقة حيث أقحم نفسه أو قبل إقحامه فيما لا شأن له به، وتكلم خارج نطاق عمله القضائى فيما لا يعنيه.
ولكن يبين من أسباب الحكم أن المجلس لم تتضح الصورة أمامه فلم يعرف ما إذا كان السيد القاضى قد أقحم نفسه فيما لا شأن له به أم تم إقحامه فيه، كما أمسك المجلس عن سرد ما تناوله السيد القاضى فى كلمته لنتبين منه ما إذا كان قد خرج على نطاق عمله القضائى.
علمًا بأن السيد القاضى لم يقحم نفسه، ولم يقبل إقحام غيره له فيما لا شأن له به، وإنما كان الحضور بدعوة من السيد القاضى محمد ممتاز متولى رئيس مجلس القضاء الأعلى آنذاك، وكنت شاهدًا على هذه الواقعة .
كما أن حديث السيد القاضى كان فى صميم الشأن القضائى فقد طالب السيد الرئيس بسحب مشروع تعديل قانون السلطة القضائية، وعدم المساس بسن التقاعد، كما طالب بعقد مؤتمر العدالة الثانى لمناقشة مشكلات العدالة فى مصر، فأين هو ذلك الخروج على عمله القضائى.
ثانيًا: وأضافت الأسباب أنه أثناء إعارته بإمارة رأس الخيمة شارك فى وفود رسمية وحضر مؤتمرات هناك وفى مصر ولم يبلغ المجلس بذلك ومن ثم يكون قد خرج عن نطاق الإعارة .
ولا أدرى أى خروج ذلك الذى يمكن نسبته للسيد القاضى بمشاركته فى مؤتمر رسمى يتعلق بالعمل القضائى، وكان المصرى الوحيد فى ذلك المؤتمر الذى كان خاصًا بدول مجلس التعاون العربى، وكذلك كانت المؤتمرات التى حضرها فى مصر .
كما أن هذا الأمر يفتح الباب لطرح الأسئلة الآتية:
1- إذا كانت المشاركة فى المؤتمرات القضائية خارج الدولة جرمًا يؤدى بالقاضى للتقاعد، فلماذا لم تحاسب الزند على مشاركته فى مؤتمرات لأندية الروتارى، وهى أندية يثور حول توجهاتها تساؤلات، ولا تمت للعمل القضائى بصلة .
2- ولماذا لم يقم المجلس بمحاسبة الزند على حضوره مؤتمر توزيع جوائز السينما الذى عقدته الكنيسة الكاثوليكية، وهو أمر مقطوع الصلة تمامًا بالعمل القضائى، أم أن جنابه يتمتع بحصانة خاصة تحول دون مساءلته؟ .
3- وإذا كانت رقابة المجلس على القضاة أثناء إعارتهم بالخارج بهذه الدقة، وهو أمر محمود، فلماذا قضى مجلس التأديب الموقر ببراءة القاضى الذى استغل مرض زميله، وقام بدعوى مساعدته فى مرضه بجمع أموال من القضاة المصريين والإماراتيين، ولم يعلم الزميل المريض بالواقعة ولا بمصير الأموال التى جمعت باسمه، فلما ترامت إلى سمعه أبلغ مجلس القضاء الأعلى بالواقعة، وتمت إحالته لمجلس التأديب الذى قضى بإحالته للتقاعد، فلما استأنف قضى مجلسكم الموقر بإلغاء الحكم ورفض الدعوى، ومازال قاضيًا يفصل بين الناس.
فهل يعقل أن يحال قاض للتقاعد لحضوره مؤتمرًا دوليًا دون إبلاغ المجلس، وهو التزام لا نعرف له مصدرًا ولم تنبه أية جهة بمثل هذا الالتزام، وقد كنت معارًا مع السيد القاضى فى مدة متعاصرة، ثم يتم الإبقاء على ذلك القاضى الذى أشرت إليه .
ثالثا: إن القاضى ناجى دربالة قد قبل عضوية الجمعية التأسيسية لوضع دستور 2012 رغم أن هذه الأعمال من صميم السياسة المحظور على القضاة ممارستها .
وفى حدود علمى المتواضع أنه لم يقل أحد بأن الاشتراك فى وضع الدستور هو من صميم العمل السياسى المحظور على القاضى، فالتشريع بصوره المختلفة ليس إلا عملاً قانونيًا بحتًا، وإذا كان من صميم العمل السياسى فلماذا يوافق مجلس القضاء الأعلى على ندب القضاة لإدارة التشريع بوزارة العدل.
وكذلك لماذا وافق المجلس على اشتراك كل من السيد القاضى حاتم السيد محمد رئيس الاستئناف، والسيد القاضى محمد عيد محجوب نائب رئيس محكمة النقض فى لجنة العشرة لتعديل الدستور فى 2013.أم أن المحظور على القضاة هو المشاركة فى وضع دستور 2012 ؟.
رابعًا: أنه أثبت فى مذكرات دفاعه وأوراق الطعن ما حصل فى الجمعية العمومية لمحكمة النقض المعقودة 11 /6 / 2011 متجاهلاً أن ما يتم فى الجمعيات العمومية من الأسرار التى لا يصح إفشاؤها .
وقد جاء هذا السبب عامًا مجهًلا فلم يكشف عن تلك الأسرار التى كشفها، كما لم يبين سنده فى عدم جواز إفشائها.
خامسًا: إن السيد القاضى قد نشر مقالات فى الصحف بمناسبة إعداد مشروع قانون السلطة القضائية، وكتابة يومياته فى صحف أخرى عن فترة اعتصام القضاة فلى ناديهم.
وهذا أمر عجيب أن يؤاخذ القاضى علىى ممارسته حقه الذى كفله له الدستور الذى نص فى المادة 65 منه على أن حرية الفكر والرأى مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر .
سادسًا: إنه تباهى بما قضت به الدائرة التى كان عضوًا بها فى طعنين انتخابيين، وأفصح عن أسرار الجمعية العمومية لمحكمة النقض المعقودة فى 8 / 11 / 2011 متجاهلاً سريتها .
ولا أدرى ما الذى يمكن أخذه على السيد القاضى إذا تباهى بأحكام أصدرها أو شارك فى إصدارها، وكل القضاة لهم أحكام يعتزون بها، وتقع فى نفوسهم موقع الرضا ويباهون بها، فأى جرم فى هذا.
وأما ما يتعلق بأسرار الجمعية العمومية فقد أشرنا للرد عليها سلفًا.
سابعًا: إنه اجتمع فى قاعة المداولة بمحكمة النقض مع بعض القضاة من غير أعضائها، واتفقوا على إصدار بيان، وأعلنوه من أعلى منصة قاعة الجلسة على الحضور من الصحفيين والإعلاميين والمحامين، وتلقى أسئلتهم، ووعدهم بالإجابة عليهم، وهو ما يمثل خروجًا بالغًا عن واجبات وظيفته، وانحرافًا جسيمًا عن رسالته السامية باستعماله غرفة المداولة وقاعة الجلسة فى غير الأغراض المخصصة لها.
وقال المجلس إن القاضى ليس شخصية عامة، ومن ثم فعليه أن يلزم محرابه عاكفًا على عمله القضائى لا شأن له بغيره، وينأى بنفسه عن السياسة بما لها وما عليها، ولا يجهر برأى فى الشئون العامة للبلاد، أو يشارك فى مجلس يناقشها علنًا، لما فى ذلك من تأثير فى السياسة وتأثر بها، ومن ثم فلا يصح للقاضى حضور مثل هذه المؤتمرات خاصة فى الظروف التى عقدت فيها.
والسؤال الذى يفرض نفسه لماذا وافق مجلس القضاء الأعلى على حضور رئيس محكمة النقض السيد القاضى حامد عبد الله على حضور أخطر مؤتمر سياسى عقد فى مصر منذ عام 1952، فإذا كان قد حضر دون موافقته فلماذا لم يحاسبه؟.
ولماذا لم يكشف المجلس فى أسبابه عن موضوع البيان المشار إليه، وأنه تضمن الدعوة للقضاة بالالتزام بالإشراف القضائى على الدستور .
وإذا كان اجتماع القضاة فى محكمتهم حتى وإن لم يكونوا من قضاة النقض لأن التفرقة بين القضاة عنصرية بغيضة، وتلاوة بيانهم من إحدى قاعاتها يمثل خروجًا بالغًا وانحرافًا جسيمًا عن رسالة القضاة السامية، فهل يعد كذلك اجتماع السيد القاضى ممتاز متولى رئيس محكمة النقض بوكلاء النيابة فى إحدى قاعات المحكمة وهم من غير أعضائها للاستماع إليهم قبيل محاصرة مكتب النائب العام؟ .
وهل يعد كذلك استخدام وكلاء النيابة طرقات دار القضاء العالى فى الاحتشاد أمام مكتب النائب العام، أم أن هذا استخدام مشروع؟ .
ثم أنه ألا يعد اجتماع الزند ومجلس إدارة النادى وهم أساس الشكوى فى بهو دار القضاء العالى وعقدهم مؤتمرات سياسية واجتماعهم أيضا مع الصحفيين والإعلاميين والمحامين بالإضافة لمتهم كانت قضيته مازالت منظورة، وبعض الفنانين والسياسيين فهل كان هذا منهم التزامًا دقيقًا بواجبات وظيفتهم، أم كان أيضًا استعمالاً منهم لبهو المحكمة فى غير الغرض المخصص لأجله، أم أنهم يستعصون على المساءلة؟.
ثم هل كان فتحهم النادى لحركة تمرد المنشأة خلافًا للقانون خرقًا جسيمًا لواجبات وظيفتهم، واستعمالهم منشآت النادى فى غير الغرض المخصصة لأجله، أم أنهم فى حماية جهة ما تمنع من مساءلتهم رغم تقديم عشرات البلاغات ضدهم، وإن لم يكونوا محل حماية فما الذى حال دون مساءلتهم؟.
وأضاف المجلس أنه ثبت اقتراف القاضى ناجى دربالة لكل الوقائع المذكورة وأن كل واقعة منها تكفى ليغدو ما ورد بمحضر التحريات بشأن دعوته لتأسيس حركة مخالفة للقانون ذات طابع سياسى تهدف إلى منارة فصيل سياسى والمسماة بقضاة من أجل مصر جديرًا بالتصديق ويطمئن المجلس إليه ويثق فى اقتراف القاضى له.
ولنا على هذه الأسباب عدة ملاحظات:
1-إنه لم يرد فى جميع الوقائع المسندة للسيد القاضى ما يشير من قريب أو بعيد إلى الدعوة لتأسيس حركة مخالفة للقانون أيا كان اسمها .
2-إن القول بأن هذه الوقائع تدعو إلى تصديق ما ورد بمحضر التحريات فهو استنتاج لا أساس له ولا يستند إلى سند صحيح فى الواقع والقانون .
3-إن المجلس قد استند إلى التحريات الواردة فى القضية رغم أنها كانت قد طلبت بقرار صادر من قاض منتدب للتحقيق بإجراء منعدم.
4- إن هذه التحريات مطعونٌ عليها بالتزوير وقد أبلغ القضاة النيابة العامة بهذا التزوير كما أعدوا تقريرًا بشواهد التزوير؛ راوغ مجلس التأديب أول درجة مع القضاة حتى قرر حجز الدعوى للحكم دون أن يمكنهم من إعلان مذكرة شواهد التزوير للضابط المتهم .
وفى النهاية وجب عليك أيها القاضى دربالة أن تسجد لله شكرًا، فأسباب الحكم هى أمارات شرف وتفوق وكفاءة، لم يرد فيها حرف ينال من سمعتك أو نزاهتك.

* وزير العدل الأسبق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.