"رغم مرور خمسة أعوام على ثورة 25 يناير، إلا أن المشاهد الأولى للثورة ألقت بظلالها على الأحداث الراهنة لتعيد إنتاج مشهد ربما يتشابه لدى الأذهان مع ما عاشته القوى الإسلامية قبل الثورة. وربما كان عاما 2011 و2012 أكثر الفترات التى لاقى فيها الإسلاميون دورًا سياسيًا كبيرًا فيما كاد أن يطلق عليه العصر الذهبى للإسلاميين فى مصر، حيث انتعشت الحالة السياسية لهم وتحققت عدة مكاسب لم تكن تتحقق إلا من خلال ثورة 25 يناير، يخرج الإسلاميون من السجون ويعتلوا مقاليد الحكم لينقلب الحال مجددًا وتأتى الرياح بما لا تشتهى السفن بعد أحداث 30يونيو التى قضت على الأخضر واليابس لديهم وأرجعتهم مرة ثانية داخل أربعة جدران فى سجنى طره والعقرب شديدى الحراسة.. "المصريون" ترصد أشهر المشاهد..
"الحرية والعدالة".. حزب الإخوان المسلمين كان من أبرز الحركات والأحزاب التى شهدت انتعاشًا سياسيًا،عقب سقوط حسنى مبارك ونظامه بعد ثورة يناير، حيث بدأ عدد من الجماعات والحركات فى تشكيل أحزاب سياسية لتنافس بها فى البرلمان الأول بعد الثورة، وبالفعل وافقت لجنة شئون الأحزاب على تأسيس حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعه الإخوان المسلمين فى 6 يونيو 2011، لتبدأ جماعه الإخوان عملاً جديدًا فضلاً عن العمل الدعوى داخل الجماعة، وتدشن لمؤتمرها العام الأول لاختيار رئيس الحزب وأعضاء الهيئة العليا والمكتب السياسى . وبعد ثورة 25 يناير، التى أطاحت بحسنى مبارك أعلنت الجماعة تأسيس حزب الحرية والعدالة واختارت الدكتور محمد سعد الكتاتنى - رئيس الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين فى مجلس الشعب 2005- وكيلاً للمؤسسين. وبعد ذلك تم اختيار محمد مرسى رئيساً للحزب، وعصام العريان نائباً للرئيس، ومحمد سعد الكتاتنى أميناً عاماً. كما تم اختيار المفكر المسيحى رفيق حبيب نائبًا لرئيس الحزب. فاز حزب الحرية والعدالة فى انتخابات مجلس الشعب المصرى 2011-2012 بأغلبية كاسحة فى «الفردى» وأغلبية نسبية فى «القوائم»وحصل على إجمالى 213 مقعدًا فى مجلس الشعب. وفى ال9 أغسطس 2014، حكمت محكمة مصرية بحل حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين، عقب الإطاحه بالرئيس محمد مرسى من منصبه فى أعقاب أحداث 30يونيو، تعاد دائرة الاتهامات الأولى لجماعه الإخوان بقلب نظام الحكم، إضافة إلى تهمة الإرهاب التى لم ينجو أحد منها حتى الآن، وتسببت فى اعتقال عشرات الآلاف من شباب الجماعة وهروب آلاف آخرين خوفًا من الاعتقال . تلك المشاهد التى تذكر البعض بالمشاهد الأولى للثورة، حيث اعتقال الدكتور محمد مرسى وعدد من قيادات جماعة الإخوان قبيل ثورة يناير على أيدى رجال أمن مبارك حينذاك.
حزب الوسط.. اعتبر عدد من المحللين، أن حزب الوسط يعد ضمن أكثر وأهم الأحزاب التى دفعت ثمنًا نتيجة تأييدها شرعية الرئيس الأسبق محمد مرسى عقب الإطاحة به فى أحداث 30 يونيو 2013, وهو ما جعل الوسط وقياداته يدافعون عن موقفهم بأنهم ليسوا مع الإخوان وإنما مع الثورة، حيث أعتقل رئيس الحزب أبو العلا ماضى ونائبه عصام سلطان قبل أيام من 30يونيو، متهمين إياهما بالإرهاب وبعدد من التهم الأخري، إلى أن حكمت المحكمة بإخلاء سبيل ماضي، ليظل سلطان والمهندس حسام خلف قيد الاعتقال حتى الآن.
حزب الوسط، أحد الأحزاب التى تم تدشينها فى أعقاب ثورة يناير، وهو حزب سياسى مصرى يصنف كيمين وسط ذو مرجعية إسلامية، ترجع فكرة تأسيسه إلى مجموعة من قيادات الحركة الطلابية، فى السبعينيات، وقيادات النقابات المهنية المنتمين للتيار الإسلامى ومعظمهم كانوا أعضاء فى جماعة الإخوان المسلمين، ثم انفصلوا عنها عام 1996، وتقدموا بطلب للجنة شئون الأحزاب لإنشاء حزب سياسى يحمل اسم حزب الوسط ثلاث مرات فى أعوام 1996، 1998، 2004، وتم رفض الطلبات الثلاثة، وبناء على هذا الرفض تقدم الحزب بطعن على قرار اللجنة أمام دائرة شئون الأحزاب بمجلس الدولة المصري، وبعد ثورة 25 يناير وتحديدًا فى 19 فبراير 2011 قضت الدائرة بالسماح بإنشاء الحزب، وإلغاء قرار لجنة شئون الأحزاب بالاعتراض على تأسيس الحزب. ترأس الحزب المهندس أبو العلا ماضي، ويتبنى حزب الوسط مبدأ المرجعية الإسلامية، التى تؤمن بالإسلام باعتباره نظامًا سياسياً للحكم . كان للوسط، مواقف عدة من جماعة الإخوان المسلمين خلال فترة حكم مرسي، إلا أن الحزب لم يتنازل عن مبادئه فى تأييد النظام الديمقراطى فأختار أن يقف إلى جانب جماعة الإخوان ليناله ما نالها من اعتقالات وتصفيات جسدية وهروب أعضاء بالحزب خارج البلاد خوفًا من الاعتقال.
مصر القوية حزب سياسى إسلامي، وافقت لجنة شئون الأحزاب السياسية فى 2012، على تأسيس حزب مصر القوية، وقبول الإخطار المقدم من عبد المنعم أبو الفتوح بصفته وكيل مؤسسى الحزب، وتمتعه بالشخصية الاعتبارية، وحقه فى ممارسة نشاطه السياسي، رفض الحزب الإعلان الدستورى الذى أعلنه الرئيس المعزول مرسى في22 نوفمبر، وشارك فى مظاهرات 30 يونيو الشعبية المطالبة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، أدان أحداث فض اعتصامى رابعة العدوية والنهضة فى 2014، وطالب بمحاكمة وزيرى الدفاع والداخلية، أعلن رفضه الدفع بمرشح فى الانتخابات الرئاسية لعام 2014، ورفضه لثورة 30 يونيو وقاطع الانتخابات البرلمانية .
التيار المصري يعد حزب التيار المصري, من الأحزاب الإسلامية السياسية، شارك فى تأسيسه عدد من شباب ثورة 25 يناير وأعضاء سابقين فى جماعة الإخوان المسلمين. ومن أبرز الأعضاء, الناشطة أسماء محفوظ وعبد الرحمن هريدى ومصطفى عبد الرازق و محمد القصاص. وبدأ الحزب فى البداية, بحتمية السير لاستكمال أهداف ثورة الخامس والعشرين من يناير, وتبنى قيم اللامركزية، وتمكين الشباب المهمش من الحكم, وتحقيق الديمقراطية التى قامت على أسسها ثورة يناير. وظل الحزب صامتًا بعد الثورة، حتى جاء بعد تولى الرئيس السابق محمد مرسى الحكم, ليعترض على قانون التظاهر قائلًا فى بيان له, إن القانون مرفوض من حيث المضمون، وهو غير منطقى فى أعقاب ثورة 25 يناير, فالتظاهر هو أسلوب للناس من أجل تحقيق مطالبهم. مؤكدًا، أن صدور القانون بأسوأ مما كان مقترحًا فى المجلس العسكرى وحكومة عصام شرف، فمواد القانون تطلق يد الداخلية لمنع أى مظاهرات. ثم جاء بعد تأييده لثورة يناير وأييد الرئيس عبد الفتاح السيسى وثورة 30يونيو, وأصبح أعضاؤه ما بين المهمش والهارب والمعتقل.
الجبهة السلفية ظهرت الجبهة لأول مرة على الساحة، عبر بيانها الأول بعنوان "كلمة حق" فى يوم 27 يناير 2011، والتى أقرت فى البند الخامس منه بأن مجرد سقوط بعض الضحايا فى المظاهرات لا يعنى بالضرورة غلبة المفسدة، ولم يكن لها أى وجود فردى أو جماعى قبل ذلك التاريخ، ولم توجد فى أى مشاركة فعلية بأعداد كبيرة وبشكل ملحوظ فى الثورة سوى بعض الصور لعشرات يحملون اسمها على لافتة. وفى 29 يوليو، جاء البيان الثالث لها رافضاً كل المحاولات لزعزعة الاستقرار أو خلخلة المنظومة العسكرية المصرية بدعوى الفصل بين المجلس العسكرى والقوات المسلحة، إلا أنه سرعات ما تغيرت الأمور بعد إصدار المجلس العسكرى الإعلان المكمل للدستور، ودعت الجبهة إلى مليونية لإلغائه فى 20 يونيو 2011. ورفضت "الجبهة السلفية" المشاركة فى دعوات الثورة الثانية ووصفتها بالانقلاب على مكتسبات ثورة 25 يناير، كما أعلنت المشاركة فى جمعة تطهير القضاء فى إبريل 2013، ومليونيات 29 يوليو، و22 نوفمبر، و16سبتمبر، و27 سبتمبر, وغيرها من الفعاليات التى دعت إليها جماعة الإخوان وبعض القوى السياسية. وتنحصر المرجعية الدينية للجبهة السلفية، فى أربع شخصيات هم رفاعى سرور، والشيخ حازم أبو إسماعيل، والشيخ محمد عبد المقصود، والشيخ هشام عقدة، الذين أقروا بأن الخروج على الحاكم ليس حرامًا وجائزًا شرعًا فى 25 يناير ضد مبارك، وعندما دعت بعض القوى السياسية للخروج في30 يونيو ضد محمد مرسي، سرعان ما تبدل موقف الجبهة، وحرموا الخروج على مرسي. وعلى مستوى الجهاد، رأت الجبهة السلفية، أن جمهور التيار الجهادى منذ نشأته كان سلفيًا، لكنه اختار أن ينحاز إلى التغيير المسلح ضد الحكومات العلمانية المعادية للشريعة، حسب وصف الجبهة. لم تحظ الجبهة، بأى تواجد سياسى رسمي، حيث إن تجربتها لإنشاء حزب الشعب، توقف عند نقطة تدشينه فى شهر أكتوبر عام 2012، وكان تحت التأسيس. والآن جاءت الجبهة، لتحشد إلى إحياء الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير, حيث أكدت الجبهة فى بيان لها نصه:" إنها تنتوى مشاركتها فى مظاهرات الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، داعية الثوار فى أنحاء مصر للمشاركة بقوة للتأكيد على أن الثورة ما زالت حية مشتعلة". وتابعت: " نتوجه إلى كل المصريين الرافضين لإجرام النظام، والمكتوين بناره ظلمًا وفقرًا وقمعًا، بالدعوة للمشاركة والنزول فى يوم الخامس والعشرين من يناير القادم، والتأكيد على أن الثورة ما زالت حية مشتعلة". قال سامح عيد, خبير الإسلام السياسي, إن نشاط الأحزاب الإسلامية لا يزال موجودًا على الساحة السياسية, ولن يختفي, مؤكدًا أن الأحداث السياسية المتعاقبة بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير لم تؤثر بشكل كبير على تلك الأحزاب. وأشار "عيد" خلال تصريحات ل" المصريون", أنه ليست الأحزاب الدينية فقط من تضرر من النظام السياسى القائم فى مصر بل أغلب الأحزاب السياسية, لكن حزب النور الوحيد الذى مارس الحياة السياسية بشكل طبيعى بعد ثورة يناير وشارك فى الانتخابات البرلمانية. وأكد "عيد" أن دور الدولة أن تدعم كافة الأحزاب سواء كانت الإسلامية أو الليبرالية حتى يكون هناك دولة ديمقراطية, بها حياة حزبية, مشيرًا إلى أن الدول التى تخلوا من الأحزاب تصاب بالجمود السياسى والفكري. وأوضح, أن الإسلام السياسى سيظل موجودًا على الساحة السياسية ولن ينتهى.