الملف الدينى فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى من أكثر الأشياء التى أثارت الجدل خاصة بعد خطابه خلال الاحتفال بالمولد النبوى العام الماضى 2015حينما قال: "مصر ليست دولة إسلامية وعلينا تغيير الخطاب الدينى، يجب تغيير مفاهيم الدين الإسلامي المعادية للسلام". اعتبر السيسى أن الدين الإسلامي به العديد من المفاهيم التي تساعد الإرهاب على التوغل, فبدأ بتوجيه دعوات كبيرة للقيام بثورة دينية للقضاء على ما أسماه بالإرهاب قائلا: "إن مصر بحاجة إلى ثورة دينية ضد ما أسماه بالأفكار المشوشة والمغلوطة عن الدين الإسلامي، وأن المسلمين أصبحوا يمثلون مصدر إساءة لدينهم ونبيهم حول العالم على حسب قوله". الجميع أدرك حينها أن هناك ثورة دينية ستحدث خلال عهد السيسى ولكن لم يتقبل الجميع ذلك فمنهم من أيد ومنهم من عارض ذلك ولكن مع انتهاء عام 2015 ومرور عام على تلك الدعوة إلى أين وصل الخطاب الديني فى مصر وكيف يراه أهل الدين، وما هى المعوقات التى تقف ضد حدوثه.
الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتاوى قال إن الخطاب الديني خطاب معتدل وموروث عند جميع الأئمة منذ القدم ولا يحتاج إلى إقامة ثورة دينية عليه أو تعديل كما يرى الرئيس. وأضاف الأطرش فى تصريحات خاصة ل"المصريون" أن الدين الإسلامى ليس به مفاهيم خاطئة ولا يدعو إلى العنف كما يقال بدليل إن جميع الأئمة يبدأون خطبهم بالآية الكريمة: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِى الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْى، يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ"، فالدين الإسلامى دين متسامح فى خطابه ولا يحض على الإجرام بأى شكل من الأشكال على حسب قوله. ومن جانبه هاجم الدكتور سعيد عبد العظيم، نائب رئيس الدعوة السلفية، الرئيس بسبب دعوته إلى تجديد الخطاب الدينى قائلا: "الرئيس ينتقد الفكر والنصوص المقدسة التى تعيش بها الأمة منذ مئات السنين، هذا الكلام غاية فى الخطورة وقلب للحقائق وانقلاب على الدين حتى وإن طالب قائله بثورة دينية، ولا بد من رد هذا الكلام وتخطئته لا التصفيق له أو السكوت عليه، فالساكت عن الحق شيطان أخرس، والمصفق للباطل شيطان ناطق".
وأضاف: كنت أفهم أن نساند المسلمين المستضعفين والمشردين هنا وهناك، لا أن نشن حربًا على الإسلام وأهله فى الداخل والخارج، لو وجد من يوصف بالتطرف والغلو من المسلمين، فبماذا يوصف الأمريكان واليهود والغرب.
فيما قال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر: "اسمع جعجعة ولا أرى طحنا"، مشيرًا إلى أن الشأن الإسلامي فيما يتصل بالخطاب الدينى فى واقعيته ومعالجات لمفاهيم مغلوطة ومداواته لأفكار خاطئة يحتاج إلى أناس قال الله عنهم "الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدًا إلا الله". وأشار كريمة إلى أن وزارة الأوقاف حجبت بحثين قدمهما فى مؤتمر الأقصر، لأنه تناول بالنقد الصريح العملية التعليمية الأزهرية واهتزاز الدعوة المسجدية والتى تشهد تراجعًا وانحدارًا غير معهودة، مؤكدًا أنه لابد من حصر البواعث وإيجاد الحلول على أرض الواقع أما الوثائق والمؤتمرات كلها لن تجدى. وشدد "كريمة" على ضرورة إنشاء هيئة قومية للوعي الإسلامى تتبع رئاسة الجمهورية تضم فى عضويتها الخبراء والأكفاء ممن لديهم القدرة على التعامل مع التراث الموروث والتصدى لمستجدات العصر، فضلاً عن وجود إعلام دينى تخصصى داعيًا إلى التقريب بين المذاهب العلمية. وفى السياق نفسه قال الشيخ خالد الجندى إنه غير قادر أن يستوعب تطوير الخطاب الدينى لأن التفكير الدينى هو الذى يحتاج إلى برمجه لينعكس على الخطاب الديني. وطالب الجندى بإعادة هيكلة المؤسسات الدينية وأن يكون تعيين شيخ الأزهر بالانتخاب وأن يكون انتخاب هيئة كبار العلماء منتخبة من العلماء أنفسهم وهى التى تنتخب شيخ الأزهر. وفى السياق نفسه أكد الدكتور عبد الشافى محمد عبد اللطيف عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر أن تجديد الخطاب الدينى أصبح ضرورة ملحة لمواجهة الفكر المتطرف والجماعات التكفيرية مشيرًا إلى أن تجديد الخطاب الديني يتطلب تعاونًا وتكاتفًا كل العلماء المسلمين بمرجعية الأزهر الشريف. وأضاف أن هيئة كبار العلماء ستسعى جاهدة لتجديد الخطاب الدينى لتعريف بسماحة الإسلام ومقاصده العليا.