تترقب جماعة الإخوان المسلمين، ردود طرفي الأزمة على المبادرة التي أطلقها 44 نائبا سابقا عن حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسية للجماعة، لحل الأزمة التي تمر بها الجماعة منذ أشهر. وكان 44 قياديا بالإخوان (نواب سابقون بمجلسي الشعب والشورى الأخيرين)، أطلقوا مبادرة لإنهاء أزمة الإخوان، نهاية الأسبوع قبل الماضي، وتقترح تعديل اللوائح وتحديد المهام، والفصل بين الاختصاصات، وفك الاشتباك بين الجهات، واعتماد معايير العدالة والنزاهة. ودعت مبادرة البرلمانيين السابقين إلى إجراء انتخابات شاملة (مجلس شورى جديد - مكتب إرشاد جديد - مجلس رابطة جديد- مكتب خارج جديد)، فضلاً عن وضع رؤية استراتيجية واضحة المعالم يلتزم بها الجميع، بعد اعتمادها من مجلس الشورى العام خلال شهرين من تاريخ انتخابه. وينتظر البرلمانيون السابقون الرد النهائي على المبادرة من أطراف الأزمة: محمود عزت، نائب المرشد والقائم بأعماله، ومحمد عبدالرحمن المرسي، ومحمد كمال، عضوا مكتب الإرشاد، وأعضاء مجلس الشورى العام خارج السجون، ومجالس القطاعات بالمحافظات، ورابطة الإخوان المصريين بالخارج، ومجلس شورى رابطة الإخوان المصريين بالخارج، ومكتب شؤون المصريين لإدارة الأزمة بالخارج، وأعضاء الهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة، وعمرو دراج الذي يرأس البرنامج السياسي بمكتب الخارج. وفي الوقت الذي بدا فيه تحفظ من جانب محمود حسين، عضو مكتب الإرشاد، والمحسوب على جناح "الحرس القديم" على المبادرة، وفقًا لمقربين منه، رحبت قيادات ومكاتب إدارية بجماعة الإخوان المسلمين، بأي مبادرة تسعى لحل الأزمة التي تمر بها الجماعة منذ أشهر. وكان 10 أعضاء بمجلس الشورى العام للجماعة من المقيمين بالخارج، و13 عضوًا بالهيئة العليا لحزب الحرية والعدالة ومكتب إدارة الأزمة بالخارج أيدوا مبادرة البرلمانيين للخروج من الأزمة. كما لاقت المبادرة تأييدًا من عدد من الشخصيات العامة والعلماء، منهم محمد مختار الشنقيطي، أستاذ الأخلاق السياسية بمركز التشريع الإسلامي والأخلاق في قطر، وعصام عبد الشافي، أستاذ العلوم السياسية، والإعلامي قطب العربي، والباحث خيري عمر، ووصفي أبو زيد، متخصص في مقاصد الشرعية الإسلامية، وعصام تليمة، وأيمن الورداني، وشباب الجماعة. البرلماني السابق محمد عماد الدين صابر، قال إن المبادرة لاقت ترحيبا من قطاعات كبيرة بالجماعة. وأوضح "صابر" أنه تم تشكيل أمانة المبادرة لرصد وتسجيل كل ما يرد إليها من موافقات وملاحظات واقتراحات يوميا دون توقف. ونظرا لقرب الموجة الثورية القادمة التي دعت إليها المعارضة، وعلى رأسها الإخوان في الذكرى الخامسة ل25 يناير، لفت صابر إلى أن البرلمانيين رأوا تأجيل أي إجراءات مستقبلية لما بعد الفعاليات المقبلة. وتشهد "الجماعة" أزمة داخلية بين تيارين، أحدهما يتزعمه محمود عزت (محل إقامته غير معروف)، نائب المرشد العام للجماعة، القائم الحالي بمهامه إثر غياب مرشدها محمد بديع المحبوس بمصر على ذمة عدة قضايا، وأخرى جبهة يتزعهما محمد كمال (يقيم داخل مصر) عضو مكتب الإرشاد، وأحمد عبد الرحمن (يقيم خارج مصر)، رئيس مكتب الإخوان المصريين بالخارج. والأزمة داخل التنظيم وصلت ذروتها عقب إعلان مكتب الإخوان المسلمين في لندن، إقالة محمد منتصر (اسم حركي مقيم داخل مصر)، من مهمته كمتحدث إعلامي باسم الجماعة وتعيين طلعت فهمي متحدثا جديدا بدلا منه؛ فيما أعلنت 9 مكاتب إدارية بالجماعة رفضها للقرار. والأزمة الداخلية التي تمر بها الجماعة، ظهرت للعلن بوضوح في شهر مايو الماضي، وذلك على خلفية تباين وجهات النظر بشأن مسار مواجهة السلطات، وشرعية القيادة في الظرف الجديد. وكان "الحرس القديم" ممثلا في مكتب إرشاد ما قبل فض رابعة "إبراهيم منير ومحمود عزت ومحمود حسين"، قد حاول الالتفاف على الحل الذي توصل إليه طرفا الأزمة، والذي يقضى بإجراء انتخابات جديدة عل صعيد مجلس الشورى العام، ومن ثم وضع لائحة جديدة يتبعها انتخاب مكتب إرشاد تنفيذي جديد مع استبعاد طرفى الأزمة من هذه الانتخابات. واللائحة الداخلية التنظيمية للجماعة هي قانون النظام الأساسي للإخوان، وافقت الجمعية العمومية للإخوان المسلمين عليها، وأصبحت نافذة في 8 سبتمبر 1945. وجرت انتخابات داخلية في شهر فبراير 2014 على صعيد محافظاتالفيوم وبنى سويف والمنيا، فيما قامت بقية المكاتب الإدارية في الجماعة بتزكية أعضاء منها بسبب الظروف الأمنية، وهو الأمر الذي أفرد القيادة الجديدة التي استبعدت مجموعة من القيادات القديمة، وعلى رأسهم الدكتور محمود حسين الأمين العام السابق للجماعة، وتم تعيين مكانه الدكتور محمد كمال، وهو ما لا يعترف به حسين حتى الآن، معتبرا أن من أفرزتهم الانتخابات الأخيرة في الداخل والخارج مجرد لجنة معاونة لمكتب الإرشاد القديم، وهو محل الخلاف بين القيادات. وألقى الانقسام بظلاله على صفوف الجماعة، ما دفع تيارًا كبيرًا من الشباب لتأييد القيادة الجديدة، باعتبارها تمثل إرادتهم في مواجهة السلطات عبر حراك ثورى لإسقاط النظام. ويدين للقيادة الجديدة بالولاء الجانب الأكبر من المكاتب الإدارية بما فيها "مكتب الخارج" (يرأسه أحمد عبد الرحمن)، و"اللجنة الشرعية" ولجنة "الشباب المركزية" التى تأسست مؤخرا، وذلك لأن تلك المكاتب اكتسبت شرعيتها من الانتخابات التي أشرف عليها المكتب الجديد في فبراير 2014، كما أنها توافق على رؤية القيادة الجديدة للمشهد وتعاملها معه وتحظى بتأييد الشباب، وتدرك ذلك القيادة التاريخية والتي بدأت في مد جسور التواصل مع المكاتب الإدارية لتقوم بعزل القيادة الجديدة عن جسد الجماعة. أما العلاقات الخارجية والتمويل فهى من نصيب القيادة التاريخية ورموزها، مثل الدكتور محمود حسين والذي يمثل تنظيم إخوان مصر في التنظيم الدولى لجماعة الإخوان. وتعود جذور أزمة الإخوان إلى اعتصام رابعة العدوية، وفيه اجتمع مجلس الشورى العام للجماعة (الهيئة التشريعية العليا) واتخذ قرارا بالمضى في التصعيد، وأوصى بإيجاد قيادات بديلة في حالة اعتقال قيادات الصف الأول. فيما طالت أيدى النظام قيادات الصف الأول والثانى والثالث في الجماعة، ولم يتبق سوى بعض أعضاء مكتب الإرشاد المطاردين في الداخل، وآخرين في الخارج كان قد خرجوا بتوصيات قبيل أحداث 30 يونيو، كان أبرزهم محمود حسين الأمين العام للجماعة وأمين صندوقها وجمعة أمين الذي توفي بالخارج بعد صراع مع المرض. وعقب الفض كُلف الأمين العام محمود حسين بإدارة شؤون الإخوان المطاردين بالخارج، ومع الاهتزاز الإداري بالجماعة سعت الصفوف المتبقية في مصر بالتنسيق مع القيادات في الخارج إلى إجراء انتخابات لتشكيل مكتب إرشاد جديد يدير الجماعة وأزمتها الحالية، وهو ما جرى في فبراير 2014. وانتهى الوضع حينها بتشكيل مكتب جديد لم يضم الأمين العام السابق محمود حسين، ولا مجموعة كبيرة من الوجوه القديمة في المكتب، وقد علمت القيادات في السجون بهذه الانتخابات وباركوها، وأكدوا أنهم خلف القيادة الجديدة، وقد شغل منصب الأمين العام الجديد محمد كمال خلفا لمحمود حسين.