منذ أيام بعث لي أخى الدكتور احمد عبد الوهاب الشرقاوي كتابه الممتع والمعنون ب(مذابح الأرمن ضد الأتراك) الصادر عن دار البشير للعلوم والثقافة بالقاهرة، والمدعوم بالوثاق العثمانية والروسية والأمريكية، وهى وثائق أصلية من أرشيفيات هذه الدول والتي رفع عنها صفة السرية وكلها مترجمة إلى العربية، والحقيقة مثل كثير غيري استثارنا الأمر عندما رأيت الكتاب أول مرة على الانترنت عندما عرضه صاحبه على صفحته على الفيس بوك وقد دارت عليه عدة مناقشات وتعليقات، وظننت لأول وهلة أن اسمه (مذابح الأتراك ضد الأرمن ) لكن وبعد تدقيق وتأنى اكتشفت عنوانه الأصلي فاستغربت لذلك جدا، ليس بسبب عدم علمي أن هناك تجاوزات حصلت فى حق الأتراك العثمانيين إبان الاحتلال الروسي للأناضول ! لا ..بل بسبب معرفتي لأول مرة أن هناك أحداث ترتقي إلى درجة المذابح أو الهولوكست مثل ما يتغنى به الصهاينة اليوم، أو حتى الترسانة المسيحية الضخمة فى الترويج لما حدث للأرمن فى الحرب العالمية الأولى، وقلت لعل الكاتب مبالغ فيما قال أو أن تسمية الكتاب من باب الرواج التجاري، أو حتى من باب التعاطف مع الأتراك، لكن سرعان ما اكتشفت زيف قولي وتهافت رأى عندما بدت بقراءة الكتاب والإطلاع على الوثائق الهامة المصاحبة للكتاب، وأصبح حكمي الابتدائي على الكتاب جائر كمثل الأحكام التي تصدر دونما تروى وتثبت، لكن وبسبب المقدمة الضافية للكتاب ثم أبوابه الثلاثة الخاصة بالوثائق، أصبح لدى ما يشبه اليقين بل هو عين اليقين تجاه ما حدث للأتراك العثمانيين فى الأناضول من الجيش الروسي أولا والذي تواجد فى المنطقة إلى أن قامت الثورة البلشفية فى روسيا (1917) ثم بتركه لها أصبح الأرمن هم القوه الوحيدة المنظمة فقاموا بذبح وقتل واغتصاب وحرق لعدة قرى بأكملها فى ما يشبه الهولكوست فى حق المسلمين المتواجدين فى الأناضول وبدافع حقدي..وأين الأتراك بل وأين المسلمين فى ذلك ؟ وهل نحن فشله إلى هذه الدرجة ؟ إلا تنظرون إلى الصهاينة وما يفعلونه الآن وقد استطاعوا سن عدة قوانين فى عدة دول أوروبية تجرم من ينكر المذابح، وقد استقطعوا مليارات الدولارات من دول العالم من جراء التباكي على الهولكست، وها هي الآن تمارس آلات القتل والسفك بفلسطين وعندما يعترض عليها احد من الأحرار فى الغرب يتهم بأنه معادى للسامية وتلفق له القضايا من اللوبي هناك مثل ما حدث من قبل مع الكاتب الفرنسي الكبير روجيه جارودى، ثم ما نفتا كل عام عن السماع بذكرى مذابح الأرمن، وهى تجاوزات بها ما بها من مبالغه، حدثت فى أوقات وظروف تاريخية ينبغي ألا تذكر إلا فى سياقها التاريخي حتى لا يخرج الحكم خاطىء وغير دقيق، والعام الماضي سمعنا ما يسمى بمئوية المذابح أو مرور مائة عام على ما يسمى المذابح العثمانية الأرمينية، وبدل من الحديث عن مرور مائة عام على الحرب العالمية الأولى ودراسة أسبابها ونتائجها ومحاولة الاستفادة منها فى عمليات السلام حتى لا تتكرر هذه الأخطاء التاريخية، قدم الفرع على الأصل والجزئي على الكلى قدمت التجاوزات التي راح ضحيتها عدة ألاف على حرب عالميه حصدت ملايين الأرواح، لكن هذه هي الآلة الإعلامية الغربية فى الترويج لما تريد والكتمان على ما تريد، والكتاب فى مجمله هام جدا وغنى بالمعلومات، وأنا على وشك الانتهاء من قراءة الكتاب شاهدت ما وقع بالعاصمة السياسية لتركياانقره يوم 13/3/1016 ومن قبله ما وقع من تفجيرات فى احد أهم واكبر شوارع انقره تأمينا وهو الشارع الذي يقع فيه رئاسة الأركان وعدة وزارات وسفارات هامه، وتذكرت التفجيرات التي شدتها العاصمة الاقتصادية والتاريخية اسطنبول، وأدركت أن ما يحدث بحق الأتراك منذ مائة عام وأكثر وما يحدث اليوم هي ضريبة تدفعها تركيا جراء مواقفها وتمسكها بقضاياها التاريخية بحق المسلمون، فمذابح الأرمن بحق الأتراك كانت بإيعاز من الحقد الروسي والفرنسي البريطاني، من اجل إضعاف الجيش الذي كان يعانى أصلا من حركات الانسلاخ عن الدولة، فضلا عن خراب جمعية التفريق والانحطاط الماسونية والمسماة كذبا وزورا بالاتحاد والترقي والتي قامت بالانقلاب على السلطان عبد الحميد الثاني -رحمه الله- (1908) ثم المغامرة الطائشة بجر الدولة العثمانية إلى الحرب (1914/1918) وفقدان أراضى شاسعة من مساحة الدولة ثم احتلال روسيا للأناضول، وبريطانيا وفرنسا للعاصمة اسطنبول، فيما يشبه كتابة شهادة الوفاة للدولة فى فتره تمخضت فيها اتفاقية سايكس بيكو (1916) والتي نعانى منها إلى الآن، ثم وعد بلفور فى الثاني من نوفمبر (1917) والذي بموجبه أعطى الحق لليهود فى امتلاك وطني قومي لهم، والتي كانت الدولة العثمانية وعلى رأسها السلطان عبد الحميد يقفون حجر عثرة تجاه هذه المطامع، وقد قال قولته المشهورة لهرتزل عندا جاء لكي يرشى السلطان من اجل فقط السماح لليهود بالبقاء مده أطول فى فلسطين ( أن استطعتم أن تسقطوا الخلافة فستأخذون فلسطين بلا ثمن ) وقد كان...وفى الراهن نشاهد تركيا وهى تقف مع المضطهدين والمظلومين فى العالم العربي ، ابتداء من الجارة سوريا والتي يقبع فيها النظام البعث البالي على أشلاء الشعب ، إلى الانقلاب العسكري الدامي فى مصر والالتفاف على منجزات الشعوب إلى دعم المقاومة فى فلسطين ، إلى موقفها القوى من إسرائيل ومحاولة تحجيمها وإلجامها ، وهى مواقف تفوق مقدرة عدة دول مجتمعه إن تفعلها ، وهى تركيا وحيده تقوم بها ، ولا بد من دفع ضريبة لهذه المواقف البطولية لتركيا والتي سيخلدها التاريخ ، بكل حب ووفاء لهذه الدولة ولهذه القيادة ولهذا الشعب العظيم ، ولابد أن تقف قوى الشر والطغيان بها ما بها من حقد وبغض تجاه تركيا ، انظمه ديكتاتوريه زرعها الغرب فى عالمنا العربي والإسلامي لكي تقف فى وجه الشعوب وأحلامهم وتطلعاتهم ، وأنني على ثقة تامة فى الله -عزوجل- بان الغمة ستزول سريعا عن تركيا ،حفظ الله تركيا وكل البلاد من أيدي المخربين والمفسدين / كاتب وباحث من مصر