في حديث لي مع صديق قديم كان يشغل منصبا في لجنة التعليم في مجلس الشعب السابق و كان معه في اللجنه الدكتور جمال حشمت القطب الأخواني و أستاذ جراحة الأنف و الأذن بطب الاسكندريه بادرت صاحبي بالسؤال لماذا هذا الموقف من حشمت علي الرغم من نجاح اخرين من الأخوان قال لي ان حشمت لن يدخل البرلمان فهو أخطر الأخوان فتعجبت من قوله و سألته كيف و لماذا؟ فكان جوابه أن حشمت رجل شديد الأدب في الحوار و شديد المنطقيه في التفكير وقد قدم بعض الاقتراحات في المجلس ابان عضويته القصيره فيه استطاع أن يجذب بعض الأصوات معه من أعضاء المجلس من الحزب الوطني فما كان من الحزب الوطني الا أن دفع سيد قراره لاسقاط عضويته و اعادته للانتخابات في الديلمه التي لا يدخل معها المجلس مرة أخري ثم سلبوا منه المقعد في هذه الانتخابات بعد أن حصل علي نسبه هائله من الأصوات و للحق فقد سرح فكري في الطريقه التي تدار بها بلدي و سرح فكري أيضا في جماعة الأخوان و هي الجماعه السياسيه الوحيده التي استطاعت أن تطور نفسها علي عكس اليسار و الوفد و الحزب الحاكم جميعا ففي فترة السبعينات بعد خروج الاخوان من السجون كان الخطاب السياسي للاخوان عنيفا و كنت تشعر عندما تقرأ صحفهم أو تستمع الي دعاتهم أن البلاد علي وشك حرب أهليه أو ثوره شعبيه أو أنقلاب أو شئ من هذا القبيل و بخاصة بعد نجاح ثورة الخميني في ايران و كل ماقدمته الجماعه لمصر هم مجموعه من الدعاه الذين لا يأبهون للسجن بعد أن ذاقوا الأمرين في السجون الناصريه من أمثال المشايخ الغزالي و كشك و المحلاوي و عيد و غيرهم أما بعد اغتيال السادات و اشارة بعض الاصابع لهم بالاتهام بالمسئوليه و لو الفكريه عن جرائم الجهاد تغير فكر و أسلوب الجماعه تغييرا هائلا بداية من الثمانينات من القرن الماضي حيث دخلوا النقابات و قاموا فيها بجهد خلاق بعد أن اكتسحوا معظم مقاعد النقابات المهنيه مما دعا الدوله الي تحجيم العمل النقابي بصدور القانون المشبوه رقم 100 لسنة 1993 لتنيظيم العمل النقابي كما دخل الاخوان الي مجلس الشعب متحالفين مع الوفد سنة 1984 ثم العمل و الاحرار سنة 1987 و كذا المحليات و أنتجوا لمصر جيلا هائلا من أساتذة الجامعات و الاطباء و المهندسين و المهنيين في كل مجال الكثير منهم يتمتع بالقبول السياسي و الاجتماعي و العلم الديني و التميز المهني و الشغف بالخدمه العامه من أمثال عصام العريان و أبو الفتوح و حشمت و العشرات أن لم يكن المئات أو الألاف مثلهم كلهم يمتازون بأدب الحوار و القدره علي الاقناع و الغريب أن هؤلاء جميعا قد دفعوا ثمن تميزهم بالغياب خلف أسوار المعتقلات لمدد متفاوته و الخضوع للمحاكمات العسكريه دون أن يثنيهم هذا عن المنهج أو الغايات و الوسائل أنني أري أن هؤلاء الرجال هم من صفوة المجتمع و من الحق علي مصر و المصريين أن يستفيدوا من جهدهم و علمهم و اخلاصهم و السؤال الذي تردد ابان التعديل الوزاري الأخير لماذا لم يدخله أحد من الأخوان علي الرغم من حصولهم علي خمس مقاعد المجلس و لأن حكم الأخوان غير وارد كما أخبر محمد حبيب و عصام العريان و للحق فان الحزب الوطني كان عليه أن يعطي حقيبه أو أكثر من حقائب الخدمات للاخوان و لو أنه مثلا أعطي حقيبة الصحه أو التعليم أو الشئون الاجتماعيه لحشمت بالذات لضر ب أكثر من عصفور بحجر واحد فهذا يعد ترضية بعد الظلم البين الذي لحق به في الانتخابات التي شهد عليه 150 قاضي و يعد أيضا اعتذارا لحشمت و لملايين الاخوان ومحبيهم عن جرائم الانتخابات كما أنه أختبار لتحمل الأخوان للمسئوليه و همزه للوصل بين الأخوان و الحزب الوطني ان الأوان أن يعترف الحزب الوطني أنه حزب منزوع الشرعيه و معدوم الشعبيه و تدعيم التشكيل الوزاري بأشخاص ناجحين و لهم شعبية حشمت انما يزيد من قوة الحكومه و لا يضعفها ثم أن هذه ليست بدعه فقد استوزر عبد الناصر الشيخ الباقوري من الاخوان و كذا السادات استوزر الدكتور النمر و الشعراوي و كانا مع الاخوان في مرحلة من حياتهما و كذا استوزر فؤاد مرسي و اسماعيل صبري عبد الله و هما من أقطاب اليسار و الرئيس مبارك استوزر يحيي الجمل و منح رئاسة لجنة الاسكان لميلاد حنا و هما من أقطاب التجمع أن الحزب الوطني مدعو للتغيير أن أراد أن يستمر في الحياه السياسيه أما تصديق الشعارات و الضحك علي الدقون و الاعتماد علي قانون الطوارئ و الأمن المركزي فقط فلن يكون له أي مستقبل في الحياه السياسيه د.محمد أحمد محجوب