كارثة .. أنه كلما اقترب يوم 25 يناير، كلما ازداد إحساسنا بالقلق والخوف مما قد يحدث فى هذا اليوم وتوابعه. فبدلا من أن نستعد لهذا اليوم بما يليق به من معان وذكريات باعتباره عيدًا للإرادة والثورة المصرية، فإن الناس عوضا عن ذلك بدأوا فى تخزين المواد الغذائية، والاحتفاظ بأكبر قدر ممكن من السيولة النقدية فى بيوتهم خوفًا من تكرار سيناريو يناير الماضى وما صاحبه من إغلاق للبنوك وتكالب على شراء المواد الغذائية. أما لماذا القلق ولماذا المخاوف؟ فإن ذلك مرجعه إلى ما يتردد هنا وهناك عن محاولات حثيثة لإثارة ثورة ثانية تبدأ من هذا اليوم تطالب بإسقاط حكم العسكر والإسراع فى خطوات تسليم السلطة، وهى ثورة قد تكون بهدف استعادة واسترداد الثورة التى يعتقدون أنها قد سرقت أو اختطفت من أصحابها الحقيقيين، وتوجهت إلى مسار آخر.. وهناك أيضا مخاوف من قيام أسر الشهداء وبعض الثوار بمحاولة التجمع أمام سجن طرة واقتحامه للانتقام والتنكيل بالموجودين داخله من رموز النظام السابق والذين تأخر إصدار الأحكام القضائية بأحكامهم. وهذا بالطبع غير التحذيرات الرسمية التى تتحدث عن وجود مخططات خارجية لإغراق البلاد فى الفوضى وتقسيم مصر وإضعافها .. والنتيجة من وراء ذلك كله هو أن الصورة ليست وردية، وليس هناك ما يمكن أن يبدد المخاوف وأن تطمئن القلوب، فبعد ما شاهده الناس من تطورات وأحداث لم تكن متوقعة فى يناير الماضى فإنهم على استعداد كامل لتصديق أى سيناريو من أى نوع قد يكون مطروحًا الآن.! ولهذا نحن فى قلق، وهذا القلق له ما يبرره على هذا البلد الذى لم تلتئم جراحه طوال العام الماضى، والذى يخرج من ورطة ليقع فى أزمة، والذى أضاعه وبدد مكاسبه رئيس وزراء فاشل أتوا به من حيث لا يدرى أحد ونصبوه رئيسًا للحكومة فلم يكن لديه ما يقدمه إلا "الطبطبة" و"التدليل"، فضاع الأمن والأمان، ولم يشعر الناس بقيمة الثورة ولا ما حققته، بل وساهم عصام شرف فى أن ينقلب الناس على الثورة والثوار اعتقادًا منهم أنها كانت السبب فى تدهور الأوضاع الاقتصادية وفى فقدان الأمن بالشارع. إننا مع الناس فى تخوفهم من المجهول القادم، خاصة أن الصورة أصبحت ضبابية، والاتهامات كثيرة ومتبادلة، والحقيقة أصبحت شبه غامضة، ولكننا نشعر بالاطمئنان فى أن الشعب الذى حمى مصر بلجانه الشعبية التلقائية التى كونها فى يناير الماضى هو الذى سيقف حائلاًَ ضد تمزق بلاده ودون دخولها منحنى الفوضى والمؤامرات المدمر، فلن تكون عراقًا آخر، ولن يقف المصرى يومًا ما ضد المصرى .. ولن ندخل فى مواجهات مع بعضنا البعض .. والشعب هو القادر على حماية ثورته، وعلى صيانة وحدته الوطنية، وعلى أن يفرض كلمته على الجميع كما فرضها فى التصويت الانتخابى البرلمانى، فالشعب كله فى 25 يناير سوف يحتفل بثورته، وسيقف فى كل شارع وحارة وأمام كل بيت ومصنع ومؤسسة لتوفير الحماية وللتأكيد على أنها كانت مخاوف لا وجود لها، وأن مصر فوق الجميع. السيد البابلى [email protected]