آفة حارتنا النسيان, وفى اللغة العربية ممنوعون من الصرف, وأسوأ آفات بعض الكبار الرجوع عن الوعود, وهم يعتقدون أننا نسينا كلامهم فى غمرة الأحداث, وحسام حسن لاعب فذ, وأحد أهم مراحل الكرة المصرية. بدأ الظهور وهو ابن ثمانية عشر عامًا فى مباراة قمة واستمر حتى اعتزاله فى السادسة والثلاثين, واعتزل وهو فى قمة مجده, ولا يزال فى المشهد مدربًا. فهل يمكن أن يرجع فى كلامه ويلعب ثانية ويقيد ضمن أحد الفرق فى قائمة الدورى؟ لو ذلك غير كذلك, فلماذا ذلك كذلك فى عودة من اعتزل الكتابة, ثم عاد دون تفسير لماذا عاد الآن. والأستاذ هيكل عرف الصحافة مبكرًا وتعلمها على يد أصحابها الإنجليز وبرع كما لم يبرع صحافى عربى, وملأ مكتباتنا بمؤلفات قيمة, نختلف على ما فيها لكننا نتفق على قيمتها, وبعد عبد الناصر تعكر الماء بين هيكل وبين كل ساكنى قصر القبة من السادات ومبارك وحاشيتهما من صحفيين ومستشارين. وفى عام 2003 أعلن هيكل تركه للملاعب والكف عن المقال الصحفى والتأليف, واستأذن بالانصراف, فأذن له القراء وتأسفوا على ذلك, وكتب مقالين تحولا لكتيب أقرب للسيرة الذاتية المختصرة وجاء فى ختامه: "وكان رأى حبيبة القلب والعقل ونور الطريق والضمير فى حياتى أن الاستئذان فى الانصراف مفهوم ومعقول لكنه قرار مرة واحدة وذلك يدعو إلى إطالة التفكير وكان القول صدقًا...وكان رأى المحيطين أن لدى كفاية من صلاحية البدن والفكر تكفل الاستمرار سنوات قادمة يعلمها الله وكان ردى أنه لا يحق لأحد تجاهل المؤشرات التى تقول بها قواعد الحساب وأحكام الطبيعة". والجملة الأخيرة تحديدا الخاصة بقواعد الحساب وأحكام الطبيعة, اعتبرناها من باب (نفسى أعنى وافهم يا مبارك) وكانت مدخلا مؤثرا لانتقاد مبارك الذى ظل يحكم متجاهلا السن والمرض, ووقتها كان هيكل فى الثمانين ومبارك فى الخامسة والسبعين. ثم وجدنا الرجل على شاشة دريم, فضيقت الحكومة على أصحابها فهجرها, وأضاء شاشة الجزيرة, وفرحنا به وتغاضينا عن إذنه المعلن والمنشور بالانصراف, وقلنا معللين ذلك بأن الرجل تحدث عن انصراف القلم ولم يتحدث عن انصراف الشهادة واللسان والحديث, واستمرت المقابلات الصحافية والتليفزيونية تعوضنا عن اختفاء مقالات ومؤلفات شيخ الصحافة العربية. لكننا إذ فجأة نجد إعلانًا عن مقال بالأهرام للكاتب الكبير المعتزل, ثم إذ فجأة نجد كتابًا عن عصر مبارك, طيب والاستئذان بالانصراف يا مولانا واعتزال الملاعب يا شيخ الصحافة..ما الذى غير الحال, ولا يفهمنى أحد أنى ضد ما يكتبه هيكل كقيمة, لكننى فقط أريد أن أفهم ماذا يعنى الاعتزال؟ حتى أقبل ما يقوله المعتزلون. [email protected]