تأتى الذكرى الخامسة لثورة يناير وسط غياب تام لتحقيق مطالب وأهداف ومبادئ الثورة التي خرج من أجلها الملايين من أبناء الشعب، رافضين حكم مبارك ومرددين هتافات الشعب يريد إسقاط النظام. واجهت الشرطة هذه المظاهرات بالعنف وقامت بدهس وقتلى وإصابة المئات من الشباب فى جميع المحافظات فى جمعة الغضب اليوم الذي شهد تحولاً كبيرًا فى مجرى الثورة. وبعد مرور 5 سنوات أصبح شهداء الثورة مجرد ذكرى عابرة فى وسائل الإعلام للاعتراف بدورهم وعدم المطالبة بحقوقهم. نرصد فى هذا التقرير بعض الحالات لشهداء سقطوا خلال أيام الثورة وخصوصًا يوم الجمعة 28 من يناير المعروف بجمعة الغضب. قالت والدة الشهيد سعيد أحمد الطوخي إن حق ابنها فى القصاص ممن قتلوه لم يتم حتى الآن وبدلاً من أن يتم تكريم شهداء الثورة تم تجاهل الشهداء تمامًا، وبعد أن كان المسئولون يتصلون بنا ويتواصلون معنا انقطع الاتصال وكأن شيئًا لم يكن، معلقة على ذلك: "بعد مبارك ما أخد براءة كل شيء انتهى". وأضافت لم نكن نريد أي تعويضات لأن دم ابننا لا يقدر بثمن، ولكنهم قالوا لنا لابد أن تأخذوا التعويضات التي صرفوها لنا على 5 دفعات، لأنها حقكم، مشيرة إلى أنهم يطالبوا بحق أبنائهم ودمائهم وكان ردهم علينا: "انتوا أخدتوا دية ابنكم خلاص". وتابعت: ابني "سعيد" لم يكن له علاقة بالسياسة ولم يكن ناشطًا سياسيًا وكان قد تزوج حديثًا "لسه عريس جديد" وكان ذاهبًا لرؤية زوجته التي وضعت أول مولود لها, وبينما هو فى طريقها إليها فى يوم جمعة الغضب مر أمام قسم الزيتون هو وابن عمه اللذين حكيا لنا ما حدث بالتفصيل، حيث سمع هتافًا زلزل قلبه وشعر كأي مواطن مصري أصابه الظلم بواجبه تجاه هذا البلد. وأوضحت أنه رأى الشرطة وهى تفرق المتظاهرين بكل الوسائل سواء قنابل الغاز والخرطوش وغير ذلك فاحتموا خلف شجرة هو وابن عمه ولكن سرعان ما أصيب أحد الأشخاص بطلق ناري فى يده وسقط أمامهم فصاح "سعيد" لابن عمه قائلاً: "احنا هنسيبه كدا يموت؟؟" فرد عليه ابن عمه "ياعم إحنا مالنا" ولكن سعيد لم يستجب لقول ابن عمه وأخذ يحبوا على يديه حتى وصل إليه ولكن رصاصة قد داهمته فأصابته فى الحوض. ومن المفارقات العجيبة إن سعيد توفى متأثرًا بهذا النزيف يوم 4 نوفمبر بينما نجا الشخص الذي حاول إنقاذه ولا يزال يزور والدته إلى اليوم ويقول لها: "ابنك مات عشان أنا أعيش". وأضاف مينا لمعي، أخو الضحية جرجس لمعي أن الحكومة اقتصرت حق الشهداء فى شوية فلوس ومعاشات على حد قولة مستنكرًا قيام الرئيس عبدالفتاح السيسي بالاحتفال بشهداء الشرطة وعدم ذكر وتهميش لحق شهداء الثورة. وأكد مينا أنه مهما طالبنا بحقوق الشهداء فلن يعود لنا, فالثورة قامت للتخلص من نظام مبارك ورجالة وتحقيقًا لمبادئ العدالة والحرية, ولكننا إذا نظرنا للواقع الحالي تجد أن كل شيء عاد كما كان قائلاً: "رجعت ريمة لعادتها القديمة" وأصبحنا نحن أهالي الشهداء مجرد مصدر لوسائل الإعلام كل عام فى ذكرى الثورة لتقصى عن بعض الحقائق ومعرفة بعض التفاصيل عن الشهيد والتعرف على مطالبنا التي تتكرر كل عام والتي يعرفها الجميع ولا أحد يستجيب ليصبح كلامًا على الورق دون تنفيذه. يذكر أن جرجس لمعي قتل يوم 28 يناير يوم جمعة الغضب كما يسميها المصريون أثناء تصويره حريق قسم الزاوية الحمراء, وأصيب بطلق ناري فى الرقبة أسفرت عن استشهاده. وقالت أم الشهيد علاء عبد الهادى إن القصاص هو السبيل الوحيد لحق شهداء الثورة, "فمال الدنيا ميعوضش ظافر ابني"، مشيرة إلى أن ما يحدث الآن من محاولات لتجاهل الشهداء هو أمر فى غاية الأسف, حيث أصبح حقهم منسيًا في هذه الذكرى. وأضافت أن الشهيد علاء عبدالهادي كان يدرس الطب فى الفرقة الخامسة بجامعة عين شمس وقتل أثناء مشاركته فى إسعاف المصابين بالمستشفى الميداني يوم جمعة الغضب. وفي السياق ذاته، أكدت أم الشهيد خالد عطية أن حق ابنها أصبح فى طي النسيان مثله مثل جثمانه الذي دفن تحت التراب بمجرد خروج مبارك وأعوانه من السجن حيث تحولت المحاكمات إلى محاسبتهم على أموال الدولة التي نهبوها فقط دون مطالبتهم بحق الشهداء وتجاهلوا كل الفيديوهات والوثائق التي تثبت حقهم.
واستنكرت قيام الرئيس عبدالفتاح السيسي بتكريم شهداء الشرطة دون مراعاة مشاعر أسر شهداء الثورة في يوم ذكراهم "إحنا استعوضنا حقهم عند ربنا ومش عايزين حاجة من حد هناخد حقهم في الآخرة". وقالت أم خالد عطية إنه استشهد يوم 28 يناير أثناء مشاركته فى تظاهرات جمعة الغضب بجوار قسم المطبعة بالمعادي.