أثار النائب البرلماني مصطفى بكري بطلبه استجواب المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، جدلاً واسعًا في الشارع المصري، بعد أن جمع 90 توقيعًا من الأعضاء للتحقيق معه حول الأرقام التي أشار إليها عن حجم الفساد في مصر خلال السنوات الأربع الأخيرة والذي قدره ب 600مليار جنيه، بعد تكذيبها من لجنة تقصي الحقائق التي شكلها الرئيس عبد الفتاح السيسي. ورأى خبراء دستوريون أن مجلس النواب لا يحق لها مساءلة أو استجواب "جنينة" لأنه يعمل بجهة مستقلة وفقا للمادة 130من الدستور، مؤكدين أن البرلمان من حقه مواجهة السلطات التنفيذية مثل وزراء ورئيس وزراء ونواب الوزراء لمحاسبتهم ولكن لا يحق استجواب الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية وفقا لمواد الدستور. وقال عمرو عبد السلام، الفقيه الدستوري، إنه لا يحق لمجلس النواب مساءلة أو استجواب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات لأنها جهة مستقلة وفقًا للمادة 130 من الدستور، مشيرًا إلى أن استجوابات البرلمان موجهة فقط للسلطة التنفيذية من وزراء ورئيس وزراء ونواب الوزراء لمحاسبتهم. وتابع أن المادة 132 من قانون الجهاز تنص على اعتبار الجهاز المركزى للمحاسبات "هيئة مستقلة تابعة لرئيس الجمهورية وظيفته تحقيق الرقابة على أموال الدولة ويعاون معها مجلس الشعب في مهامه الرقابية ليس ك "جهة استجوابية لهذه الهيئات الرقابية". وأضاف عبد السلام ل"المصريون"، أن المادة 215من دستور 2014 تلزم هذه الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية بعمل قانون مستقل يعد من تلك الهيئات "البنك المركزي والهيئة العامة للرقابة المالية، والجهاز المركزي للمحاسبات، هيئة الرقابة الإدارية". وأوضح أن المادة 216من الدستور2014 تنص على إصدار أو تشكيل كل هيئة مستقلة أو جهاز رقابي قانونًا، يحدد اختصاصاتها، ونظام عملها، وضمانات استقلالها، والحماية اللازمة لأعضائها، وسائر أوضاعهم الوظيفية، بما يكفل لهم الحياد والاستقلال، كما يعين رئيس الجمهورية رؤساء تلك الهيئات والأجهزة بعد موافقة مجلس النواب بأغلبية أعضائه لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمرة واحدة، ولا يُعفى أي منهم من منصبه إلا في الحالات المحددة بالقانون، ويُحظر عليهم ما يُحظر على الوزراء. وأشار الفقيه الدستوري إلى المادة 217 التي تنص على "تقدم هذه الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، تقارير سنوية إلى كل من رئيس الجمهورية، ومجلس النواب، ورئيس مجلس الوزراء، فور صدورها وعلى البرلمان أن ينظرها، ويتخذ الإجراء المناسب حيالها في مدة لا تجاوز أربعة أشهر من تاريخ ورودها إليه، وتنشر هذه التقارير على الرأي العام، وتبلغ الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، سلطات التحقيق المختصة بما تكتشفه من دلائل على ارتكاب مخالفات، أو جرائم، وعليها أن تتخذ اللازم حيال تلك التقارير خلال مدة محددة، وذلك كله وفقًا لأحكام القانون". ولفت أيضًا إلى المادة "218" التي تنص على أنه "تلتزم الدولة بمكافحة الفساد، عن طريق الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بذلك، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، ضمانًا لحسن أداء الوظيفة العامة والحفاظ علي المال العام، ووضع ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالمشاركة مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية". وأكد الفقيه الدستوري، أن الرئيس عبد الفتاح السيسي لا يحق له عزل "جنينة" من منصبه طبقا للمادة 21 من قانون الجهاز والتي تنص على "أن يعين رئيس الجمهورية رئيسًا للجهاز لمدة أربع سنوات قابلة للتجديد لمدة ولا يجوز إعفاؤه من منصبه، ويكون قبول استقالته بقرار من رئيس الجمهورية". في السياق ذاته، قال الدكتور جمال جبريل، أستاذ القانون الدستوري والقانون العام، إن البرلمان من حقه اتخاذ موقف "سياسي" فقط وليس جهة استجوابية، مضيفًا: "يمكن للبرلمان تشكيل لجنة للتأكد من مدى صحة أو خطأ الرقم الذي ذكره جنينة عن الفساد وإذا ثبت الخطأ يعلن ذلك ويتخذ موقفا سياسيا منه". وأوضح جبريل أن البرلمان لا يحق له عزل جنينة أو استجوابه نظرًا لوجود نص قانوني يحصّن رئيس الجهاز من العزل، وبموجب قانون آخر أصدره رئيس الجمهورية يمنحه الحق في عزل رؤساء الأجهزة الرقابية يصبح من حق رئيس الجمهورية فقط عزله.