"لو عاد بنا الزمن ما تركنا الميدان"، هكذا عبرت القوى الشبابية وحركات المعارضة على اختلافها عن ندمها على اليوم الذي قررت فيه مغادرة ميدان التحرير في 11فبراير 2011 بعد أن تلا اللواء عمر سليمان نائب الرئيس وقتذاك، بيان تنحي الرئيس المخلوع حسني مبارك عن السلطة، دون تحقيق أهداف الثورة كاملة. وكان أحد أبرز الذين حذروا الشباب من مغادرة ميدان التحرير في ذلك الوقت هو الشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل، المسجون حاليًا، أحد رموز ثورة يناير، والذي استبعد من خوض انتخابات الرئاسة في 2012، وهي النصيحة التي تذكرها الثوار لكن بعد فوات الأوان. وقال أبوبكر أحمد أبوبركة، أحد شباب "الإخوان"، ونجل المحامي أحمد أبوبكر: "من أهم أخطاء ثورة يناير هو ترك ميدان التحرير ومغادرته، وكان رأيي وقتها عدم مغادرة الميدان وكنت من الموجودين في الميدان بعد 11فبراير وكنا حوالي ألفين متظاهر والجيش فضنا بالقوة". وأضاف: "لو عاد الزمان إلى الوراء ما غفونا للحظة عن ميداننا ولا فرطنا في شبر من أرضه بلا قدم تطأه، وما كنا ابتعدنا عنه أيًا ما كان، ومهما صار ولو على رقابنا أجمعين وبعدنا عنه يعد السقطة الأولى للثورة جمعاء لا فصيل دون آخر". وتابع: "كل من شارك في ثورة يناير يندم حاليًا على عدم سماع كلمات الشيح حازم صلاح أبو إسماعيل وعدم وضعها في عين الاعتبار على الأقل، لكن أبو إسماعيل ذاته أراه مخطئًا لعدم إصراره على تقرير ما يراه وإقناع الجميع به". وأوضح أنه "ليس أبوإسماعيل وحده من قال بعدم ترك الميدان ففي 11فبراير ويوم تنحي مبارك قال ذلك تميم البرغوثي على قناة "الجزيرة مباشر"، وقال بذلك أيضًا محمد مهدي عاكف المرشد السابق للإخوان، الذي توقع كل ما سيؤول له المطاف لو لم نتمسك بكل ما هو حق مشروع للثوار، بل وحكى ما يدور الآن بالتفصيل من اعتقال واغتصاب وهتك أعراض وكل ما يدور للأسف لم نتعظ ولم نع الدرس وهذه هي النتيجة". نشوة الهواري، وهي إحدى الفتيات التي شاركت في ثورة يناير اتفقت مع أبوبركة، قائلة إن "أهم أخطاء الثورة هو ترك الميدان بمجرد الإعلان عن تنحي مبارك في 11فبراير، فقد كانت الثقة الكبيرة وقتها في المجلس العسكري". وأضافت: "خطأنا الوحيد في ثورة يناير هو أننا تركنا الميدان ووثقنا في الرموز وقتها بالإضافة إلى الثقة الغير محدودة في المجلس العسكري، لكن لو عاد بنا الزمن مرة أخرى ما كنا تركنا الميدان إلا بعد أن تتحقق مطالب الثورة المتمثلة في محاكمات عادلة وثورية لكل الفسدة؛ وأولهم الرئيس المخلوع حسني مبارك ورجاله، بالإضافة إلى تطهير كل مؤسسات الدولة بالكامل". وقالت الهواري، إن "الوحيد الذي كان قارئًا جيدًا للأحداث بالرغم من تحفظي على كثير من مواقفه، إلا إن الشيخ حازم أبو إسماعيل كان على حق حينما طالب الثوار بعدم مغادرة الميدان والآن نندم على عدم سماع رأيه". وقال مجدي حمدان، عضو جبهة الإنقاذ السابق وأحد المصابين في "جمعة الغضب"، إنه "لو عاد الزمن للثورة والثوار ما تركنا الميدان ساعة واحدة إلا بعد أن تتحقق مطالب الثورة كاملة والمتمثلة في العيش والحرية والعدالة الاجتماعية". وأضاف: "أنا كنت من الرافضين للخروج من الميدان، وناديت بمجلس رئاسي مدني وجمعت توقيعات من الثوار من أجل ذلك، ولكن في النهاية تركنا الميدان بعد تنحي مبارك في 11 فبراير ونندم الآن على ذلك". لم يختلف محمد حامد البرلماني السابق وعضو حزب "الوسط" عن سابقه في الرأي، إذ قال إن "الخطأ الذي وقعت فيه القوى الثورية أنه تم خداعها وتخلت عن الميدان لأن بعض القوى الأخرى التي أصبح لها مصالح اقنعوا أو أرغموا الآخرين على ترك الميدان". ورأى عبدالرحمن صقر، القيادي السابق ب "الجماعة الإسلامية"، أنه "لايوجد للثورة قوة بل حركات وجماعات ثورية، لأنه لو كان للثورة قوة لما ماتت وللأسف الجميع بعد التنحي كان يبحث عن مجد شخصي أو حركي أو سلطة على حساب شهداء الثورة وهذا السبب الحقيقي في ضياع الثورة" وأضاف: "كان جزءًا من الشباب يقول بعد تنحي مبارك لن نترك الميدان إلا بعد رحيل المجلس العسكري لكن ركبوا الثورة مع النخبة الإسلامية واليسارية وعلى رأسهم من ترشح للبرلمان أو الرئاسة أو حاول الترشح للرئاسة وكان لهم هدف أخر وهو البحث عن جزء من الكعكة". وأشار إلى أن "الشيخ حازم أبوإسماعيل والدكتور محمد البرادعي وكثيرًا من النخب كانت دعوتهم عدم ترك الميدان إلا بتحقيق مطالب الثورة، ، لكن أيًا منهم لم يسع لإنقاذ الوطن أو الوقوف ضد مراد الإخوان الذين فرحوا بقوتهم وتنظيمهم". وواصل: "أنصار الثورة الحقيقية كانوا فرحين برحيل مبارك وحل البرلمان وتغيير الدستور وكان مخدوعين في كل النخب". أما سامي عبد المنعم، عضو منظمة العفو الدولية فكان له رأي آخر فقال إن "الثورة وما تلاها من أحداث حتى اليوم كشفت لنا كل هذه الوجوه القبيحة، ولولا تخلينا عن الميدان ما كنا عرفنا الدور غير الوطني والتي قامت به بعض مؤسسات الدولة في الانتقام من الثورة". وأضاف أنه "الآن فقط عرف الثوار من يحب الوطن ومن يكرهه لأننا اكتشفنا حاليًا قباحة وجوه كثيرة ولولا ذلك ما كان الثوار عرفوا بهذه الوجوه".