أكدت بعض الدراسات المحيرة للغاية، أن أخذ الإنسان لنفس عميق ثم التنهد، واستنشاق الرئتين الممتلئتين بالهواء، ربما يعرضك للإصابة بمرض السكر والبدانة، ويرجع ذلك اعتمادًا على المكان الذي تعيش فيه. أضافت الدراسات أنه قد يأكل شخصان الطعام ذاته ويقومان بنفس التمرينات الرياضية، ولكن على مدى بضع سنوات، قد يسمن أحدهما أكثر من الآخر ويطور عملية تمثيل غذائي خاطئة بفعل الغلاف الجوي المحيط بمكان معيشته. وأشارت إلى أن عوادم السيارات ودخان السجائر مصدران رئيسيان للقلق، مع الجسيمات الصغيرة المزعجة التي تؤدي إلى التهاب واسع النطاق وتعطل قدرة الجسم على حرق الطاقة. وبينما تكون الآثار الناتجة عنهما على المدى القصير في حدها الأدنى، فعلى مدى العمر قد تكون كافية لتساهم في الإصابة بأمراض خطيرة، إضافة إلى أمراض الجهاز التنفسي المرتبطة بشكل أكثر شيوعا بالدخان الضبابي. فعندما نتنفس، فإن الملوثات تهيج الحويصلات الهوائية الصغيرة الرطبة التي تسمح عادة للأوكسجين بالمرور في مجرى الدم. ونتيجة لذلك، تصدر بطانة الرئتين استجابة توتر تؤدي إلى توتر جهازنا العصبي بشكل كبير, وهذا يشمل إفراز الهرمونات التي تقلل من فاعلية الأنسولين وتوجه الدم بعيدًا عن الأنسجة العضلية الحساسة للأنسولين، وتمنع الجسم من إحكام السيطرة على مستويات السكر في الدم. وقد تطلق الجسيمات الصغيرة المزعجة أيضًا العنان لسيل من الجزيئات الالتهابية التي تسمى "السيتوكينات" التي تندفع إلى الدم، وهذه استجابة تتسبب أيضًا في غزو خلايا جهاز المناعة للأنسجة الصحية. ولا يتدخل ذلك في قدرة الأنسجة على الاستجابة للأنسولين وحسب، بل إن الالتهاب الناتج قد يتدخل أيضًا بالهرمونات التي تحكم شهيتنا، حسب قول مايكل جاريت في جامعة كاليفورنيا، بيركلي. وكل ذلك يؤدي إلى الإخلال بتوازن الطاقة في الجسم، مما يتسبب في مجموعة من الاضطرابات في نظام التمثيل الغذائي بما في ذلك السكري والسمنة ومشاكل القلب والأوعية الدموية مثل ارتفاع ضغط الدم. وتشير دراسات كبيرة من مدن في مختلف أنحاء العالم إلى أن البشر يمكن أن يعانوا من النتائج ذاتها. وعلى سبيل المثال، فقد بحث تشين في السجلات الطبية ل 62 ألف شخص في أونتاريو، كندا على مدى 14 عامًا. ووجد أن خطر الإصابة بمرض السكر ارتفع بنحو 11 في المائة لكل 10 ميكروجرام من الجسيمات الدقيقة في المتر المكعب من الهواء، هذه إحصائية مثيرة للقلق، بالنظر إلى أن التلوث في بعض المدن الآسيوية يمكن أن يصل إلى 500 ميكروجرام على الأقل لكل متر مكعب من الهواء. ويشعر العلماء بقلق بالغ إزاء الآثار على الأطفال الصغار، مع بعض القلق من أن تعرض الأم إلى تلك الملوثات قد يغير التمثيل الغذائي للطفل بحيث يجعله أكثر عرضة للبدانة، لننظر إلى عمل أندرو راندل في جامعة كولومبيا، الذي درس الأطفال الذين ينشؤون في برونكس. فخلال فترة الحمل، حملت أمهات الأطفال حقائب صغيرة لقياس مدى جودة الهواء وهن يقمن بأعمالهن اليومية، وعلى مدى السنوات السبع المقبلة، تم رصد صحة الأطفال على فترات منتظمة. ورغم هذه النتائج المثيرة للقلق، يجب أن نكون حذرين إزاء إعطاء الأمور أهمية أكثر مما تستحق، وتقول أبي فليتش، من كلية هارفارد الطبية: “إنها فقط تربط بين التعرض للتلوث والنتيجة، ولكنها لا تثبت أن عاملاً واحدًا قد يسبب عاملا آخر". ومع ذلك، فيبدو أن نتائجها تتفق مع الاتجاه العام- فقد بينت أنه حتى في الأشهر الستة الأولى، يبدو أن الأطفال من أمهات يعشن في مناطق ملوثة تزيد سمنتهم بشكل أسرع من أطفال الأمهات اللاتي يعشن في مناطق أكثر نظافة - بيد أنها تؤكد عدم قدرتنا على الجزم بأننا لم نغفل عوامل أخرى، إضافة إلى التلوث، يمكنها أن تفسر هذا الرابط الظاهر.