نعم غدا يوم مشهود يكشف فيه مجلس التأديب الأعلى عن رأيه فى قضيتى البيان وقضاة من أجل مصر ، فينتصر فيهما للقانون والعدالة ، وإما أن يطعنهما فى مقتل طعنة لاشفاء منها لسنوات طويلة . فإن انتصر للقانون والعدالة وهو لابد فاعل إن شاء الله فقد أزاح بموقفه غمة جثمت على صدر العدالة طوال السنوات الماضية والتى شهدت امتهانا فاضحا لأحكام القانون ، واستهانة صارخة بمعايير العدالة وأسس التقاضى كما تعلمتها ومارستها أجيال طويلة جيلا وراء جيل . وإما أنه لاقدر الله يأخذ اتجاها يساير فيه الحكم الباطل المطعون فيه ، والذى أهان القانون إهانات تترى ، واستهان بأسس التقاضى ، وأهدر حقوق الدفاع ، ولم يقم للعدالة وزنا ، وعمد الى ظلم القضاة المدعى عليهم ظلما بيًنا مفضوحا سيظل وصمة فى جبين كل من شارك فى إصداره فما احترم قانونا وما أقام عدلا . سينتصر المجلس للقانون ويعيد الدعويين للمرافعة لأنه لايجوز له بتشكيله المعيب أن يصدر حكما فيهما للأسباب الآتية : 1- أن السيد القاض رئيس المجلس والسيد القاضى رئيس محكمة استئناف القاهرة سبق لهما أن طلعا على أوراق الدعويين وجالا ببصرهما فيهما وقت أن كانا عضوين بمجلس القضاء الأعلى ورأيا أن المدعى عليهم مدانون فطلبوا إحالتهم لمجلس التأديب ، ومن ثم يمتنع عليها الاشتراك فى عضوية المجلس الذى يحاكمهم ، بعدما ألغت المحكمة الدستورية فقرة المادة 98 من قانون السلطة القضائية التى كانت تجيز لهما الحضور، كما ألغت المادة 167 من ذات القانون التى كانت تجيز اشتراك رئيس المحكمة الإبتدائية الذى أحال المحضرلمجلس تأديب المحضرين ليكون عضوا فىه وقضت بعدم دستوريتهما . 2- أن عددا من السادة القضاة المدعى عليهم أقاموا دعوى برد السيدين القاضيين المذكورين ، وإذ بقلم الكتاب يمتنع عن قيد الدعوى بناء على أمر فى سابقة لاأعرف لها مثيلا أذ استخدم السيدان القاضيان المطلوب ردهما سلطة وظيفتيهما ليمنعا اقامة دعوى ضدهما تحول دون استمرارهما فى نظر الدعويين فهو إهدار خطير للحق فى التقاضى ، وتغول صارخ على اطمئنان القضاة لعدالة المحاكمة مهما سيق من حجج ، وقيل من أسباب حول جواز رد أعضاء مجلس التأديب من عدمه فمهما كانت قوة الأسباب لايمكن الحيلولة دون اقامتها ، فمابالنا والأمر على العكس من ذلك تماما . 3- أن تشكيل المجلس يضم أحدث ثلاثة نواب لرئيس محكمة النقض ، وفى حالة تخلف أى عضو عن الإشتراك لأى سبب يحل محله العضو الذى يليه فى الأقدمية ، وقد اعتذر أكثر من نائب ، ومن ثم وجب أن يحل محلهم أحد قضاة محكمة النقض الذين يلونهم فى الأقدمية ، ولكن التشكيل ضم النواب الذين يسبقون العضو المعتذر ولايلونه فى مخالفة صارخة للمادة 107 من قانون السلطة القانونية المعدل ، وهو أمر يبطل المحاكمة لبطلان تشكيل المجلس . 4- أن هناك خصومة نشأت بين السيد القاضى رئيس المجلس والسيد القاضى أمير عوض إثر طلبه أجلا مناسبا ليتمكن من إعداد دفاعه يترتب عليها صدور أمر رئيس المجلس بالقبض على السيد القاضى وتحريره مذكرة تم على إثرها حبس السيد القاضى ، كما حرر السيد القاضى مذكرة ضد السيد رئيس المجلس وهى خصومة وهى خصومة يمتنع عليه معها الاستمرار فى نظر الدعوى وهو مالم يحدث . فإما أن ينتصر المجلس للقانون ويعيد الدعوى للمرافعة لينظرها مجلس آخر مشكل تشكيلا صحيحا مطابقا للقانون ، وعقيدتى فى شيوخ القضاء أن هذا سيكون قراره ، لأن الأخرى لاتعنى إلا أن تستخرج رسميا شهادة ذبح القانون ووأد العدالة فى مصر لأجل لايعرف مداه إلا الله ويكون المجلس قد سطر بذلك صفحة كئيبة فى تاريخ القضاء المصرى يحفظها لهم التاريخ بأسمائهم . ناهيك عن أن الدعوى ليست سوى مجموعة أكاذيب صاغها الوزير المقال قبل أن تطاله الملاحقات القضائية ، وقد أنكر القاضى أحمد المنشاوى توقيعه على الشكوى ، وكان القاضى محمود الشريف خارج البلاد وقت تقديمها وقد أعان الوزير المقال عليها صديقه القاضى نبيل صليب الذى ندب قاضيا للتحقيق رغم عدم اختصاصه بإصدار مثل هذا القرار فقد عقد القانون الاختصاص بندب قضاة التحقيق للجمعية العمومية للقضاة ، ولم يجز لها تفويض هذا الأمر لأحد غيرها طبقا لصريح نص المادة 65 من قانون الإجراءات الجنائية قبل تعديلها بالقانون 138 لسنة 2014 ، ومن ثم يكون التحقيق الذى اجراه القاضى المنتدب باطلا لصدور قرار ندبه من غير ذى صفة ، ويبطل بالتالى كل إجراء اتخذه تأسيسا على أن كل مابنى على باطل فهو باطل ، ومن ثم فلايجوز الاستناد الى تحريات طلبها أو تدوينات أرفقها بالتحقيقات دون محضر يتضمن كيفية الحصول عليها ، ومن المسئول الذى جمعها ، فضلا عن أن وزارة الداخلية انتهت فى تقريرها الى استحالة الدخول الى صفحات السادة القضاة على مواقع التواصل لعدم معرفة كلمة السر ، ولأن هناك من ينشىء صفحات بأسماء غير صحيحة ، كما أنه بإمكان أى أحد أن ينشىء صفحات بأية أسماء . ناهيك عن أن التحريات تحريات مزوًرة وثبت تزويرها بمستندات رسمية ، وابلغ القضاة النيابة العامة بالواقعة وطعنوا عليها أمام مجلس التأديب الذى تحايل عليهم حتى لايمكنهم من إعلان الضابطين المزوًرين بشواهد التزوير التى فصلًها القضاة فى تقرير الطعن بالتزويرفى القضيتين، وحجز الدعوى فى غفلة منهم للحكم وصادر حقهم فى الدفاع عامدا متعمدا على غرار مافعل القاضى سعيد يوسف فى محكمة جنايات المنيا . فضلا عن أن الواقعة وهى اصدار بيان المطالبة باحترام ارادة الأمة , واحترام القانون والدستور ونبذ العنف وحقن الدماء هى واقعة واحدة لاغيرومن ثم تكون الدعوى الناشئة عنها بفرض أنها تشكل خطأ دعوى تأديبية يرفعها النائب العام طبقا للمادة 99 من قانون السلطة القضائية، كما أنها ليست سوى تعبيرا عن الرأى فى ظروف تعرض فيها الوطن لأحداث جسام غيًرت مجرى حياته لسنوات قادمة ، وهو حق مكفول لكل مواطن بموجب المادة 65 من الدستور . ناهيك عن أن هذه الدعوى أقيمت من وزير العدل بناء على طلب رئيس محكمة إستئناف القاهرة باعتبارها دعوى صلاحية . وبفرض التسليم الجدلى فقط بصحة تكييف الواقعة فإن هذه الدعوى يقيمها وزير العدل من تلقاء نفسه أو بناء على طلب رئيس المحكمة طبقا للمادة 111 من قانون السلطة القضائية ، والمقصود برئيس المحكمة بالطبع هو رئيس المحكمة التى يعمل بها القاضى . بينما الثابت من الأوراق أن الدعوىين اقيمتا من وزير العدل بناء على طلب رئيس محكمة استئناف القاهرة ، ومن ثم لاتنصرف الإحالة إلا لقضاة هذه المحكمة ، بينما شملت الاحالة نوابا لرئيس محكمة النقض ورؤساء وقضاة بمحاكم استئناف أخرى وقضاة بالمحاكم الإبتدائية ، ومن ثم تكون الدعوى بالنسبة لكل هؤلاء قد أقيمت من غير ذى صفة ، وهو ماكان يتعين الحكم به أمام مجلس أول درجة . الأمل معقود على مجلس التأديب الأعلى أن ينزل على حكم القانون فلايتجاوزه ، فهو ليس مجرد حكم فى قضية ، وإنما هو انتصار للقانون ، أو فتح الباب واسعا امام جميع القضاة لإنتهاك أحكامه وإهدارها والحكم بالهوى على غرار مايفعل ناجى شحاته ومحمد شرين وسعيد يوسف ومافعله نبيل بولس وغيرهم مما يرسخ لشريعة الغاب والبلطجة يهدد الاستقرار والسلام الوطنى ، ويهدد فرص الإستثمار ، وينال من سمعة القضاء فى مصر فى الداخل والخارج مما يفتح الباب للتدخل الأجنبى فى شئون مصر . ربنا افتح بينا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين ألا هل بلغت اللهم فاشهد .