كشف الصحفي والناشط الحقوقي حسام بهجت، عن حقيقة دور جهاز المخابرات الحربية ومكتب رئيس الجمهورية فى إنشاء حزب مستقبل وطن ليكون بمثابة ظهير سياسي للرئيس عبد الفتاح السيسي. وأوضح بهجت، فى تحقيق استقصائي نشره موقع "مدى مصر"، أمس الثلاثاء أن دور حزب مستقبل وطن لم يتضمن فقط مجرد دعمه بل وصل الحد إلى إنشاء الحزب وتمويله وتوجيهه بشكل مباشر منذ تأسيسه العلاقة، بحسب مقابلات أجراها "مدى مصر" مع عدد من الأعضاء السابقين والحالين فى الحزب والمقربين من رئيسه. وأوضح بهجت أنه طالما كان شعار الحزب "حزب مستقبل وطن يؤمن كل الإيمان بأن أمن الوطن وسلامة أراضيه هما الأولوية الأولى والمطلقة لدى كل المصريين" ليكون "أمن الوطن" هو القيمة الأولى التى يرد ذكرها فى تعريف حزب مستقبل وطن لأولوياته حيث لا يكاد الحزب يذكر فى فضائية أو مقال رأى إلا ووردت مع ذكره . ونقل بهجت عن حازم عبد العظيم فى شهادته عن الحزب –فى إحدى مقالته- قوله "أحد مساعدي الرئيس فى رئاسة الجمهورية قال لى بنفسه بالحرف "حزب مستقبل وطن وكان فى الأصل جبهة مستقبل وطن أسسته المخابرات الحربية ككيان شبابى لدعم الرئيس وده تبعنا". وتطرق بهجت إلى قصة صعود الحزب فى 15 ديسمبر 2013 حين شهدت دار الأوبرا المصرية إطلاق ما يسمى "حملة مستقبل وطن" وبحضور مسئولين كبار فى الدولة من بينهم مصطفى حجازي، المستشار السياسى لرئيس الجمهورية المؤقت وقتها عدلى منصور حيث كان رئيس الحملة محمد بدران فى ذلك الوقت رئيساً لاتحاد طلاب مصر، بأنه بعد إعلان عزل مرسى وإطلاق "خارطة الطريق" فى يوليو 2013 تم تعيين بدران فى لجنة الخمسين لكتابة الدستور كممثل عن طلاب الجامعات. وأضاف بهجت أن التكليف الأول لبدران كان كتابة الدستور والتى كانت السبيل لدعوة المستشار السياسى حجازى دعوة لإنشاء "مفوضية للشباب" ولتكون كياناً معاوناً للسلطة التنفيذية فى توصيل صوت الشباب إليها، ولتحين الفرصة أمام بدران لاكتشاف الأجهزة له واستخدامه كرمز شبابى يمكن إعداده لدور سياسى فى المستقبل. وتابع بهجت مستشهدًا بتصريحات عبد العظيم: "بأنه مع انتهاء أعمال لجنة الخمسين، كان مسئولون أمنيون على رأسهم الرائد أحمد شعبان مجدداً، قد استقروا على الحاجة إلى "كيان شبابى لدعم الرئيس" على الرغم أن السيسى لم يكن قد أعلن بعد نيته الاستقالة من منصبه كوزير الدفاع والترشح لرئاسة الجمهورية. ونقل بهجت عن أحد الأعضاء المؤسسين لحملة مستقبل وطن، - بشرط عدم ذكر اسمه أو محافظته- كمصدر كاشفا تفاصيل مثيرة عن المجريات داخل الحملة وعلاقتها العضوية بالدولة ومسئوليها الأمنيين منذ اللحظة الأولى لإطلاقها. ويذكر المصدر أن فكرة مفوضية الشباب أخذت فى التراجع بعد عدد من الاجتماعات التى شارك فيها بشأن إنشائها، ثم اختفت تماماً وظهر بدلاً منها مقترح تحويل الفكرة إلى حملة شبابية غير رسمية. واكتشف المصدر فيما بعد أن سبب التحول كان إدراك مسئولى الدولة الجدد أن إنشاء مفوضية رسمية سيخضعها لقوانين الدولة والرقابة على ميزانيتها، بعكس الحملة غير الرسمية التى لن تخضع لأى تنظيم قانونى أو رقابة. ويضيف المصدر: "بعد أن جمعنا عدداً من الأسماء المقترحة لعضوية مفوضية شباب، بدران قال لى إن القيادة السياسية شايفة من الأفضل إطلاق حملة تشبه تمرد. اجتمعنا وحددنا أسماء مقترحة للحملة زى (شباب مصر) و(المستقبل بإيدينا) و(المستقبل لينا). بعدها فوجئنا أن اسم الحملة هو (مستقبل وطن) بدون ما حد يعرف مين اقترح الاسم ده". وكانت هذه الاجتماعات تعقد بفندق فيرمونت بمصر الجديدة. وعاد بهجت فى مقالته على موقع مدى مصر، موضحا بأن كانت التكليف الأول للحملة بعد أقل من شهر على إطلاقها هو حشد الناخبين للتصويت لصالح الدستور الجديد فى يناير 2014 لافتا إلى، التمويل الشهرى لحزب مستقبل وطن أكبر من أكبر أحزاب المحافظة نقلا عن المصدر. كما كشف بهجت عن أن بدران كان يتلقى الأموال فى صورة سائلة على دفعات "بلغت أحيانا 20 ألف جنيه ونسخ من الدستور الجديد " مع مندوب لم يكن المسئول الإقليمى يعرف اسمه ليكتشف بعدها إنه ضابطا بمكتب المخابرات الحربية (قرر "مدى مصر" عدم نشر اسمه لحماية هوية المصدر). وأكد بهجت، فى مقالته، أن أعضاء حزب مستقبل وطن الذين يثبتون كفاءتهم يحصلون على وعد بإعفائهم من الخدمة العسكرية الإلزامية بعد إنهاء دراستهم الجامعية، لافتا إلى تصريح أحد قيادات اتحاد الطلاب بجامعة إقليمية روى ل"مدى مصر" أنه عندما ذهب إلى المنطقة العسكرية لإنهاء أوراق تجنيده طلب مقابلة ضابط بالاسم، وفقاً لتعليمات من بدران، وأن الضابط التقاه وأنهى إجراءات حصوله على تأجيل خدمته العسكرية لمدة عام، حصل بعده على إعفاء نهائى من التجنيد. وعلى نفس السياق، أشار بهجت إلى التكليف التالى للحزب بعد إقرار الدستور بالبدء فى جمع توكيلات موثقة بالشهر العقارى من الشباب فى كل محافظة لمطالبة السيسى بالترشح لمنصب رئيس الجمهورية. وأضاف الصحفى حسام بهجت أنه مع انطلاق حملة ترشح السيسي، تلقى منسق الحملة بالحزب توكيلاً باسمه من المحامى محمد بهاء أبو شقة، المسئول القانونى لحملة السيسى يفوضه بتمثيل المرشح فى كافة لجان محافظته بحسب تعليمات رائد يدعى أحمد شعبان، الذى كان وقتها قد انتقل للعمل بشكل شبه متفرغ فى حملة السيسى إلى جانب عمله فى إدارة الشئون المعنوية بوزارة الدفاع. ونقل بهجت عن وصف المصدر –الذى رفض إسمه - عن تفاصيل مكالمة للمرشح الرئاسى عبد الفتاح السيسى مع منسق الحملة قائلا "المكالمة كانت غاضبة وكلها زعيق بسبب أن الناس ما نزلتش اللجان فى أول يوم خالص. قال لنا أنا مشغل معايا عيال؟ فين الإقبال؟ شدوا حيلكم أكتر مش عايزين نندم أننا اعتمدنا عليكم. عايزين كل الناس تنزل النهارده. وهكذا. حاولنا طول اليوم نشجع الناس تنزل بس ما حدش كان متحمس. فى نهاية اليوم قرروا يمدوا التصويت يوم تالت والناس فجأة ظهرت بعربيات وأوتوبيسات والتصويت ارتفع بس برضو بدرجة قليلة". وأضاف بهجت أنه بعد شهر واحد من انتخاب السيسي، تقدم بدران بأوراق تأسيس حزب باسم مستقبل وطن فى يوليو 2014، وحصل الحزب على موافقة لجنة الأحزاب السياسية بعدها بأقل من شهر فى حين كانت حملة تمرد قد تعرضت لانشقاق جسيم قبيل الانتخابات الرئاسية، مع انضمام اثنين من مؤسسيها الأربعة لحملة حمدين صباحى المرشح المنافس للسيسي. كما أبرز بهجت دور بدران فى حفل افتتاح تفريعة قناةالسويس فى أغسطس 2015، عندما ظهر بدران واقفاً بجوار السيسى على مركب المحروسة أثناء افتتاح القناة ليكون هذا الظهور أول إعلان رسمى مبطن برعاية الدولة للحزب وقرب رئيسه من رئيس الجمهورية، وهو ما انعكس بقوة فى رأى المراقبين واللاعبين السياسيين على قرار عدد من المرشحين لانتخابات مجلس النواب الانضمام للحزب والنزول باسمه فى الانتخابات. وأعلن بدران لاحقاً فى تصريحات صحفية أن حزبه "ممول من مجموعة رجال أعمال منهم أحمد أبوهشيمة، ومنصور عامر، وكامل أبو علي، وهانى أبو ريدة، وبعض العائلات الكبيرة مثل الغنيمى فى الإسكندرية، والمغربى فى القليوبية، والقرشى فى أسيوط، والأشراف فى قنا". ونقل موقع مدى مصر شهادة أشرف رشاد أحد مؤسسى حملة مستقبل وطن، قبل أن يصبح أحد الأعضاء المؤسسين للحزب،، قوله "علاقتى بمحمد [بدران] أبوية وباعتبره ابنى البكرى وهو مشروع عمري"، رداً على سؤال بشأن سر الاختفاء المفاجئ لسلفه وتنصيبه بديلاً له دون مقدمات، على خلفية شائعات ترددت بشأن خلاف نشأ بينهما بشأن الانضمام لائتلاف دعم مصر فى مجلس النواب والذى رفضه بدران وأيده رشاد. ونفى رشاد فى حواره مع "مدى مصر"، وجود علاقة خاصة بين الحزب وبين الرائد أحمد شعبان، فى حين لم ينكر العلاقة الوثيقة لحزب مستقبل وطن بجهاز المخابرات الحربية بالذات. وأبرز حسام بهجت رد رشاد الواضح ،عن دور المخابرات الحربية كلما ذكر حزب مستقبل وطن، قوله : "لأننا فى وقت ظهورنا فى 2013 كانت المخابرات الحربية لاعب أساسى فى الساحة السياسية بعد ثورة 30 يونيو ومن بين كل قيادات الدولة كانوا أكثر من تحمس لنا ودعمونا وساعدونا فى التواصل فى المحافظات خاصة على مستوى القيادات التنفيذية".