لم تصل العلاقة بين حركة "حماس" ومصر إلى مرحلة القطيعة إلا في عهد الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، فيما كانت علاقة الحركة مع نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك جيدة، وكان الوفد الأمني المصري مقيم في غزة لسنوات طويلة. ومن جانبه ، قال عدنان أبو عامر، أستاذ العلوم السياسية، وعميد كلية الإعلام في جامعة الأمة بغزة ل "قدس برس": "الاتهام المصري لحركة حماس في الضلوع باغتيال النائب العام السابق هشام بركات بهذا التوقيت شيء غريب، ولكن الأغرب انه يأتي في هذا التوقيت في ظل وجود ترتيبات حقيقة لسفر وفد حركة حماس إلى القاهرة لإعادة تريب العلاقات بين الطرفين من جديد". وأضاف: "لا يمكن أن نجد تفسير حقيقي لما قد حصل إلا إذا افترضنا نوايا مصرية مسبقة تجاه هذا القرار(اتهام حماس باغتيال بركات)." وأشار أبو عامر إلى أنه من الواضح أن السياسة الداخلية المصرية تعيش مأزق حقيقي في ظل مشاكل البطالة وتراجع عملتها إلى مستوى غير مسبوق والأوضاع الأمنية غير المستقرة. وقال:"السلوك المصري الأخير تجاه حماس جزء منه محاولة تصدير الأزمة الداخلية الأخيرة إلى الخارج وذلك باتهام حماس باغتيال النائب العام هشام بركات حسب ما أعلن وزير الداخلية المصري بشكل رسمي". وأضاف: "هذا الإرباك يقلب الأوضاع في ظل ترتيبات حقيقية جادة لتحسين العلاقات بين "حماس" والقاهرة وفجأة يكون الاتهام بصورة رسمية". وكان واضحا في المؤتمر الصحفي الذي عقدته حركة "حماس" أمس الثلاثاء على لسان القيادي فيها صلاح البردويل حديث الحركة عن حراك كبير لطي الخلاف بينها وبين القيادة المصرية، وهو ما أكده موسى أبو مرزوق عضو المكتب السياسي للحركة، في تدوينة له عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" لتبيان حقيقة ما جرى. وقال أبو مرزوق إن "جهودا كبيرة بُذلت وعلى مدى شهور لتجاوز الوضع الذي وصلت إليه العلاقة بين حماس وجمهورية مصر العربية، وفجأة يخرج وزير الداخلية المصري ليتهم حماس بإدارة عملية الاغتيال للنائب العام المستشار هشام بركات، وبعد مدة طويلة من الحادث، وفي ظروف يعلمها الجميع". وأضاف: "قطعا يأتي هذا الاتهام للمقاومة في الصميم وهي التي تتعهد ليل نهار بأن بندقيتها لا تتوجه إلا للعدو الصهيوني، والحرب ضد المقاومة واستهدافها لا يتوقف، ولا أعتقد أن أحدا في مصر وجيشها ورئيسها، من الممكن أن يكون في هذا الموقع، خاصة وأن المقاومة هي التي رفعت رأس الأمة في مواجهة العدو الصهيوني". وتابع: "نحن ننفي أن يكون للمقاومة أي تدخل في الشأن الداخلي المصري، وكان يجب أن يُدقق في هذا الاتهام، ولا يُلقى على عواهنه، ونحن في كل مرة كانت تُتهم المقاومة فيها كان الاستعداد للتدقيق والتحقيق والتعاون وصولا إلى الحقيقة وحفاظا على المصداقية". وهو ما أكده البردويل في المؤتمر الصحفي، قائلا "في الوقت الذي طرأ تقدم على الاتصالات المصرية الفلسطينية، ولاسيما بين حركة حماس وبين قيادة المخابرات المصرية، وفي الوقت الذي استبشر الشعب المحاصر في غزة بانفراجة قادمة تعيد الأمور إلى نصابها، خرج علينا وزير الداخلية المصري بمؤتمر صحفي صادم مجافٍ للواقع وللآمال ومناقض للحقائق التي يعرفها القاصي والداني". وأضاف: "إن الاتصالات التي جرت بين قيادة الحركة وبين الأخوة في المخابرات المصرية تؤكد على توجهنا الإيجابي وحرصنا الأكيد على علاقات طبيعية مع أشقائنا في مصر ولا مصلحة لنا أبداً في تخريب هذه الجهود، ولهذا نرفض رفضاً باتاً توظيف اسم الحركة في الشأن الداخلي المصري". وتابع القيادي في "حماس" إنه "في الوقت الذي ندعو القاهرة إلى مراجعة هذه التصريحات والاتهامات الباطلة التي جاءت على لسان وزير الداخلية المصرية فإننا نأمل أن لا تؤثر هذه الأجواء التوتيرية على عمق العلاقة بين الشعبين الفلسطيني والمصري والتي تجلت مؤخراً في الاتصالات المسئولة بين جهاز المخابرات المصرية بقيادة الوزير خالد فوزي وبين رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" الأستاذ خالد مشعل". حديث حركة "حماس" عززه تصريحات محلل وأكاديمي فلسطيني حينما أكد أن اتهام "حماس" باغتيال النائب بركات جاء في وقت كان وفد الحركة يستعد لزيارة القاهرة لبدء حوارات لإعادة العلاقات بين الطرفين.