عكاشة يفتح ملف التطبيع واتحاد الكرة يسير فى فلكه فتح السفارة الإسرائيلية وعودة السفير المصرى أذابت جليد جمود العلاقات محللون: إسرائيل العدو الأول لمصر ومحاولات التطبيع فاشلة
فتحت واقعة استضافة الإعلامى والنائب البرلمانى الدكتور عكاشة للسفير الإسرائيلى فى منزله ملف التطبيع مجددا فالبرغم من معاهدة السلام التى وقعها الرئيس الراحل محمد أنور السادات بين كل من مصر وإسرائيل بعد سنوات من حرب أكتوبر، إلا أن إسرائيل مازالت تمثل العدو الأول والأخير للشعب المسلم بصفة عامة والشعب المصرى بصفة خاصة، وشهدت العلاقات المصرية الإسرائيلية توترا ملحوظا فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر ولكنها اتسمت العلاقات بالودية فى عهد السادات الذى قام بعقد اتفاقية كامب ديفيد تلتها معاهدة للسلام والتى عارضها الكثير من المواطنين فى ذلك الوقت، وكانت سببًا رئيسيًا فى مقتله وفى عهد الرئيس المخلوع محمد حسنى مبارك شهدت العلاقات نوعًا من التقارب الذى يشوبه الحذر إلى أن جاءت ثورة يناير وتظاهر المواطنين أمام السفارة الإسرائيلية وقاموا بحرقها وطرد السفير الإسرائيلى من مصر، وفى عهد الرئيس الأسبق محمد مرسى كان هناك تباعد واضح وتخوف إسرائيلى تجاه جماعة الإخوان المسلمين وبعد عزل الإخوان من الحكم حدث تقارب واضح سواء على المستوى الرسمى أو حتى على المستوى الفردي، فعلى المستوى الرسمى قامت مصر بإعادة السفير المصرى إلى إسرائيل مرة أخرى وفتح السفارة الإسرائيلية ومزاولة نشطاها فى مصر مجددًا كما صوتت مصر لصالح انضمام إسرائيل إلى عضوية لجنة تابعة للأمم المتحدة، موضحة أن "الالتزام بالدعم العربى كان وراء ذلك التصويت". وقد شهدت محاولات التطبيع الشعبى بين مصر وإسرائيل عدة محاولات لكنها باءت بالفشل وكان من ابرز الداعين للتطبيع المسرحى المصرى على سالم فهو يعتبر رجل التطبيع الأول مع إسرائيل، فقال بأن إسرائيل ليست عدوًا، ولا تمثل أى تهديد للأمن القومى المصري، وذهب سالم وهو صاحب المسرحية الشهيرة "مدرسة المشاغبين" التى حققت نجاحًا وزخمًا شعبيًا كبيرًا إلى إسرائيل عام 1994 بعد توقيع اتفاقية أوسلو، وقد تسببت مواقفه السياسية ودعواته للتطبيع مع إسرائيل فى الكثير من الخطوات العدائية التى اتخذت ضده لدرجة محاولات طرده من جمعية الأدباء المصريين ولكن برر محاولاته للتطبيع مع إسرائيل بأن تلك هى سياسة الدولة المصرية. وفى عام 2005 منعت السلطات المصرية خروجه لحضور الحفل الذى قررت جامعة بن جوريون بجنوب إسرائيل تكريمه خلاله ومنحه الدكتوراه الفخرية. وكان الباحث والمؤرخ ماجد فرج من أبرز المطبعين مع الكيان الصهيونى الذى زار إسرائيل عام 2015 والذى نشرت الإذاعة الإسرائيلية على لسانه تصريحًا بأنه يأمل فى أن تكون زيارته لإسرائيل فاتحة لحقبة جديدة فى العلاقات الإسرائيلية المصرية فى الوقت الذى قام خلاله بعقد سلسلة من اللقاءات مع أكاديميين ومثقفين إسرائيليين هناك ولافتتاح معرض لفنانة مصرية يهودية، مؤكدًا علم السلطات المصرية بسفره إلى هناك، لافتًا إلى عدم وجود حساسية عنده بالنسبة للدولة الإسرائيلية، وأكد حضوره افتتاح معرض صور زيتية عن مصر فى الثلاثينيات لفنانة مصرية يهودية، كما عقد سلسلة لقاءات مع مثقفين وأكاديميين إسرائيليين. ومع الشهور الأخيرة للعام الماضى وبدايات العام الحالى شهدت محاولات التطبيع المصرى الإسرائيلى زخما قويا بعد محاولات التطبيع الكروى والذى جاء على لسان المتحدث الإعلامى باسم اتحاد كرة القدم، بالإضافة إلى ممثل الشعب الدكتور توفيق عكاشة بعد استقباله السفير الإسرائيلى بمنزله. وفى إطار ذلك ترصد "المصريون" أهم الداعين لعودة العلاقات المصرية الاسرائيلية وفتح ملف التطبيع مجددًا. عكاشة يلتقى السفير الإسرائيلى بمنزله يعتبر الإعلامى والنائب توفيق عكاشة والذى ازدادت شعبيته بقوة فى حكم جماعة الإخوان المسلمين وكان سببا قويا فى عزلهم من الحكم من الإعلاميين الذين أثاروا جدلا واسعا وقت ظهوره وحتى الآن وقد نال العديد من الانتقادات سواء من مواقفه السياسية أو الإعلامية ولكن الواقعة الأخيرة والتى استضاف خلالها السفير الإسرائيلى بالقاهرة حاييم كورين، كانت القشة التى قصمت ظهر البعير وجعلته فى مرمى نيران المعارضة المصرية للتطبيع مع إسرائيل. وقد نشر عكاشة عبر حسابه على موقع "تويتر" بعض الصور، قائلا: "مع السفير الإسرائيلى ومناقشة حول كتابى الجديد (دولة الرب والماسونية) وعدة قضايا أخرى تهم مصر منها أزمة سد النهضة". وأشارت الإذاعة الإسرائيلية إلى أن كورين اجتمع مع عكاشة وبحث معه "فرص التعاون بين مصر وإسرائيل فى المجالات الاقتصادية والزراعية والتعليمية"، ونقلت عن السفير الإسرائيلى قوله إن "اللقاء عقد فى منزل عضو البرلمان المصرى استجابة لدعوته وإنه جرى فى أجواء ايجابية وتم الاتفاق على الاستمرار فى الحوار حول الملفات المذكورة خلال اللقاءات القادمة". وقد أثارت هذه الواقعة غضب كثير من المصريين وليس فقط المواطنين بل امتدت إلى أعضاء داخل البرلمان حيث قام النائب كمال أحمد بضرب عكاشة بحذائه تحت قبة البرلمان، وطالب عدد آخر من أعضاء البرلمان بسحب عضوية النائب بالإضافة إلى هجوم شرس من الإعلام تجاهه، وقد تم حرمان عكاشة من حضور عشر جلسات للمجلس لموقفه السياسي. صحفى مصرى يزور إسرائيل قبل ساعات من لقاء النائب توفيق عكاشة بالسفير الإسرائيلى بمنزله نشر الناطق باسم الجيش الإسرائيلي، افيخاى أدرعي، على صحفته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعى فيسبوك، أنه التقى بصحفى مصري، ضمن وفد صحفى وصل إسرائيل، واصفًا المبادرة بالرائعة، كما أعلنت وزارة خارجية إسرائيل، عن استضافتها وفدًا من الصحفيين العرب المقيمين فى أوروبا، خلال الأيام القليلة الماضية. وقالت الوزارة فى بيانها إنه "لأول مرة استضافت وزارة الخارجية الإسرائيلية بين 14- 19 من الشهر الجارى وفدا من الصحفيين العرب المقيمين فى أوروبا، فى مبادرة تستهدف الوصول إلى جماهير عربية غير تقليدية إضافة إلى العالم العربي". وأوضح بيان الوزارة، أن الوفد ضم أربعة صحفيين ينشطون فى مختلف وسائل الإعلام التقليدية مثل "دويتشة فيلة" و"بى بى سي"، وسكاى نيوز العربية والصحافة العربية والإلكترونية مثل موقعى الشرق الأوسط وإيلاف، إضافة إلى مدراء مواقع إخبارية إلكترونية. وقالت الوزارة إن فكرة استضافة الوفد هى توضيح أن "إسرائيل تستطيع الوصول إلى الجماهير العربية التى تستهلك الإعلام العربى فى أوروبا، إضافة إلى القاطنين فى العالم العربى المهتمين بهذا الإعلام". فى ذات السياق؛ نشر أفيخاى أدرعى صورة للقائه مع الصحفى المصرى رامى عزيز، وقال -خلال منشوره- إن الصحفى المصرى حدثه عن صديقه الأردنى الذى كان يدرس معه فى الجامعة فى روما، ودائما كان يقول بأن أفيخاى أدرعى شخصية خيالية، مشيرا إلى أنه "بالفعل فوجئ عندما تأكد أنه موجود، معربا عن سعادته بمقابلته أثناء زيارته لإسرائيل"، على حد قوله. وعزيز هو صحفى مصرى مقيم فى أوروبا، يكتب فى الشأن المصرى والشرق أوسطي، ويكتب فى صحيفة تايمز أوف إسرائيل، ويدرس الماجستير فى العلوم السياسية بجامعة لا سابينزا بإيطاليا. اتحاد الكرة يدخل سباق التطبيع لم يختلف الوضع الرياضى فى محاولة التقريب مع إسرائيل عن مثيله الإعلامى أو السياسى فأعلن الاتحاد المصرى لكرة القدم أنه لا يمانع فى لعب مباريات كرة قدم مع إسرائيل، وقال الكابتن عزمى مجاهد المتحدث الإعلامى باسم الاتحاد، إنه لا يمانع فى لعب مباريات كرة قدم مع إسرائيل ولا توجد مشكلة فى ذلك، لأنه لا علاقة لكرة القدم بالسياسة. وأضاف مجاهد: لن ندفن رأسنا فى التراب ونضحك على أنفسنا، لأن هناك تبادلاً للعلاقات الدبلوماسية، ويجب فصل الرياضة عن السياسة، كما أن بعض اللاعبين المصريين المحترفين فى أوروبا، مثل محمد الننى (أرسنال الإنجليزي) ومحمد صلاح (روما الإيطالي)، لعبا فى تل أبيب، وتابع أن "هناك تبادلا للسفراء بيننا وبينهم، وليس هناك مشكلة فى اللعب معهم عشان (من أجل) علاقاتنا الدبلوماسية". وزاد أن "قطر أخطر على مصر من إسرائيل ونفى مجاهد بشكل قاطع انسحاب مصر من المنافسة مع إسرائيل، على تنظيم بطولة كأس العالم للشباب بكرة القدم تحت 19 سنة. إسرائيل العدو الكلاسيكى للأمة.. والتطبيع الكامل غير وارد المحللون من جانبهم، قالوا إن إسرائيل هى العدو الأول لمصر وإن محاولة التطبيع لن تنفع. فى البداية يقول الدكتور سعيد اللاوندى, الخبير فى الشؤون الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية، إن العلاقات المصرية الإسرائيلية, هى علاقات تتصف بالجمود على الرغم من أنها تبدو فى الظاهر علاقات عادية إلا أن العكس هو الصحيح, لأن إسرائيل كانت ولا تزال العدو الكلاسيكى للأمة العربية لأسباب عديدة معلومة للجميع أهمها وجود دماء بيننا وبينها واحتلالها لأراضى عربية وممارستها القمعية تجاه الشعب الفلسطينى واستمرارها فى الاستيطان. وأكد اللاوندى أن الحديث عن نية لقيام تطبيع كامل من جانب الدولة المصرية مع الكيان الصهيونى ليس صحيحًا وأن الأمر يتوقف عند حد رغبة الدولة فى عدم فتح جبهة إسرائيلية لانشغالها بالشأن الداخلى المصري, الذى بات يواجه الكثير من الأمور مع تزايد الأزمة الاقتصادية مما جعل الشأن الداخلى فى الأولوية, على الرغم من محاولات البعض من تصوير الأمور بغير حقيقتها. وعن مبادرة البرلمانى توفيق عكاشة, باستضافة السفير الإسرائيلي, قال اللاوندى إن تصرفه لا يجوز, على الرغم من وجود تمثيل دبلوماسى شكلى بين البلدين, فضلا عن أن فكرة مقارنة نفسه برئيس الجمهورية الذى استقبل السفير الإسرائيلى أمر غير مفهوم، لأن مقابلة الرئيس للأخير تأتى فى إطار البروتوكولات ولا تتعدى ذلك, وأنه لا يجوز أن يتصرف عكاشة بمنطق أنه رئيس, كما أنه يستبعد أن تكون تحركات عكاشة بأوامر من أجهزة أمنية، لأنه من وجهة نظره يتصرف وفقاً لرؤيته الشخصية للأمور على الرغم من علاقاته مع الأجهزة الأمنية التى أعلن أنه على صلة بها، إلا أنه أكد فى الوقت نفسه أن بعض هذه الأجهزة ندمت على دعمها له. "عكاشة" لا يصنع السياسة المصرية وهو يدور فى فلك "الدولة" فيما قال الدكتور محمد حسين, أستاذ العلاقات الدولية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة, إن العلاقات المصرية مع إسرائيل تربطها ثلاث علاقات, أولها الشخصية القانونية للدولة والثانية الاعتراف المتبادل بين الدولتين وهو ما حدث عند إعلان مصر اعترافها بدولة إسرائيل والأخيرة هى وجود اتفاق يقيم العلاقات بين الدولتين, وهو ما تم بالفعل. وأضاف أن السياسة المصرية يصنعها رئيس الدولة وهو عبد الفتاح السيسى ويتحدث بها وزير الخارجية والسفراء المعتمدين بالعالم, مشيراً إلى أن العلاقات المصرية الإسرائيلية هى علاقة عادية تقوم على تمثيل دبلوماسى بين البلدين واعتراف متبادل من وجهة نظره, وعن قيام عكاشة باستضافة سفير إسرائيل اعتبر حسين أن هذا الأمر لا يستحق الضجة الإعلامية التى أثيرت حوله، لأن ما فعله عكاشة هو مضى فى سياسة الدولة العامة من تطبيع مع إسرائيل، متسائلا: "إذا كانت الدولة معترفة بإسرائيل ولها تمثيل بالقاهرة من خلال السفير لماذا كل هذه الهجوم على عكاشة"، موضحاً أن عكاشة لا يصنع السياسة المصرية إنما هو يدور فى فلكها.