"عموية المعلمين" توجه التحية للرئيس السيسي: وضع التعليم والمعلم على رأس أولويات مصر    "الزراعة": تحصين أكثر من 824 ألف رأس ماشية في الأسبوع الأول للحملة القومية للتحصين    ربيع: لابديل لقناة السويس.. وعودة حركة الملاحة إلى طبيعتها بحلول نهاية العام    توجيه من الإسكان لحاجزي فيلات وشقق بيتك في مصر لاستكمال الإجراءات    أحمد موسى: ميليشيات السويداء نموذج للفوضى وتهديد للوجود الوطني السوري    ربيعة: راوغت وسام أبو علي وهذا ما قاله لي حينها    تقرير: ريال بيتيس يرغب في استعارة سيبايوس.. ورد ريال مدريد    جلوبو: بنفيكا توصل لاتفاق لضم ريوس    "طلبات النادي".. أحمد شوبير يكشف الموقف النهائي لوسام أبو علي داخل الأهلي    "راكب على الكبوت".. ضبط سائق أثار الفزع في المنوفية    سيدة تنهي حياة زوجها فى بنها.. كيف تحولت "أميمة" لقاتلة؟    حدث بالفن | رقص هيدي كرم وزينة في الساحل وتعليق أنغام على أزمتها الصحية    ب"فستان جريء".. أحدث جلسة تصوير ل جوري بكر والجمهور يغازلها    بعد فضيحة الحفل الموسيقي.. استقالة المدير التنفيذي لشركة أسترونومر الأمريكية    الصحة: مبادرة القضاء على قوائم الانتظار شملت 2.8 مليون عملية بتكلفة 23 مليار جنيه    قافلة بيطرية من جامعة المنوفية تفحص 4000 رأس ماشية بقرية مليج    هيرميس للوساطة تتصدر الأسهم من حيث قيمة التداول بالبورصة خلال الأسبوع    بيلد: ألمانيا قد تواجه أزمة في إمدادات الكهرباء خلال السنوات المقبلة    أتلتيك بيلباو يجدد اهتمامه بنجم النصر السعودي    طنطا يتعاقد مع أحمد فوزي مهاجم الإعلاميين    عاشور: الزمالك يتعامل باحترافية في ملف الصفقات    قبل الانتخابات، ما هي اختصاصات مجلس الشيوخ وفقا للقانون؟    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. وفاة "الأمير النائم" الوليد بن خالد بن طلال بعد أكثر من 20 عامًا فى الغيبوبة.. غزة تُصارع الجوع والموت.. أوكرانيا تقدم مقترحا لموسكو بعقد محادثات جديدة    خلاف تربوي ينتهي بمأساة.. زوجة تطعن زوجها حتى الموت في بنها    تشييع جثامين 3 شقيقات غرقن في بئر بمزرعة بوادي النطرون    الحزن يخيم على الأزهري.. وفاة معلم في حادث سير عقب تلقيه خبر رحيل والدته ببني سويف    أخبار × 24 ساعة.. احتساب الدرجات الأعلى للطالب فى التحسين بنظام البكالوريا    ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة ل58,765 والإصابات 140,485 منذ بدء العدوان    مفتي الجمهورية ينعى الأمير الوليد بن خالد بن طلال بن عبدالعزيز آل سعود    توم باراك يبحث مع القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية خطوات عاجلة لاستعادة الاستقرار    حنان ماضى تعيد لجمهور الأوبرا الحنين لحقبة التسعينيات فى المهرجان الصيفى    التحقيق مع مصفف الشعر التائب في بلاغ أسماء جلال    أستاذ علوم سياسية: الاحتلال الإسرائيلي يمارس تغول عسكري منذ عامين    أستاذ علوم سياسية: القراءة الأمريكية ترى أنه آن الأوان لإيقاف العنف في غزة    قرار عاجل من "القومي للطفولة" بشأن طفل العسلية في المحلة    4 وصفات طبيعية فعالة لتطهير القولون وتعزيز الهضم.. تعرف عليها    «قولي وداعًا للقشرة».. حلول طبيعية وطبية تمنحك فروة صحية    غلق 6 مطاعم فى رأس البر بعد ضبط أطعمة منتهية الصلاحية    تشييع شقيقتين غرقا في النيل والبحث مستمر عن جثمان الثالثة    عندما يصبح القائد واحدًا من الجائعين.. ما دلالات التغير في جسد أبوعبيدة بين الظهور الأول والأخير؟    عمرو أديب: لست موقوفا وأقضي أجازتي الصيفية    أمين الفتوى: الرضاعة تجعل الشخص أخًا لأبناء المرضعة وليس خالًا لهم    بلغة الإشارة.. الجامع الأزهر يوضح أسباب الهجرة النبوية    رئيس جامعة الأزهر: الحج ورد في آيتين من سورة آل عمران لخصوصية التوحيد فيها    هدير عبد الرازق في قبضة الأمن بعد فيديو اعتداء طليقها عليها بالضرب    تنظيم الاتصالات: التعويض الإضافي عن حريق سنترال رمسيس موجه للمتضررين فقط    «يحتاج مُعد ذهني».. أيمن يونس يدافع عن أحمد فتوح بعد أزمته الأخيرة    سفير أمريكا لدى إسرائيل: الهجوم على كنيسة فلسطينية بالضفة عمل إرهابي    حسام حسن ل فيتو: أتمنى تطبيق تجربة مستشفى العجمي بجميع المراكز العلاجية في الجمهورية (فيديو)    حصاد الأسبوع    تنويه عاجل من «التنظيم والإدارة» بشأن مستندات المتقدمين لوظائف هيئة البريد    براتب 900 يورو.. آخر فرصة للتقديم على فرص عمل في البوسنة ومقدونيا    باحث: موسكو لا تسعى لصراع مع واشنطن والمفاوضات في إسطنبول مؤشر إيجابي    دعاء أواخر شهر محرم.. اغتنم الفرصة وردده الآن    رئيس جامعة قناة السويس يوجه بسرعة الانتهاء من إعلان نتائج الامتحانات    هل يجوز للمرأة أن تدفع زكاتها إلى زوجها الفقير؟.. محمد علي يوضح    توقيع اتفاقيات تعاون بين 12 جامعة مصرية ولويفيل الأمريكية    أسعار اللحوم اليوم السبت 19-7-2025 بأسواق محافظة مطروح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سامحه الله وعفا عنه........وليكن آخر هيكل
نشر في المصريون يوم 21 - 02 - 2016


(1)
عند الوفاة – خاصة في مصر - يخلط الناس بين الخشوع لجلال الموت وحقه علينا، وبين النياحة بالكلمة وإن لم يكن بالصوت، وتبتذل الكلمة إلى درجة أن الحقيقة تدفن في التراب قبل أن يدفن الميت ويسجى جسده في قبره، وتتحول مقولة (إذكروا محاسن موتاكم) إلى (إذكروا محاسن ليست لموتاكم).....وكذلك يفعلون.

(2)
في يوم 17 فبراير إنتهت رحلة الأستاذ هيكل في الدنيا، وارتحل للقاء الله، ولا شك أن الرجل بما كان له من قيمة وتأثير في المجالين السياسي والصحفى على ما بهما من تداخل كان ينتظر لموته أن تكون له ردة فعل كبيرة من محبيه ومن المتابعين والمهتمين في هذين المجالين.

(3)
وحدث مثل رحيل الأستاذ هيكل ستتبدى فيه كل خطايا الشخصية المصرية في موت الأكابر، فعدد كبير من الكتاب والصحفيين – خاصة من تلاميذ هيكل ومحبيه وبعضهم وصل لمرحلة التوله والدروشة فيه – سيدبجون المرثيات المبالغة في حقه، ولعل الأستاذ هيكل وهو الراصد المدقق لظواهر المجتمع ومنها ظاهرة الإحتفاء المبالغ فيه بالأشخاص بمجرد وفاتهم، أراد أن يسمع بأذنه ويرى بعينه هذا الإحتفاء المبالغ فيه مقدماً يوم أعلن انصرافه في عام 2003، إذ ما فائدة حدوثه بعد مفارقته الحياة، فلعل الأستاذ هيكل أراد أن يسمع تلاميذه ومريديه وهم يقولون في حياته "يا سبع الكتابة .. يا جمل الكتابة" ، "ياللي كنت .. ، وياللي كنت"، إلى آخر تلك المرثيات المصرية الشهيرة التي تتبخر فيها سلبيات المتوفي وتتعاظم فيها إيجابياته، والتي لو صدقت لكنا أمة كل أفرادها في شجاعة السباع وصبر الجمال، ولو صدق هذا الظن فهو ذكاء معهود من الأستاذ الساحر الذي اختلف الناس حوله في كل شئ إلا على أمرين، ذكاءه وقدراته الصحفية الفذة، وحتى هذه اختلفوا حول استخدامها، هل استخدمها في أحقاق الحق .. أم ماذا؟


(4)
الحق أن الأستاذ محمد حسنين هيكل هو الإسم الأكبر في تاريخ الصحافة المصرية، تجاوز بشهرته وحضوره ودوره الصحفي كل الأسماء الكبرى الأخرى في الصحافة المصرية، ويكفي أنه يعتبر المؤسس الثاني لأكبر مؤسسة صحفية عربية وهي الأهرام، انتشل جريدتها من حافة اليأس والإفلاس، إلى أن أصبحت معه هرماً شامخاً بحق، وأكاد أجزم أن الجميع من مؤيدي هيكل ومعارضيه يتفقون على نبوغه الصحفي ولغته الساحرة الدلالة التي أكسبته موقع الصحفي الأديب، من أجل هذا كله يستحق هيكل التكريم كصحفي عملاق.

(5)
لكن الصحافة ليست كل شئ في حياة الأستاذ هيكل، وإنما له دور خطير كأحد أهم المقربين والمستشارين من صناع التاريخ المصري في أخطر فتراته منذ أواخر الخمسينيات وحتى أواسط السبعينيات، وله دور لاحق لعبه ككاتب مؤرخ لتلك الحقبة – حتي وإن أنكر دوره كمؤرخ – فمجموعة كتبه عن فترة ما قبل الثورة وحتى الآن لا يمكن إلا أن تعد تأريخًا استخدم فيه قربه من دوائر صنع القرار ليقدم لنا رؤيته للأحداث، وهذان الدوران الأخيران، دوره كمستشار مقرب وحقيقته، ودوره ككاتب مؤرخ ومدى مصداقيته، هما محور الجدل حول شخصية الأستاذ هيكل ومصداقية كتاباته، وهو جدل يرسم عشرات من علامات الاستفهام والتعجب، ويتسع لعشرات الدراسات والكتابات خلال السنوات الماضية والتالية ستكشف لنا الكثير، وغداً لناظره قريب.

(6)
والأستاذ هيكل بما ترك من حياة حافلة هو قدوة ومثل أعلى لكثير من كبار الصحفيين وصغارهم، لا شك في هذا، ولكن فيم ستتخذه مثلًا أعلى، هذا هو أهم سؤال وهذا هو بيت القصيد في هذه المقالة، لا شك أن الأستاذ هيكل نعم المثل الأعلى لمن يريد من الصحفيين أن يتخذ مثلًا في النظام، وفي العمل الدؤوب، وفي تنمية المهارات، وفي الذكاء الإجتماعي، وفي الإخلاص للمهنة، كل هذه صفات حميدة كانت للأستاذ هيكل، ولكنها - معظمها إن لم يكن كلها – تقع في نطاق الوسائل لا الغايات – فهي كلها المواد والآلات التي تستخدم في الرسم، أن يتقن الفنان الرسم، وأن يستخدم أفضل الألوان، وأن يكون منظمًا، فهذا كله سيمكنه من رسم الصورة على أفضل منوال، لكن السؤال: ما الذي سيرسم في إطار الصورة، أي صورة التي سيرسمها الرسام ؟.

(7)
من هنا سينتقل بنا الحديث من دور هيكل الصحفي الى الدور الآخر، الذي يحاول الكثيرون تقليده، وإعادة إحياء (الهيكلية) وهي أن يتحول الصحفي ليكون في مواقع السلطة، بجوار أذن الحاكم يوحي إليه، وبجوار فمه يتلقف كلماته لينظر لها ويعطيها بريقًا ويسوقها للناس، وفي الوقت ذاته ينعم بجوار السلطة وما تعطيه من شهرة ونفوذ وبريق، هذا النموذج الهيكلي من التواصل مع قمة الحكم إستفادة وإفادة، بل والتمازج معها، ألهب خيال وطموح كل الصحفيين من فترة الستينات إلى الآن !!، الصغير منهم قبل الكبير، بل والبعض من غير الصحفيين، كما سيأتي لاحقًا.

(8)
وقد قام الأستاذ هيكل بهذا الدور إلى جوار الرئيس جمال عبد الناصر بكل من له من هالة وكاريزما شارك هيكل بقوة في صناعتها ثم استفاد كثيرًا بقربه منها، وكان موقعه قرب القمة، ولكن ليس على الندية والصداقة كما أوحى بذلك بعد رحيل عبد الناصر، بل كان له مكان معلوم في إطار الإفادة والإستفادة، أو في إطار المشروع المشترك كما كان يوضح، لكن لم يكن من منطلق الندية، والأدلة على ذلك كثيرة وأختار منها آخرها، فعندما أختار عبد الناصر هيكل للوزارة في الشهور الأخيرة من حكمه أراد هيكل التنصل خشية أن يفقد موقعه في الأهرام رغم أن عبد الناصر جمع له بينه وبين الوزارة، فأرسل لعبد الناصر رسالة من صفحتين، أوردها في ملحق كتابه (بين الصحافة والسياسة)، وأعادت السيدة هدى عبد الناصر نشرها في الأهرام في اليوم التالي لرحيل هيكل، ورغم أنها رسالة من صفحتين فقط إلا أن هيكل كرر عبارة (سيادة الرئيس) ثمان مرات فيها !! ، وأورد فيها تعبيرات مثل (الزعيم والقائد الذي تتجسد فيه الوطنية المصرية في مرحلة من أهم مراحل التاريخ وأحفلها، فضلًا على أنه الزعيم والقائد الذي تتمثل فيه كل أماني التقدم الإجتماعي وآمال الوحدة العربية) (!!)، (حسكم الصافي وإيمانكم العميق)، (ويكفيني للتاريخ أن يقال عني أنني أديت دوري في الخدمة العامة للوطن تحت رايتك المنتصرة بإذن الله)، (سلمت وعشت لوطن منحته من حبك واخلاصك وجهادك الكثير)، (سلمت وعشت سيدي الرئيس لكل الذين يؤمنون بقيادتك ودورك التاريخي وبقدرك الذي هو قدر مصر) (!!).
إذا كان كل هذه (التسويدات) و(التبجيلات) في رسالة شخصية من صفحتين وفي موضوع محدد لا علاقة له بالدور التاريخي للزعيم ولا في مناسبة وطنية، فإننا لا يمكن أن نتخيل أن وراءها علاقة قائمة على الصداقة والندية ورفع التكليف كما صرح بذلك الأستاذ بعد رحيل الزعيم.

(9)
لعل تلك الجمل السابقة توضح جانبًا كبيرًا من (الهيكلية) والتي تعلي من مقام الحاكم وتدوره لدرجة التماهي مع الأمة، وتسوق هذا للناس في إطار يعظم الإنجازات ويخفي الفشل أو يهون من شأنه، فهذا هو الثمن الذين يقدمه النموذج الهيكلي في مقابل التنعم بجوار الحاكم بكل ما يقدمه ذلك من امتيازات.


(10)
وقد حاول الأستاذ الوصول لتلك الندية المفقودة مع السادات، ليجمع الندية إلى جوار القرب، وله في هذا ما يساعده، فلقد عرف السادات قبل الأدوار السياسية الكبرى، وعايشه أقل أقرانه بريقًا في أول سنوات الثورة، فيمكننا تصور صداقة تنشأ بينهما على الندية بين أحد أعضاء مجلس قيادة الثورة وبين الصحفي المقرب ولسان الثورة، فما تولى السادات الحكم شعر بوطأة تلك الندية التي يحاول هيكل أن يفرضها، ولا شك أنه ضاق بها ذرعًا، لكنه كان يريد هيكل إلى جواره في صراعه مع مراكز القوى، ثم بعدها بدأ السادات يخفف من وضعية الصحفي الأوحد التي كان يحظى بها هيكل في عهد عبد الناصر، لكنه استبقاه إلى جواره حتى يأتي اليوم الذي يحارب فيه وينتصر فتكون له شرعية مستقلة عن شرعية الإمتداد لعبد الناصر أما قبلها فكان لا يزال يحتاج لهيكل للدلالة على بقاء خط عبد الناصر بعد الإطاحة بمعظم رجاله، وقد أدرك الأستاذ هيكل ذلك وأن البساط بدأ منذ عام 1972 يسحب رويدًا رويدًا من تحته، فزادت معارضاته وتلميحاته في المقالات ليتخذها ذخيرة ليوم يقول فيه: قلت رأيي بصراحة وعارضت وأنا في السلطة، وهي تختلف عن معارضاته في مجال نقد التجربة أيام عبد الناصر وبضوء أخضر منه، فتلك لم تصل أبدًا لمقام الرئاسة، أما معارضات هيكل قبيل حرب أكتوبر وبعدها فتختلف.



(11)
ولما خرج الأستاذ هيكل من الأهرام لعب دورًا تاليًا في إطار الهيكلية، هو الحفاظ على الهالة التي تزيد العصر الذي شارك فيه، فبقاء تلك الهالة يضمن بقائها حول مفرق رأسه، فكانت كتاباته التاريخية مثل (لمصر لا لعبد الناصر) (ملفات السويس)، (سنوات الغليان)، (الإنفجار)، كتابات تحتوي التمجيد والدفاع المستميت عن هذا العهد، وتعظيم إنجازاته، وتهوين أخطائه، وإثبات أن انكسار التجربة عائد لتكالب القوى العظمى عليها، وليس لأخطاء داخلية، والعكس بالعكس مع خلفاء عبد الناصر ومعاصريه الذي انهال عليهم وعلى تجاربهم في كتب مثل (خريف الغضب)، (حرب أكتوبر السلاح والسياسة)، و(مبارك وحكمه)، وأنهم سبب تشتت الأمة وضياعها مقارنة بالعهد الذهبي الذي كان منظره والأمين على كتابة تاريخه (!).

(12)
المهم أن تلك العلاقة، علاقات القرب من السلطة والتي مكنت هيكل من مقابلة زعماء العالم وإقامة شبكة علاقات خارجية هائلة وإكتساب الهالات الكبير ومزج الدور السياسي بالصحفي في مقابل التسويق لنظام الحاكم وصنع أسطورته المتفردة ظلت تلهب خيال الصحفيين لمحاكاة (الهيكلية)، فحاول (موسى صبري) و(أنيس منصور) مع السادات، وكان السادات حريصًا على ألا تتكرر (الهيكلية)، وحاول (إبراهيم سعدة) و(مصطفى الفقي) مع مبارك، وحاول (محمد كمال) من جمال مبارك، وأشهر المحاولين الآن (عادل حمودة) و(إبراهيم عيسى) بل و(المسلماني) !! .....وسيظل الكثيرون يحاولون إعادة الهيكلية وأن يصبح أحدهم هو هيكل الجديد لحاكم ما الآن أو في المستقبل !.

(13)
وإذا كنا نرجو لهيكل الشخص أن يسامحه الله وأن يعفو عنه، وإذا كنا نتمنى لجموع الصحفيين أن يكونوا في نظام هيكل ودأبه على العمل وثقافته وذكائه، فإننا نتمنى لهم أن يكونوا عكسه في الموضوعية والمصداقية، كما ندعو الله أن يحفظ مصر من إعادة استنساخ (الهيكلية) وأن يشكل صحفي توجه الشعب على هوى الحاكم وأن يصوره أنه الذي تتجسد فيه مصر وآمالها، مهما كان هذا الحاكم، فمن هنا جاءتنا الهزيمة التي صك لها الأستاذ مصطلح (النكسة)، بينما كانت في الواقع أكثر من هزيمة، كانت عنوانًا على فشل أمة وشخص ومنهجية حكم، وعلى فشل (الهيكلية) كذلك في إفادة مجتمعها أو أمتها، إلا في إفادة الحاكم والصحفي وفقط، كانت (النكسة) كما وصفها الأستاذ نزار قباني في هوامشه الشهيرة فقال (أنعي لكم، يا أصدقائي، اللغةَ القديمة، والكتبَ القديمة
أنعي لكم.. كلامَنا المثقوبَ كالأحذيةِ القديمة.....أنعي لكم.. أنعي لكم ...نهايةَ الفكرِ الذي قادَ إلى الهزيمة).

.....سامح الله الأستاذ هيكل وعفا عنه.....وليكن آخر هيكل........آمين.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.