حالة من الارتباك وعدم النظام سادت أول اجتماع لمجلس النواب بجلسة الإجراءات التي انعقدت لانتخاب رئيس ووكيلين للبرلمان، حيث قرر رئيس الجلسة إعادة التصويت لانتخاب رئيس البرلمان مرة أخرى، بعد وضع ساتر يضمن سرية التصويت، وتم تفريغ صناديق الاقتراع من الاستمارات وتحريزها بعد حوالي نصف ساعة من بدء عملية التصويت، وعلي الرغم من وجود جدول أعمال مسبق لإجراءات الجلسة، إلا أن الإجراءات اتسمت بالعشوائية، وتعالت أصوات النواب وكَثُر استخدامهم للهاتف المحمول، وحاول البعض أداء القسم بصيغة مختلفة عن الصيغة المعتمدة، إضافة إلي اختلاف الألقاب بين نائب وعضو كلٌ حسب آلية اختياره مُنتخب أو مُعين. أعادت هذه الحالة إلي ذاكرتي مشهد اليوم الأول من العام الدراسي عندما كنا في المرحلة الابتدائية، حيث كنا نرتدي الزى الجديد، وتغلب علي تصرفاتنا البراءة والعشوائية، فمنا من يبحث عن زميل يجاوره في الجلوس بالفصل، وأخر يقف مع أستاذه، والغالبية تلعب الكرة فالكل يجري في اتجاه الكرة لا تدري إلي أي فريق ينتمي، ولا يخلو اليوم من زميل يثير الشغب، لكن سرعان ما كنا نخرج من هذه الحالة ونندمج في العملية التعليمية ونلتزم بنظام المدرسة، لذا آمل من السادة النواب تجاوز ما حدث والالتزام بنظم وبروتوكول ولوائح البرلمان، فالصورة التي كانت عليها تلك الجلسة لا تليق ببرلمان مصر، التي يرجع تاريخ الحياة النيابية فيها إلي عام 1866م. هناك تحدّيات كبيرة تواجه البرلمان المصري، منها التصديق على أكثر من 300 قانون صدرت في غياب البرلمان، واستعادة الدور التشريعي والرقابي وترسيخ الحياة الديمقراطية النيابية في مصر، وهناك العديد من القوانين الهامة تنتظر البرلمان خلال دورته الانتخابية، من هذه القوانين مفوضية الانتخابات، وقانون دور العبادة الموحد، وقانون العدالة الانتقالية، وقانون الإدارة المحلية، وكثير من القوانين التي تؤسس لبناء الدولة المدنية الحديثة، لذلك يضع المواطن المصري كل آماله وطموحاته فيكم، فالصورة التي ظهرتم عليها أصابتنا بالقلق، إذا لم تتوفر لديكم الخبرة والنضج لإتمام جلسة إجراءات روتينية، فكيف بكم في سلطة التشريع، وفي إقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، انتبهوا أيها السادة، فمصر لا تحتمل إخفاقات جديدة.