في ختام الموسم.. المنيا تعلن توريد 520 ألف طن قمح خلال 2025    ماكرون يحذر من عدم وفاء روسيا بالتزاماتها بشأن أوكرانيا    رئيس وزراء المجر: العالم أصبح أكثر أمانًا بعد قمة ترامب وبوتين    رئيس البرلمان العربي يعزي الجزائر في ضحايا سقوط حافلة نقل    من هاني لفؤاد وموقف من طاهر.. كيف وصلت شارة قيادة الأهلي إلى مصطفى شوبير؟    خناقة بالأسلحة البيضاء بين سائقي "التوك توك" بسبب أولوية المرور بالخصوص | فيديو    احذر من هذه العلامات-5 تخبرك بوجود مشكلة مبكرة في الكبد    وكيل الشباب والرياضة بالقليوبية يتفقد حمامات السباحة والمنشآت الاستثمارية    نتائج بطولة كأس مصر للتجديف بالإسماعيلية.. القناة في المركز الأول    بالصور.. محمد فؤاد يشعل حفله بالساحل الشمالي بحضور غير مسبوق    الأقصر للسينما الافريقية يطلق استمارة قبول الأفلام لدورته ال15 في مارس 2026    كريم عفيفي: عادل إمام "الزعيم" بأمر من الجمهور.. وهكذا أختار أدواري| حوار    انطلاق الحملة القومية للتحصين ضد فيروس الحمى القلاعية بكفر الشيخ    السيسي يوجه بتحقيق فائض أولي وزيادة الإنفاق على تكافل وكرامة والصحة والتعليم    إنفوجراف| ضوابط تلقي طلبات المستأجرين المنطبق عليهم شروط قانون الإيجار القديم    نائب: البيان العربي الإسلامي حمل ردًا حاسمًا حول مزاعم "إسرائيل الكبرى"    منال عوض: اتخاذ إجراءات تطويرية خاصة بمحمية وادي دجلة لتعزيز حمايتها والحفاظ على مواردها الطبيعية    اليوم.. جامعة القاهرة الأهلية تُطلق التسجيل الإلكتروني لبيانات الطلاب تمهيدا للتنسيق    نائب وزير الصحة يكشف عن عدة سلبيات داخل منشآت طبية بالمنيا.. ويجازي عددا من الأطباء    بعد حريق محطة الحصايا.. إعادة تشغيل الكهرباء بكامل طاقتها بمركز إدفو    تفاصيل إصابة 6 أشخاص في تصادم دراجات نارية علي طريق في الدقهلية    إصابة 9 أشخاص باشتباه في تسمم غذائي إثر تناولهم وجبات بمكان ترفيهي بالشرقية    ضبط 35 شيكارة دقيق مدعم و150 قالب حلاوة طحينية مجهولة المصدر في كفر الشيخ    محافظ بورسعيد يناقش آليات الارتقاء بمنظومة الصرف الصحي ومياه الشرب    "حقوق أسيوط" تحتفي بمتفوقيها وتستعد لدعمهم ببرنامج تدريبي بمجلس الدولة    والدة الفنان صبحي خليل أوصت بدفنها بجوار والدها في الغربية    «شعرت بنفس الشعور».. سلوت يعلق على بكاء صلاح بسبب تأبين جوتا    نجم بيراميدز يتحدى الجميع: سننافس على كل بطولات الموسم.. ويورتشيتش «كلمة السر»    جريئة أمام البحر.. أحدث ظهور ل ياسمين صبري والجمهور يعلق (صور)    وزير الري يتابع موقف التعامل مع الأمطار التي تساقطت على جنوب سيناء    القاهرة الإخبارية: الاحتلال يوسّع دائرة اعتداءاته جنوب لبنان    تنفيذ 47 ألف زيارة منزلية لعلاج لكبار السن بالشرقية    بالتعاون بين الشركة المتحدة والأوقاف.. انطلاق أضخم مسابقة قرآنية تلفزيونية    بالفيديو: عبيدة تطرح كليب «ضحكتك بالدنيا»    التعليم: كتب وبوكليت مطبوع لتقييم الطلاب بالعام الدراسى 2026    محافظ بورسعيد يعلن قبول جميع المتقدمين لمرحلة رياض الأطفال بنسبة 100%    وزارة التعليم: تحصيل مصروفات العام الدراسى 2026 والالتزام بالزي المدرسى    علماء يلتقطون أول صور ثلاثية الأبعاد لزرع جنين داخل الرحم    موقف غير متوقع يختبر صبرك.. حظك اليوم ل مواليد برج الدلو 16 أغسطس    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولتكن البداية بميزان العدل والحق!?    يسري جبر: يوضح حكم زيارة قبور أهل البيت والصحابة والدعاء عندها    لماذا يُستبعد الموظف من الترقية رغم استحقاقه؟.. 3 حالات يحددها قانون الخدمة المدنية    إخلاء سبيل الشاب عبد الرحمن خالد، مصمم فيديو الترويج للمتحف المصري الكبير بالذكاء الاصطناعي    تنسيق المرحلة الثالثة 2025 علمي علوم.. قائمة كليات تقبل من 50%    في صورة انتقال حر.. بيرسي تاو ينتقل إلى نام دينه الفيتنامي    الصحة: تدريب أطباء الأسنان وتقديم خدمات مجانية ل86 مواطنًا    أمين الفتوى يوضح حكم من تسبب في موت كلاب بغير قصد وحقيقة طهارتها    محاكمة 6 متهمين في خلية «بولاق أبو العلا» الإرهابية| بعد قليل    وزارة الأوقاف تحدد 15 نقطة لاستغلال وقت الفراغ والإجازة الصيفية.. اعرفها    بدائل الثانوية العامة محاصرة بالشكاوى.. أزمات مدارس «ستيم» تثير مخاوف العباقرة    مصرع وإصابة 15 شخصًا في حادث تصادم ميكروباص بسيارة نقل بالوادي الجديد    عملة ترامب الرقمية ترتفع بنحو 2.3% على إثر قمة بوتين- ترامب    عمر طاهر عن الأديب الراحل صنع الله إبراهيم: لقاءاتي معه كانت دروسا خصوصية    وزير الدفاع الروسي: المزاج ممتاز عقب المفاوضات في ألاسكا    بوتين يدعو كييف والقادة الأوروبيين إلى عدم عرقلة "التقدم الناشئ"    بقيادة صلاح.. ليفربول يفوز بصعوبة على بورنموث برباعية في افتتاح البريميرليج    مفاجآت في قائمة الزمالك لمواجهة المقاولون العرب    وزير الأوقاف السابق: إذا سقطت مصر وقع الاستقرار.. وعلينا الدفاع عنها بأرواحنا (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



النظام يقودنا لسيناريو العراق وسوريا
شادي الغزالي حرب:
نشر في المصريون يوم 16 - 01 - 2016

"25 يناير" باقية في قلوب المصريين وستنتصر رغم أنف "المحبِطين"
هكذا تم نصب "الأفخاخ" لماهر ودومة وعلاء.. وأنا "رهن الاعتقال"
"الإنقاذ" كانت مخترقة من الإخوان.. وهذا بعض صندوقها الأسود
على النظام تجنب تكرار مشهد يناير 77.. وأدعو الله ألا تقوم ثورة ثالثة
ممارسات النظام القمعية دفعت كارهين للثورة إلى الإيمان بها وتبني مطالبها
أطالب السيسي بالإفراج عن جميع المعتقلين.. وهذه رسالتي لشباب الإخوان
"شبكة مصالح" أفقدت النظام قدرته وإرادته في تحقيق مطالب الثورة
حملات الاعتقال والترهيب قبيل ذكرى يناير مؤشر ضعف شديد من النظام
البرلمان سيكون عبئًا على النظام ودرسًا في خطورة تشكيله بسطوة المال والجهاز الأمني

مع قرب حلول الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير، تحتشد الصحف ووسائل الإعلام المصرية والعالمية لإحيائها، كلٌ على طريقته وكلٌ بحسب موقعه الحالي منها ومن مبادئها ومطالبها، ومع حرصنا في "المصريون" على القيام بذلك بشكل يليق بحدث تاريخي انحنى له العالم احترامًا وقت وقوعه من خلال رموزه وأصحاب الفضل فيه من الشباب.. نجد صعوبة بالغة في الوصول إليهم عامًا بعد عام وذكرى بعد أخرى، فقد انتهى الحال بكثير منهم إلى السجون والمعتقلات أو بلاد غريبة تلقفتهم بعدما ضاقت بهم أرض بلادهم أو مقاهي وتجمعات لهو، اتفق المجتمعون فيها على عدم التطرق إلى السياسة والأحوال العامة بدافع يأس وقهر..
"شادي الغزالي حرب" الطبيب الجرّاح والثائر الهادئ، كان أحد الشباب القلائل الذين تمكنا من الوصول إليه لمحاورته واستدعاء أجواء يناير وكواليسها وغيرها من الأحداث والكيانات التي شارك فيها على صفحاتنا، فحدثنا عن مطالب "التحرير" وما تبقى منها، مرورًا بالمؤامرات التي دُبرت لتشويه وإفشال "25 يناير"، كذلك "الأفخاخ" التي تم نصبها لرفقاء الميدان أمثال أحمد ماهر ودومة وعلاء عبدالفتاح وغيرهم ليتم اعتقالهم، وصولاً إلى خيانة "الإخوان" وصندوقه الأسود عن "الإنقاذ" الذي كشف لنا بعضًا منه، والكثير من الإجابات المتحمسة للثورة والمؤكدة على انتصارها رغم أنف "المحبِطين"، في هذا الحوار..

بعد مرور خمس سنوات حافلة بأحداث تاريخية.. ماذا تبقى من ثورة 25 يناير في رأيك؟
رغم الهجوم الشديد الذي تتعرض له خلال العامين الماضيين وما يروج ضدها من شائعات وأكاذيب لكنها باقية في قلوب المصريين جميعًا، ويمكننا القول إن النجاح الوحيد الذي حققته حتى الآن هو التغيير الكبير في نفسية الشعب المصري وكسر حواجز كثيرة تراكمت عبر الزمن، فبرغم عدم تحقيق (العيش والحرية والكرامة الإنسانية) بل والارتداد عليها إلا أن المكسب الوحيد المتحقق هو ازدياد وعي الشعب المصري وإصراره على تحقيق هذه المطالب.

ولكن الحديث عن "الشعب المصري" هنا يراه البعض مبالغة منافية للواقع.. هل ترى أن الشعب كله متفق على ذلك الآن فعلاً؟
لا أشك في ذلك، فرغم ترديد بعض "المحبطين" لأحاديثهم عن كراهية الشعب المصري لثورة 25 يناير وما تلاها من أحداث وأن البلد لا يحتمل رفع مطالبها ثانية أو حتى الحديث عنها، لكن أرى أنه وصف غير دقيق، فالناس لم تكره الثورة ولكن لديها تحفظات على بعض الأحداث التي تلتها، والتي أرى أنها في الأساس كانت نتاج خطة محكمة ومتفق عليها لتشويه 25 يناير والمشاركين فيها.

إلى أي مدى نجحت هذه الخطة في استقطاب فئات من الشعب والنيل من الثورة؟
الثورة ليست شخصًا أو مجموعة أو حتى تاريخًا بذاته، وإنما هي مجموعة من المطالب التي يرفعها المواطنون ويشعرون بالحاجة إليها ولا يمكن أن تكون مؤامرة خارجية كما يروج عنها، فلو اختفى جيل 25 يناير كله أو تم تخوينه أو اعتقاله أو قتله كما نرى الآن سنجد هذه المطالب ترفع أيضًا بل وسيزيد الإصرار عليها.
ويمكنني هنا أن أضرب مثالا ببعض الشخصيات التي كانت في الصفوف الأولى لكارهي الثورة والمعارضين لها وقت قيامها، وأصبحوا الآن من أشد المؤيدين لها والمطالبين بتحقيق أهدافها كالموظفين مثلا الذين رفضوا قانون الخدمة المدنية وشعروا بأنه ينتقص من حقوقهم.

ما أكبر "خيانة" تعرضت لها ثورة 25 يناير في رأيك؟
أعتقد أنها للأسف جاءت من الإخوان، فهم طعنوها في ظهرها منذ "قفزهم على الثورة" و"ركوبهم على السلطة"، ثم التفافهم على كل مطالب الثورة لتنفيذ مشروعهم بآليات بالية، ما دفع بقطاع كبير من الشعب إلى كراهيتها بسبب أفعالهم وممارساتهم وأخطائهم، لكن أؤكد أن ذلك أيضًا لم يقض عليها أو ينقص من الإيمان بمطالبها، فلا يمكن أن نجد مواطنًا واحدًا يكره أن يحصل على لقمة عيش آدمية أو أن تحفظ له الدولة كرامته وإنسانيته وتحقق له العدالة والحرية.

ألم تكن هناك أخطاء من جانب شباب الثورة؟
أتحفظ أولاً على مصطلح "شباب الثورة"، فلم يكن الشباب وحده المشارك فيها أو المنادي بها، ولكن هناك "جيل الثورة" الذي آمن بمطالبها وهتف بها، أما عن الأخطاء فلا يمكن أن ننكر وقوعها إجمالاً ولكن حتى هذه الأخطاء لا يمكن أن تندرج تحت بند الخيانة، وإنما جاءت كنتيجة لمحاولات ممنهجة لشق الصف واختراقه وإفشال الثورة، فالمشاركون في ثورة يناير عدا الإخوان لم يتحركوا لصالح مجموعة معينة أو شخص بذاته ولذلك فهم لا يعنيهم من على رأس السلطة إن هو حقق مطالبها وأهدافها التي لم تتحقق حتى الآن، وحتى النظام الحالي أشك أن يكون قادرًا على ذلك، لكن لا شك أن هناك استفادة كبيرة من هذه الأخطاء وهذه المحاولات التي أحدثت عملية فرز أوضحت حقيقة كل شخص ووضعته في مكانه المناسب والحقيقي وسط التيارات المختلفة.

هل هي أزمة قدرة أم إرادة من وجهة نظرك؟
الاثنتان، لا يمكن فصل الإرادة في أمر كهذا عن القدرة، وأنا أعتقد أن النظام الحالي ربما قيّد نفسه بشبكات مصالح معينة أفقدته القدرة تمامًا على تحقيق مطالب يناير حتى وإن ملك الإرادة في ذلك، ولذلك فقد أصبح واضحًا لي ومما استوعبته من ممارساته أنه لا يمكن أن يحقق مطلبًا واحدًا منها، بل بالعكس نجده يرتد بوضوح شديد عليها حتى أصبح الوضع أسوأ مما كان، لكن على الرغم من ذلك أرى أن هذه المطالب لم تُنس ووصلت لقطاع كبير من الشعب بل وستصل بصورة أكبر في الفترة المقبلة.

ماذا تتوقع أن يحدث في الفترة المقبلة؟
أتمنى ألا يتكرر مشهد انفجار الشعب في 18 و19 يناير عام 1977 ضد السادات، وهو مشهد مرعب وخطير أرى أن النظام يدفع الشارع له بسبب إصراره أولاً على أن ما حدث في 25 يناير هو مؤامرة وليست ثورة حقيقية بمطالب مشروعة، وكذلك تمسكه بالحل الأمني والقمع والتعدي الصارخ على كل الحريات وخلق عزلة كبيرة بين النظام والشباب من خلال التضييق عليهم والتنكيل بهم وغلق منافذ التعبير السلمي عن الرأي ظنًا من المسؤولين فيه بأنه الحل الوحيد لتفادي أي انفجارات شعبية أخرى، وهي للأسف الأدوات نفسها التي كان نظام مبارك يستخدمها، ولكن نراها في أياد جديدة لا أكثر، وقد بدأ الشعب في التعبير عن رفضه لكل هذه الممارسات بالفعل من خلال مستوى المشاركة المتدني جدا في الانتخابات البرلمانية، ولكن لا يبدو أن النظام التفت إليه كثيرًا.

وهل ينبئ ذلك بقيام ثورة ثالثة كما يتوقع البعض؟
لا أتمنى ذلك وأدعو الله ألا يحدث، لأنها لن تكون مجرد ثورة، بل يمكننا أن نسميها حربًا كارثية لا مجال للسلمية فيها، ولذلك أطالب الرئيس السيسي بفتح المجال للتعبير السلمي وعدم التضييق على الشباب في ذلك وترك الساحة لجماعات الإرهاب والتطرف لاستقطابهم، حتى لا نصطدم بسيناريو سوريا والعراق فعلاً كما يردد البعض لترهيب المطالبين بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، وأود أن أوضح هنا أن ثورة 25 يناير لا ترتبط بشعار إسقاط النظام كمطلب أول، وإنما بالمطالب الأخرى التي سبقت، فقد ظللنا في ميدان التحرير مدة 18 يومًا وظننا أننا أسقطنا النظام فعلاً ثم أدركنا أنه وهم وأن النظام لم يسقط، لذلك نتمنى أن يعدل النظام من مساره لصالح مطالب الثورة والديمقراطية الحقيقية غير المصنوعة، وأن يسعى لاحتواء الشباب كله، لتجنب الوصول إلى سيناريوهات كارثية.

ونحن نتحدث عن الديمقراطية واحتواء الشباب كله.. ماذا عن شباب جماعة الإخوان المسلمين وأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي؟
لابد أن يكون الباب مفتوحًا للجميع، ولا أرى ما يمنع محاولة احتوائهم ضمن خطة تعديل المسار طالما تمت محاسبة من تورط فيهم بأعمال عنف، كما لا يمكن محاسبة أحدهم لمجرد انتمائه في وقت ما لهم لأن هناك من انتخب مرسي مثلاً وهو لا ينتمي إلى جماعته، أما الجماعة نفسها فأعتقد أنها بحاجة إلى مراجعة قوية جدًا حتى يمكنها المشاركة في الحياة السياسية ثانية بشكل مختلف عما شاهدناه منها خلال السنوات السابقة وما أفقدنا الثقة فيها سواء كمجموعات ثورية أو كشعب، فعلى من لم يتورط منهم في أعمال عنف أن يراجع نفسه ويتخلى عن قناعات وأفكار وتعليمات مكتب الإرشاد أولاً للاندماج في حياة سياسية مدنية حقيقية.

وكيف تتوقع أن تكون الذكرى الخامسة للثورة بعد أيام قليلة مع دعوات النزول لإحيائها؟
الكرة في ملعب الشعب الآن، ولا يملك طرف ما أن يدعو للنزول أو المشاركة، فإذا الشعب شعر برغبة في تذكير النظام بمطالبه لن يوقفه أحد، أما الأمر المثير للسخرية الآن فهو حملات التهديد والترهيب التي يشنها النظام ضد النزول عن طريق اعتقال الشباب يوميًا وتجهيز البعض لتظاهرات مؤيدة للنظام ومناهضة للثورة بهدف منع النزول وإحياء الذكرى الخامسة، كان الأجدر بالنظام إذا كان يثق في شعبيته ويرى أن معارضيه قلة لن تؤثر فعلاً أن يترك المجال مفتوحًا ليرى هؤلاء قلتهم ويعرفون حجمهم ويصمتوا، إلا أن كل ما يقوم به النظام بشأن ذلك الآن هو مؤشر ضعف وليس قوة.

ما تقييمك لفعالية قانون التظاهر مع اتخاذ كل هذه الإجراءات التي ذكرتها لمنعه؟
هو انتقاص وانتهاك صارخ لا شك لحرية التعبير، وما حدث ويحدث في أكثر السيناريوهات الكارثية التي يتم التحذير والتخويف من الوصول إليها جاءت من خلال قوانين وإجراءات مثله في أكثر البلاد قمعية مثل سوريا والعراق، وهو قانون باطل دستوريًا ولا أدل على ذلك من تأجيل المحكمة الدستورية النظر فيه لأسباب غير مفهومة حتى في ظل الحديث عن مواجهة الإرهاب والعنف، لأن هناك قانون الإرهاب الذي يفي بالغرض.

حدثنا عن تجربة تأسيسك حزب "الوعي الحر" وكواليس استقالتك من حزب "الدستور"..
حزب الوعي كان محاولة من مجموعة من الشباب لتأسيس كيان مستقل يحمل مبادئ وأهداف الثورة، وقد شاركت في تأسيسه وتركته بعد تأسيس الدكتور البرادعي حزب الدستور وتولى رئاسته المهندس محمود طاهر وهو مستمر ولكن بنشاط محدود، أما عن حزب الدستور فقد انتقلت مع عدد من الزملاء إليه بعد إعلان الدكتور البرادعي عن تأسيسه، لأننا رأينا أنه يحقق التجربة بشكل أفضل وأكثر تأثيرًا، لكن قدمت استقالتي بعد اختراقه من قبل جهات عدة أدت إلى تفجيره من الداخل، وأعتقد أن هناك سوء إدارة من جهتنا ساهمت في تحقيق ذلك، إلى جانب التربص بنا من قبل التيارات المختلفة معنا، ورغم أن الحزب لا يزال مستمرًا بشباب كثر يؤمنون بالثورة ومبادئها إلا أننا كنا نتمنى أن يكون أكبر وأفضل مما هو عليه، ونأمل بأن يتوفر له ولجميع الأحزاب المناخ المناسب للمشاركة السياسية الحقيقية، وألا يستمر المناخ الحالي الذي لا يفتح الأبواب سوى لأحزاب رجال الأعمال أو التي تم تأسيسها داخل أجهزة الدولة.

على ضوء ذلك.. ما تصوّرك لأداء البرلمان بعد انعقاد أولى جلساته؟
أتصور أنه سيكون معبرًا خير تعبير عن هذا المناخ والأجواء، ولكن رغم كل ما به من أخطاء ومشكلات لا ننكر أن وجوده مهم على الأقل ليعرف الشعب هل هذا هو البرلمان الذي يريده أم لا، وهل هذه الديمقراطية التي يرجوها أم ماذا، فربما يكون خطوة لتصحيح المسار لأننا في النهاية ندرك أن الوصول لرفع الوعي وتحقيق الديمقراطية ليس بالهين ولا مفر من الوقوع في بعض الأخطاء خلال التجربة من أجله، كما اعتقد أنه سيكون رسالة مهمة للنظام الحالي مفادها أنه لا يمكن أن البرلمانات التي تشكل بسطوة المال والأمن لا تفيد البلد وإنما تصبح عبئًا عليه.

هل تعتبر نفسك محظوظًا لأنك لم تلق مصير كثير من شباب الثورة في المعتقلات أو التضييق عليك في مجال عملك كما يروي البعض؟
لا أحب الحديث عن نفسي بشكل فردي، لكن عليّ أن أقول إنني لم أُستثن من هذه التضييقات لأنني بالفعل أتعرض لها في عملي وبشكل كبير جدًا، وهم "قايمين معايا بالواجب وزيادة"، كذلك فأنا لست بعيدًا عن مصير المعتقلين وأعرف أنا وأسرتي وأصدقائي المقربون أنه قد يحدث بين لحظة وأخرى، فربما تأخر ذلك لأنهم يتجنبون اعتقال أسماء معروفة خوفًا من الضجة الإعلامية التي قد تحدث، لكن المؤكد أنني لا أخشى ذلك لأنني أعرف أنها ضريبة كان عليّ أن أدفعها وأنا أدرك أنني لست أقل من الشهداء الذين قدموا أرواحهم فداءا للوطن، وكذلك الشباب الذي قدم حريته فداء لقضيته.

ولكن هناك معتقلون معروفون ولا يتوقف الحديث عنهم كذلك أمثال أحمد ماهر ودومة وعلاء عبد الفتاح وغيرهم لم يمنع ذلك اعتقالهم.. فما الذي حدث معهم؟
للأسف أعتقد أنه تم إعداد فخ لكل منهم بحيث تنقسم الناس من حوله بين مؤيد ومصدق له ومعارض ومخوّن كما هو واقع، فأحمد ماهر تم الإيقاع به من خلال أفخاخ إعلامية حذرته منها ومواقف سياسية أعتقد أنه لم يكن موفق فيها فكان اعتقاله وقتها سهلاً، كذلك علاء عبد الفتاح فقد تم استغلال طريقته الصريحة والمنفتحة في تعبيره عن رأيه وأفكاره التي حتى ولو اختلفت معه فيها فلن أؤيد حرمانه منها، لكن ما حدث أنهم استغلوا بعض الجمل والعبارات التي عبر بها عن مواقفه للتحضير والتمهيد لاعتقاله، أما دومة فلا أعرف تحديدًا كيف تم التحضير لاعتقاله لأنه شخص نقي جدًا ومحبوب ونضاله ضد الظلم والفساد معروف ضد مبارك والإخوان، ولكن يبدو وكأن هناك ثأر بينه وبين شخصية مهمة أدى إلى اعتقاله والتعامل معه على هذا النحو السيئ الذي نراه عليه في محبسه وخلال جلسات محاكمته، أما عني فأنا اشعر أنني سألحق بهم قريبًا بعد الهجوم الشديد ضدي خلال الفترة الأخيرة.

حدثنا عن تجربتك مع جبهة الإنقاذ وكواليس استقالتك منها.. وهل ترى أنه يمكن تشكيل تحالف معارض جديد حاليًا؟
جبهة الإنقاذ كانت منبر مهم جدًا وقتها للكفاح السياسي والشعبي ضد الإخوان، وهي تجربة مهمة رغم محاولات الكثيرين تشويهها، وعلى رأسهم النظام الحالي، ليظل الفضل في التخلص من الإخوان منسوبًا إليه فقط، فصحيح أن هناك أخطاء ومشكلات واجهتها لكنها لم تكن بهذا السوء الذي يصوره وتتشارك معه فيه جماعة الإخوان للانتقام منها، أما بخصوص تشكيل تحالف معارض على غرارها فلا أعتقد أنه يمكن استعادة التجربة ولو بشكل تقريبي حاليًا لأن ظروف تأسيسها كانت مختلفة تمامًا، أما عن استقالتي منها فجاءت بعدما عاصرت تأسيسها وكنت أرى أنها بذرة جيدة في سبيل تحقيق مطالب الثورة ولكنها كانت قد بدأت في الابتعاد عن ذلك..

هل تم اختراقها كما حدث مع حزب الدستور؟
لن أتطرق إلى التفاصيل لأنها ستمس شخصيات بارزة مازالت تحظى بحضور كبير على الساحة السياسية حتى هذه اللحظة وربما يأتي الوقت الذي أتحدث فيه عن ذلك بالتفصيل وبالأسماء، لكن يمكنني أن أقول إنه تم اختراقها من الجميع، فحتى جماعة الإخوان المسلمين كانت ذات تأثير على بعض الشخصيات داخل جبهة الإنقاذ، وهناك واقعة بخصوص ذلك ويمكنها أن ترد بقوة على من يتهم الدكتور البرادعي بالعمالة والخيانة وكنت شاهد عيان عليها، حيث طالب البعض بعدم مقاطعة الانتخابات في عهد الإخوان ومارسوا ضغوطًا هائلة عليه وعلى قيادات بالجبهة للعدول عن القرار والنزول في الانتخابات، أستطيع القول إن هناك صندوقًا أسود كبيرًا لدي ولدى الدكتور البرادعي بخصوص هذه التجربة واختراقها من قبل الإخوان وبعض أجهزة الدولة، ولكن أرى أنه ليس من الصالح العام فتحه الآن لعدم شق الصف أكثر مما هو عليه، بينما أترك للدكتور البرادعي الحرية في ذلك إن أراد.

هل التقيت الرئيس السيسي ضمن لقاءاته مع الشباب؟
لم ألتقه بعد توليه الرئاسة ولكن التقيته في عام 2012 وقت تولي المجلس العسكري شؤون البلاد قبيل التحضيرات لإحياء ذكرى الثورة وسط مخاوف من حدوث فوضى أو وقوع أعمال عنف، لن أتحدث كذلك عن تفاصيل اللقاء، ولكن يمكنني القول إنني استشعرت من خلاله أن اللواء عبد الفتاح السيسي مدير المخابرات وقتها هو مسؤول عسكري مهم ويعتمد عليه بشكل كبير.

رسائل قصيرة ترى أنه يجب توجيهها الآن لصالح ثورة 25 يناير وفي ذكراها.. ما هي وإلى من ترسلها؟
أوجه الأولى إلى شباب جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها، وأقول لهم إن إعلانهم النزول في ذكرى 25 يناير هو ضربة أخرى في ظهر الثورة، لأنه أحبط الشباب الذي كان يود النزول للتعبير عن نفسه بسلمية، وأدعوهم إلى تجاوز الحديث عن شرعية مرسي لأنه سقط بمظاهرات وإرادة شعبية لا يمكن إنكارها، وإلى الخروج عن إطار التفكير بعقل الجماعة والمرشد للدخول في صفوف الشعب للمشاركة السياسية الحقيقية حتى لا تظلوا الحجة التي يُرتد بها على الثورة ومطالبها.
أما الرسالة الثانية فإلى النظام الحالي تحت قيادة الرئيس السيسي، وأقول له إن أهداف الثورة ومطالبها وإقامة مناخ ديمقراطي حقيقي هو فرض عين عليك، وإن أي عقبات أو معوقات في سبيل ذلك أنت المسؤول عنها وعليك إيجاد الطريقة المناسبة لإزالتها، وإن أدركت أنك بحاجة إلى أياد وهمم وعقول الشباب في ذلك فهم على أتم استعداد.. ولكن أطلق سراحهم أولا من السجون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.