أعرب المحامي والناشط الحقوقي ناصر أمين عن صدمته إزاء حبس الكاتب أحمد ناجي بتهمة خدش الحياء العام. وقال أمين، وهو أحد المحامين الموكلين بالدفاع عن ناجي، في تصريحات لشبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، إن هذا القرار "صادم"، وأبدى أيضًا استغرابه، لأن المحكمة الابتدائية كانت برأت الكاتب في ديسمبر الماضي. وتابع: "الطبيعي أن تصدر محكمة أدنى حكما بالإدانة في مثل هذه القضايا، ويتم نقضه من قبل محكمة أعلى درجة، وليس العكس". ووصفت "سي إن إن " حبس ناجي بالأمر المقلق، لأنه جاء - حسب تعبيرها- بعد أن صدرت أيضًا أحكام بالسجن ضد الكاتبة فاطمة ناعوت ومقدم البرامج إسلام البحيري، بعد أن أدينا بازدراء "الإسلام". وكانت صحيفة "الجارديان" البريطانية قالت أيضًا إن حبس أحمد ناجي بتهمة خدش الحياء العام، يكشف مجددا حجم القيود على حرية التعبير في مصر، على حد قولها. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 21 فبراير أن المنتقدين لهذا الحكم قارنوا بين حبس ناجي بسبب "رواية"، وما سموه إفلات بعض رجال الشرطة من العقاب على تعذيب مواطنين، حسب تعبيرهم. وتابعت أن هناك عدة وقائع سابقة تكشف ما سمته محاربة السلطات المصرية حرية التعبير منها، إلقاء القبض في وقت سابق على رسام كاريكاتير ومداهمة إحدى دور النشر. ونقلت الصحيفة عن محمود عثمان محامي ناجي قوله إن "حبس موكله يتعارض مع المادة 67 من الدستور المصري، التي تؤكد حرية التعبير". وقررت محكمة جنح مستأنف بولاق أبو العلا في 20 فبراير حبس الكاتب أحمد ناجي سنتين، وتغريم رئيس تحرير "أخبار الأدب" طارق الطاهر 10 آلاف جنيه، في القضية رقم 9292 جنح بولاق أبو العلا التي تتهم ناجي بخدش الحياء العام لنشره فصلًا من روايته "استخدام الحياة" في عدد من مجلة "أخبار الأدب". وكانت نيابة بولاق أبو العلا، أمرت بإحالة أحمد ناجي حجازي، صحفي بجريدة "أخبار الأدب"، وطارق الطاهر، رئيس تحرير الجريدة، التي تصدر من مؤسسة "أخبار اليوم"، إلى محكمة الجنايات، بتهمة نشر وكتابة مقال جنسي خادش للحياء وذلك بعد نشر فصل من رواية ناجي "استخدام الحياة" في العدد رقم 1097 من جريدة "أخبار الأدب" بأغسطس 2014. ورأت النيابة أن النص الأدبي، وهو الفصل الخامس من الرواية، يخدش الحياء العام. وكانت محكمة أول درجة قضت في يناير الماضي ببراءة الصحفي والروائي أحمد ناجي من تهمة خدش الحياء العام بعد نشر فصل من روايته، إلا أن النيابة قامت بالاستئناف على الحكم. وانتقدت منظمات حقوقية مصرية سجن ناجي، واعتبرته هجمة شرسة تشُنها السلطات على حرية الإبداع والتعبير الفني. وقالت12 منظمة حقوقية، في بيان لها في 21 فبراير إن الحكم على الأديب أحمد ناجي عامين وغرامة 10 آلاف جنيه على رئيس تحرير جريدة "أخبار الأدب"، طارق الطاهر، في واقعة نشر "ناجي" لفصل من روايته، "استخدام الحياة"، بمجلة "أخبار الأدب"، جاء ليؤكد طبيعة المناخ المعادي لحرية الإبداع والتعبير بشكل عام في مصر ، والذي شهد هجوما متواصلا في الفترة الأخيرة، على حد قولها. وتابعت: "تمت معاقبة ناجي والطاهر بأقصى عقوبة أباحها القانون لتهمة (خدش الحياء العام)، في رسالة قاسية وواضحة لكل من تُسوِّل له نفسه أن يستخدم خياله أو قلمه ليُعبِّر عن أية آراء مخالفة للثقافة العامة التي تحميها السلطة بهدف قتل روح الخيال والإبداع بما يساهم فيه ذلك من وقف حركة تطور الوعي الجماعي للمجتمع، ويجعله حبيس أفكار معادية للاختلاف وقبول الآخر". ولفتت إلى أنه بالرغم من أن الدستور المصري نص في مادته (67) كفالة حرية الإبداع الفني والأدبي، ورعاية المبدعين وحماية إبداعهم وعدم توقيع عقوبة سالبة للحرية في الجرائم التي ترتكب بسبب علانية المنتج الفني أو الأدبي أو الفكري، إلا أن المُبدعون يتعرَّضون يوميًا لبلاغات تتعمد النيابة العامة إحالتهم على إثرها للمحاكمة باستغلال، أبواب الدستور الخلفية، ممثلة في نصوص القوانين المختلفة التي لم تُنقَّح بعد وعلى رأسها قانون العقوبات، والتي تُفرِّغ النص الدستوري من مضمونه بشكل كامل، كحالة "ناجي" وغيرها الكثير. وقالت المنظمات في بيانها أيضًا:"إن الحكم الصادر بحق ناجي والطاهر لا يُمكن فصله عن ما يتعرض له المناخ العام لحرية الإبداع والتعبير الفني -بشكل خاص- والتعبير عن الرأي بشكل عام في مصر، فقد شنَّت السلطات، في الآونة الأخيرة، حملة موسعة، شملت مداهمة دار (ميريت للنشر)، ومؤسسة (تاون هاوس) وتشميع مسرح (روابط)، وحبس الباحث، إسلام البحيري، بعد تجريمه بتهمة ازدراء الأديان، والحكم على الكاتبة، فاطمة ناعوت، كذلك بتهمة ازدراء الأديان، وقرارات وزير العدل بمنح سلطة الضبطية القضائية لنقيبي المهن التمثيلية والموسيقيين وعدد من أعضاء نقاباتهم في إعلان للحرب على الفنانين والمُبدعين الغير محميين بمظلة النقابة، وغير ذلك الكثير"، حسب تعبيرها. وأضافت المنظمات ذاتها أيضًا أن استمرار مثل تلك السياسات سوف يؤدي لمزيد من انسداد الأفق في علاقة المثقفين والمبدعين بالسلطة القائمة ويؤكد زيف إيمانها بحرية الرأي والإبداع وقبول الآخر، ويُزيد من مخاوف الإلقاء بمزيد من أصحاب الرأي والخيال داخل السجون لمجرد تعبيرهم عن تلك الآراء في أي قالب كان، رغم أن حرية الإبداع والتعبير الفني مكفولة بموجب الدستور والمواثيق والمعاهدات الدولية التي وافقت عليها مصر وأصبح لها قوة القانون. وطالب البيان السلطات، بما سماه الوقف الفوري لكافة أشكال انتهاك الدستور، والإفراج الفوري عن أحمد ناجي، وإلغاء الحكم الصادر بحقه، بأي وسيلة قانونية كانت، والشروع فورًا في مناقشة التشريعات التي تحتاج لكثير من التنقيح والتعديل وعلى رأسها المواد 98 و 178 من قانون العقوبات المصري، والتي يستغلها الكثيرين للإلقاء بالمبدعين والمثقفين خلف الأسوار بدواعي خدش الحياء العام وازدراء الأديان، على حد قولها. والمنظمات الموقعة على البيان هي الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون، الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، مؤسسة حرية الفكر والتعبير، مؤسسة قضايا المرأة المصرية، مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، مركز حابي للحقوق البيئية، مركز وسائل الاتصال الملائمة، مصريون ضد التمييز الديني، مؤسسة المرأة الجديدة، نظرة للدراسات النسوية.