يعيش المواطن المصري وسط حالة يصفها الكثيرون ب"الأسوأ" في تاريخ مصر الحديث، في ظل استمرار الأزمات السياسية والاقتصادية وارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة الجنيه المصري وارتفاع معدلات البطالة والجهل وكبت الحقوق والحريات واتساع رقعة الفقر وتقلص حجم الاستثمارات وغيرها من المشاكل التي شكلت حملاً ثقيلاً على المواطن المصري الذي خرج راغبا في التغيير والوصول إلى دولة مدنية ديمقراطية تحترم الإنسانية، وتحرص على مصلحة أبنائها؛ إلا أن الوضع مازال ينتقل من السيئ إلى الأسوأ ليعاني المصريون في فترة تتلاحق فيها الأحداث سريعا وتختلط الأسباب بالنتائج؛ أصبحت الصورة واضحة بمختلف أبعادها. راهن الكثيرون على قدرات الرئيس عبدالفتاح السيسي على تحقيق ما يتمناه المصريون وبدأ الجميع مجددًا في تسطير خطوط عريضة لأحلامهم، وبات الجميع في الانتظار والكل يراقب الموقف، ومجددا شرع الجميع في سؤال موحد "إيه اللي تحقق". من هنا فرض الواقع العديد من التساؤلات التي يجب أن تتصدر كشف حساب للرئيس وحكومته يتصدرها. التطورات التي تشهدها الملفات السياسية، والاقتصادية، والمشروعات الكبرى، ووعود الرئيس فى ملف حقوق الإنسان، والإفراج عن الشباب المسجون، ومشكلة الكهرباء، بالإضافة إلى السياسات الخارجية للرئيس وتوضيح موقفه من العدوان الإسرائيلي على غزة؛ وحقيقة تصويت مصر لإسرائيل في مجلس الأمن الذي اعتبره الكثيرون سابقة تاريخية هي الأولى من نوعها، اعتبرتها إسرائيل إنجازًا كبيرًا. ما هو رأي الرئيس في كل تلك الانتهاكات والتجاوزات التي تلاحقنا بها الشرطة يوميا؟ ومن الأساس لماذا وصل بنا الحال إلى ذلك رغم أن أحد أهم مطالب الثورة هو إيقاف التعذيب في الأقسام والمعتقلات، إلا أن عمليات التعذيب وانتهاك حقوق الإنسان قد استمرت ولم تتوقف وتوجد الكثير من حوادث انتهاكات جماعية خاصة كلما زاد الحراك السياسي في الشارع المصري. لعل آخرها اغتصاب فتاة معاقة ذهنيًا في قسم إمبابة وهتك عرض أخرى في سيارة للشرطة بالساحل وإجبار سيدة على علاقة والتمثيل بجثة قتيل قسم المطرية والاعتداء على طبيبين في مستشفى المطرية التعليمي ووقائع قتل بأسلحتهم الميري، بالإضافة إلى استمرار اعتقال وسجن العديد من النشطاء حتى أصبح كل من ينتقد النظام هدفاً للأجهزة الأمنية وفريسة لقضاء يصدر أحكامًا عشوائية بالجملة. لماذا لا تتم مراجعة تلك القرارات التي أكد العديد من خبراء القانون والاقتصاد والأعمال أنها أعادت الاقتصاد المصري إلى الوراء عشرات السنوات، والاعتراف بشجاعة بأنها كانت خاطئة لأنه زادت من تعقيد المناخ الاستثماري، وفتحت بابا واسعا للفساد والتلاعب فى تخصيص الأراضى، بالإضافة إلى وعد المستثمرين بما لا يمكن تحقيقه؛ وكذلك الأمر بالنسبة لسياسة ترويج الاستثمار عالميا دون إعطاء الأهمية الكافية أو حتى المماثلة للمشروعات الوطنية الصغيرة والمتوسطة والمناطق الصناعية القديمة وجمعيات المستثمرين المحلية التى تمثل عشرات الآلاف من المنتجين الصغار. لماذا لم يخرج الرئيس حتى الآن بحوار حقيقى وجاد مع كل القوى السياسية المتناحرة للوصول إلى تسوية لحالة الاحتقان السياسي التي تقف أمام أي تنمية وإصلاح جاد؟ أما بالنظر إلى ملف العدالة الاجتماعية في مصر بات الأمر وكأننا لم نمر بثورة كان شعارها الأول "عيش، حرية، عدالة اجتماعية" بات كل إجراء يتم تطبيقه على أرض الواقع يعادي الفقراء، دون المساس بمصالح رجال الدولة من الصفوة والمقربين من رجال الأعمال ورجال الشرطة والجيش والقضاء.
يا سيادة الرئيس، يا سادة يا مسئولين الشعب المصري يعيش واقعا هو الأسوأ في تاريخ مصر الحديث، الكل يعاني من ارتفاع وغلاء الأسعار وصعوبة المعيشة والفقر الذي أصبح ينهش في العظام، أصبحت الرشوة شرطًا لا احتمالاً، لم يعد اقتصادنا كما نريد، ماتت أحلام جيل كامل نحو تغيير رهن بالفتنة والفوضى تشكل الواقع مجددًا من السيئ إلى الأسوأ، أرجوكم نظرة إلى الوطن، نظرة إلى فقير يتشبث بالأمل، نظرة إلى شاب معتقل سياسيًا يضيع مستقبله، نظرة إلى كرامة المصريين في الخارج التي أهانها حلفاؤكم بعد أن أهنتم كرامتنا في الداخل، لازلنا نتشبث بالأمل مهما ترصد بنا اليأس. حبنا للوطن قائم وانتماؤنا لمصريتنا وعروبتنا لن يتناقص وقضيتنا راسخة فى كل ذرة تفكير، ولا ننسى للأبد ثورتنا رفعناها شعارًا فى حب الوطن وتخليدًا للانتماء ونكملها جيل وراء جيل أيضا حباً وتخليداً للانتماء بكل معانيه وبكل ما حمله من أهداف. الوطن ليس بفندق نغادره عندما تسوء الخدمة، لن نتخلى عن انتمائنا للوطن لن نفرط فى حق وطننا، لن نجعل المؤامرة تدور وتترسخ لتخرج أجيالاً فى النهاية لا تعرف معنى الوطنية وكيف يكون الانتماء؟