"اتغدى بيه قبل ما يتعشى بيه".. مثل مصرى يتم تداوله حينما يكون هناك خصومة بين الطرفين ويسارع أحدهما للتخلص من الآخر، هذا المثل ينطبق على وزير العدل السابق أحمد الزند، الذى كان نجم الشباك الأول، خلال الأيام الأخيرة، بدءًا من سقطاته مع المذيع حمدى رزق وما تلفظه من تطاول على الرسول الكريم، وإقالته من منصبة بعد أقل من 24 ساعة، لينتهى به الحال إلى السفر إلى الإمارات بصحبة عائلته، فى زيارة قيل إنها 4 أيام، ولكن الأيام القادمة ستجيب عن حقيقة الزيارة. وفى الوقت الذى هلل فيه نشطاء ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، بإقالة الزند لتطاوله على الرسول الكريم، ذهب سياسيون ومفكرون إلى أسباب ربما تكون خفية وكواليس فى غرف مغلقة كانت كفيلة للإطاحة بالوزير، منها محاولة الزند الانقلاب على الرئيس بعدما ملك موالين له من القضاء والإعلاميين، بفضل مزايا منحها خلال فترة توليه الوزارة غير مسبوقة. وقال الكاتب الصحفى جمال سلطان، رئيس تحرير جريدة المصريون، إن رئيس الجمهورية اتخذ القرار الصحيح عندما قرر إقالة أحمد الزند وزير العدل المتمرد، وقد اضطرت رئاسة الجمهورية إلى إهانته بطلب بقائه فى بيته وإبلاغه أنه قد صدر قرار بإقالته بعد أن امتنع عن تقديم استقالته طوعًا ليخرج بكرامة، والحقيقة أن ما فعله الزند فى الساعات التى سبقت إقالته كاشفة لمدى الخطر الذى كان يمثله هذا الرجل على الدولة والوطن. وأضاف سلطان، فى مقاله بجريدة "المصريون"، أن الزند نجح فى تشكيل شبكة واسعة ومعقدة ونافذة من الولاءات والمصالح، فناهيك عن كتيبة إعلامية فى أكثر من قناة فضائية وصحيفة ومواقع إلكترونية، تحرك نادى القضاة وعقد اجتماعا عاجلا أعلن بعده رفضه قرار إقالة الزند من الوزارة، بما يعنى أن "النادى الاجتماعي" يفرض وصايته على الدولة بكاملها، ويتغول على رأس السلطة التنفيذية ويحاول منعه من ممارسة سلطاته. وأشار رئيس تحرير جريدة المصريون إلى أن هذه كارثة بحد ذاتها، لافتا إلى أن قرابة مائتين من القضاة توجهوا إلى منزل الزند لإعلان التضامن معه ورفض إقالته، وقد نشر عن بعضهم قوله بأنه لن يعمل إلا فى ظل "قيادته" للوزارة، كما هدد عدد من المستشارين بوزارة العدل بتقديم استقالة جماعية إذا نفذ السيسى قرار إقالة الزند، مضيفا: نحن هنا أمام حالة تمرد حقيقية ضد الدولة ومؤسساتها، أمام تحديات خطيرة للغاية، أكبر من فكرة "الشلة" والعصبة التى تقدم ولاءاتها لأشخاص ومصالح على حساب الوطن وعلى حساب المؤسسات والدستور. كما علق الكاتب الصحفى عبد الحليم قنديل، على استنكار نادى القضاة لقرار الحكومة بإقالة الزند، قائلا: "القضاة كأنهم يتأهبون لانقلاب على السلطة عقب إقالة الزند من منصبه، ويوجد تغول لمراكز القوى فى مصر". وأضاف فى مداخلة هاتفية مع برنامج "حضرة المواطن" على فضائية "العاصمة"، أن إقالة الزند ليست مرتبطة بزلة اللسان التى قالها فى أحد الأحاديث التليفزيونية، ولكن السبب أنه اجتمعت حوله مصالح فلول النظام الأسبق. وقال الإعلامى سيد علي، فى برنامجه "حضرة المواطن"، المذاع على فضائية العاصمة، إن هناك محاولة من عدد من وسائل الإعلام المصرية للانقلاب على الرئيس عبد الفتاح السيسى بعد إقالة وزير العدل السابق أحمد الزند، مضيفًا أن هناك 4 وزارت سيادية يحق للرئيس عبد الفتاح السيسى أن يعين ويقيل وزراءها، ولا يليق أن ينتقد الإعلام هذا القرار للرئيس. من جانبه أكد وزير العدل الأسبق المستشار أحمد سليمان، أن آخر جمعية عمومية للمستشار المقال أحمد الزند فى عام 2015، كانت الأعداد التى حضرت قليلة وصلت إلى حوالى 15 قاضيًا فقط، ولم تكن له شعبية كبيرة بين القضاة، لافتا إلى أن اختيار الزند كان خطيئة منذ البداية. وأضاف الوزير السابق فى تصريحاته ل"المصريون": أتحدى أن يتقدم أحد القضاة باستقالته، فهو مجرد "شو إعلامي"، وكانت مجرد وسيلة للضغط للعدول عن قرار إقالته، أو الضغط لتعيين قاض آخر بعينه. وأشار سليمان، إلى أن الزند قام بندب 250 قاضيًا فى الوزارة، ليكونوا من الأقربين إليه لمؤازرته، لافتا إلى أنه لا يدافع عن الزند إلا زند مثله، مضيفًا أن هذا التجمع والدعوة إلى تقديم استقالات جماعية تمثل خرقًا للمبدأ الفصل بين السلطات وفرض وزير معين على السلطة التنفيذية وهو صورة من صور الاشتغال بالسياسة. وبرر وزير العدل الأسبق سبب إقالة الزند فى الوقت الحالي، لأنه أصبح عبئًا على النظام خاصة بعد تصريحاته التى أثارت الرأى العام ضده، فكان لا بد من إقالته حتى يهدأ الرأى العام، وإلا خرجت الجماهير إلى الشارع، حسب التقارير الأمنية. وأضاف الدكتور مختار غباشي، الخبير السياسي، أن تصريحات الزند زادت عن الحد وربما تكون تصريحاته الأخيرة هى "القشة اللى قصمت ظهر البعير". وأشار الخبير السياسى فى تصريحاته ل"المصريون"، إلى أنه كانت هناك حالة كبيرة من الرفض الشعبى له، بسبب غروره الذى وصل لمنتهاه وتأليه نفسه، لافتا إلى أن القضاة المؤيدين له والذين بلغ عددهم "250" قاضيًا هم الذين تم تكليفهم والذين حصلوا على امتيازات فى عهده لن يحصلوا عليها بعده، والعبرة فى أرضية فى الشارع الذى يستطيع أن يُسقط رئيسًا أو وزيرًا. وأكد غباشى أن وزير العدل لا يمتلك مقومات الانقلاب، فليس لديه قوة تتمثل فى الأسلحة ولا تأييد شعبى حتى ينقلب على النظام، مشيرا إلى أن من يقوم بالانقلاب وزير الدفاع أو وزير الداخلية، وليس وزير العدل.