يعيش الشارع المصري حالة من الترقب والانتظار لما ستسفر عنه تلك الدعوات التي تتحرك بقوة بغرض النزول مجددًا إلى ميدان التحرير في الخامس والعشرين من يناير المقبل، أصبح الوطن ساحة للصراع بين ما يتمناه المؤيدون وبين ما يراه المعارضون؛ بين قوى وتنظيمات سياسية متناحرة، كل يدافع عن وجهة نظره منهم من يرى أنه لا بديل لشعار "يبقى الوضع كما هو عليه" لما لمسوه في فترة عصيبة مر بها الوطن اقترن فيها التغيير بالفتنة والحرية بالفوضى والأمان بالاستبداد، وآخرون يرون أنه لا بديل عن النزول رافعين شعار "استكمال المشوار"، مؤكدين أن ليناير موجة جديدة لا بد أن تأتي ضد ساحة غاب عنها العدل وساد فيها الظلم والاستبداد وأهدرت فيها الكرامة الإنسانية وأغلقت فيها جميع أبواب الحقوق والحريات. باتت حالة التمزق والانقسام والتناحر بين كل القوى السياسية واضحة، غابت الثقة بين المعارضين والمؤيدين، فقدت الأحزاب السياسية في مصر غايتها من كونها وسيلة لتحقيق التغيير الذي تريده المجتمعات، وفي ظل ما نراه من اقتران التظاهر بشيء من العنف أو التهديد، حمل لنا هذا المشهد صورة من اليأس وخيبة الأمل، تجسد لنا أسئلة هامة "مصر إلى أين؟ هل من سبيل سلمي للإصلاح؟ من المؤكد أن السبيل إلى النهوض والاستقرار لن يتشكل بالتمنيات والرغبات ولا بتلك الحالة التي نعيشها من تمزق وانقسام، فالكل خاسر في هذا الصراع المرير والمستفيد الأكبر من تلك الفتن هم أعداء الوطن والمتربصون. ماذا لو جلس الجميع على طاولة الحوار بإخلاص وصدق مقدمين مصلحة الوطن على أي انتماء لحزب أو لجماعة أو لشخص أو حتى للذات، رافعين شعار "إنهاء الخصومات وتقريب وجهات النظر" باحثين عن سبيل سلمي حقيقي لتلك الأزمات المتلاحقة؟ ماذا لو رفع الجميع شعار العمل الجاد والتفاني والإخلاص كفريق واحد يسعى إلى إصلاح حقيقي وبناء اقتصاد وطني قوي وإصلاح مؤسسات الدولة وتطوير أساليبها وممارسة الديمقراطية الحقيقية في المجتمع؟ لا أفترض غير وجهة نظري البسيطة قد يحالفني الصواب وقد يحالفني الخطأ، قلمي حائر يبحث عن الأمل متفائلا بوجود العقلاء، لا أدعي أي رصد لأي أحداث شهدناها، ولا ألقي الضوء عما كان وما تم، وعن ما فقدناه وما سنفقده لا بديل عن إصلاح النفوس وصدق النوايا والعمل على توحيد الصفوف قد يكون حلما ولكنه شكّل بداخلي أملا لسبيل سلمي للإصلاح. لا بد أن يدرك الجميع أن سفينة الوطن تتسع للجميع بمختلف توجهاتهم وآرائهم، ووطننا ليس بفندق نتركه عندما تسوء الخدمة، حفظ الله مصر وشعبها من كل مكروه وجمع شملنا على الحق.