لا يكفى إطلاقا أن تقوم الجهات الأمنية بترحيل الآلاف من الصعايدة من مدينة الغردقة، ولا يكفى إطلاقا أن تقوم بطردهم من هذا الجزء من وطنهم الذى كان فيما مضى مثل أى جزء آخر من الوطن ملكا لكل المصريين، ثم أصبح الآن ملكافقط للخواجات وكبار المستثمرين بالإضافة إلى عدد من رجال الأمن والمحاسيب والمخبرين ، ولم يعد من حق الصعايدة أن يقولوا: "نحن الذين شيدناه أوعلى الأقل نحن شاركنا فى تشييده، لم يعد من حقهم أن يقولوا ذلك فقد انتهى أوان البناء والتشييد وآن الآن أوان البيع والتمليك ولم يعد أحد بحاجة إلى خدمات أبناء الجنوب،... لايكفى إطلاقا أن تقوم الجهات الأمنية بالقبض على الصعايدة ثم شحنهم إلى محافظاتهم الأصلية : (قنا وأسوان وسوهاج وأسيوط)، بمجرد أن يثبت لها بالدليل القاطع أنهم قد ارتكبوا واحدة من الجرائم البشعة التى اشتهر الصعايدة بارتكابها فى الغردقة مثل جريمة البحث عن فرصة جديدة للعمل، أو جريمة وجود عمل فعلا ولكنه غيرثابت وغيردائم، أو جريمة عدم وجود محل للإقامة مسجل فى أوراق رسمية، أو حتى جريمة إزعاج السواح الظرفاء اللطفاء بمجرد وجودهم (أى الصعايدة) أو ظهورهم (أى الصعايدة أيضا) فى أى مكان يوجد فيه أولئك اللطفاء الظرفاء،...لا يكفى أن يقوم رجال الأمن البواسل بالقبض على الصعايدة وتأديبهم قبل ترحيلهم عقابا لهم على ماارتكبوه من الجرائم سالفة الذكر، بل لا بد أن تتخذ من الإجراءات ما يحول بين هؤلاء الأشرار وبين العودة مرة أخرى إلى الغردقة عبر المدقات والطرق الجبلية الوعرة التى يحفظونها عن ظهر قلب جيلا من بعد جيل منذ أن كان أجدادهم يسلكونها فى مواسم الحج بالبواخر والمراكب الشراعية عبر البحر الأحمر إلى بلاد الحجاز، .....والإجراء الناجع الوحيد الذى سوف يحول بين الصعايدة وبين العودة إلى الغردقة ليس هو تنمية الصعيد، (لأن تنمية الصعيد ليس واردا فى أجندة النظام إلا على مستوى التصريحات الرسمية أو الدعايات الإنتخابية!)، ولكنه يكمن فى إقامة جدار عازل يعزل الغردقة عن باقى الصحراء الشرقية حتى لا يتسلل إليها أحد من المتسللين من أولئك الجنوبيين الملاعين، ويمكن للدولة بعد ذلك إقامة محورين للعبور الآمن من وإلى الغردقة ،.... أحدهما من طريق سفاجة ويمكن أن يطلق عليه محور " سفاجة دلفيا" ، قياسا على محور فيلادلفيا فى فلسطينالمحتلة ، مع مراعاة أن يعمل هذا المحور فى اتجاه واحد فقط بمعنى أن يسمح هذا المحور بخروج الصعايدة من الغردقة إلى سفاجة ومن سفاجة إلى قنا، ولا يسمح لهم بالعكس، أى أنه سوف يعمل بطريقة ال (سكس بلف ) بلغة الصنايعية ، أما المحور الآخر فهو محور رأس غارب الذى سوف يسمى محور غالب دلفيا فسوف يمكن له أن يعمل فى كلا الإتجاهين ، لأن تسرب الصعايدة إذا حاولوا أن يتسللوا إلى الغردقة من طريق رأس غارب سوف يكون أمرا بالغ الصعوبة بالنسبة إليهم، لأنه يستلزم منهم أن يسافروا أولا إلى القاهرة ثم إلى السويس أو إلى العين السخنة عن طريق المعادى ثم بعد ذلك إلى رأس غارب ، وبطبيعة الحال فإن الذين يستطيعون القيام بكل تلك الجولات السياحية هم المقتدرون الذين لا حاجة للأمن بأن يقبض عليهم أصلا!!، هكذا يتبين أن جدار الغردقة العازل هو الحل الوحيد الناجع والأكيد للمشكلة خاصة وأن الصعايدة لن يكون بوسعهم أن يتوجهوا إلى محكمة العدل الدولية لاستصدار قرار بعدم شرعية بنائه .