أكد خبراء على أن سد النهضة الأثيوبي هو عمل عدواني ، على مصر ويتحكم فى مقدرات الحياة وانه قد يتسبب فى دخولها إلى حالة الفقر المائي ، موضحين أن المفاوضات التى تقوم بها مصر مع أثيوبيا غير ذات قيمة ولا توجد لها نتائج ملموسة ولا يضمن حصتها السنوية . قال أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، نادر نور الدين، أن الجولة العاشرة من مباحثات سد النهضة التي أُقيمت صباح السبت 12 ديسمبر الجاري فشلت فشلاً ذريعاً. ولفت في حديثه إلى "أن إثيوبيا لا تسمح لمصر بتسييس القضية وإشراك وزراء الخارجية في المفاوضات، وأن مصر حالياً تحاول معالجة أخطاء وقعت فيها منذ ثمانية عشر شهراً عقب المباحثات بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الإثيوبي، والتي رفضت فيها مصر وقف العمل في سد النهضة باعتباره عملاً سيادياً". وتابع نور الدين قائلاً: "ثم تراجعت مصر بعد ذلك وطالبت بإيقاف بناء السد لما له من تأثيرات سلبية على مصر، باعتبار أن العمل على النيل أمر مشترك". وشدد أستاذ الموارد المائية على أن "اتفاقية إعلان المبادئ التي تمت في الخرطوم حول سد النهضة كارثية ووضعت فيه مصر كل شيء بيد إثيوبيا بدعوى بناء الثقة بين البلدين فاستغلت إثيوبيا تللك المبادئ". وأوضح أن "ذلك الإعلان كان بمثابة اعتراف مصر بالسد ومشروعيته دون شروط، وعدم الاعتراف بحصة مصر المائية، ولم تتحفظ على عيوب السد ولم تقدم اشتراطات". لافتاً إلى أن "إثيوبيا حصلت بذلك الإعلان على كل ما تريد بداية من اعتراف مصر به إلى عودة التمويل لبناء السد وبقوة" وفق الخليج أون لاين . وأضاف نور الدين: "بعد ذلك الإعلان ازدادت سرعة بناء السد وزاد التمويل، وأظهرت الصور الجوية الأخيرة للسد أن حجم القرية الخاصة بالعمالة بالسد تضاعفت ثلاث مرات عن العام الماضي بواقع 55 ألف عامل يعملون به". وتابع: "مصر الآن أعلنت أنها تتحفظ على إعلان وثيقة المبادئ، ولكن بعدما حصلت إثيوبيا على كل ما تُريد". ولفت أستاذ الموارد المائية إلى أن "ما بعد بناء السد غامض، وكل شيء متروك لإثيوبيا ولا يُعرف كم ستكون حصة مصر من المياه، وحجم التدفقات السنوية، وخلال السنوات العجاف ستكون الأولوية لتوليد الكهرباء أم لإيصال مياه الشرب إلى مصر". وحول التأثيرات السلبية لبناء السد أشار نور الدين في حديثه إلى أن "بناء السد سيؤثر على تغير المناخ، بالتزامن مع نقص في الأمطار على منابع النيل في إثيوبيا بنسبة 70%، ما يعني أن السنوات العجاف والجفاف أصبح تسع سنوات بدلاً من سبعة سنوات، لذلك يعتبر السد عملاً عدوانياً يتحكم في مقدرات الحياة في مصر". ولفت إلى "أن مصر تعاني من نقص في الموارد المائية بواقع 30 مليار متر مكعب، كما أن نصيب الفرد السنوي من المياه انخفض حتى أصبح 680 متر مكعب في العام بدلاً من ألف متر مكعب". وتابع نور الدين: "بناء السد سيُنقص من حصة مصر أكثر من 12 مليار متر مكعب، كما أن نصيب الفرد سيقل والعجز سيزيد، وستدخل مصر في نقص المياه المدقع". كما لفت إلى أن "تأثر مصر سلبياً من سد النهضة سيكون أكبر من تأثر السودان، لأن الماء سيمر على السودان في البداية، لذلك ستحصل على حصتها من المياه كاملة وتخزنها في سدودها الموجودة، قبل وصولها لمصر، أي من سيعاني من نقص المياه والجفاف هي مصر". وألمح إلى أن "غرض إثيوبيا من بناء السد هو أن تكون لها ريادة القارة الأفريقية وتتحكم في الماء الذي يصل إلى مصر، وتستطيع السيطرة على الماء وتفعل به ما تشاء". وأكد نور الدين على ضرورة أن يكون هناك حل لتلك الأزمة في مصر، لافتاً إلى "أن الحل يكمن في أن تقدم الحكومة للبرلمان المُقرر انعقاده نهاية ديسمبر/ كانون الأول الجاري وثيقة إعلان المبادئ، مع ضرورة أن يرفضها". وتابع قائلاً: "عقب رفض البرلمان للوثيقة، ستكون مصر وبحسب الاتفاقات الدولية، سحبت اعترافها بسد النهضة وأعلنت إلغاء مبادئ الخرطوم، ثم تشرع في تدويل القضية والشكوى لمجلس الأمن، لأن إثيوبيا تسارع الوقت في بناء السد". وشدد على "أن السد مخالف للقوانين الدولية وجميع الأدلة مع مصر، فهو يعتبر أكبر سد في أفريقيا، كما أن إثيوبيا لم تقدم إخطاراً لمصر باعتبارها دولة المصب قبل الشروع في بناء السد، ولم تُسلم الدراسات الخاصة به إلى مصر قبل البدء به" مساعد وزير الخارجية الأسبق، السفير معصوم مرزوق، أكد أن الوضع فيما يخص سد النهضة، وصل إلى لحظة فارقة وينبغي فيها على المفاوضين سواء المصريين أو الإثيوبيين حسم الموقف العالق أو تغيير منهج التفاوض الحالي لأنه غير منتج. وأشار في حديثه إلى "أن مصر لديها الكثير من الأوراق التي يمكن استخدامها، وبدء التحرك على أن القضية ليست قضية تعاون". وتابع مرزوق قائلاً: "مصر عرضت على إثيوبيا أن تكون قضية سد النهضة إما تعاوناً أو صراعاً، ومصر اختارت التعاون الذي لم يحقق أي إضافة حتى الآن". وشدد مساعد وزير الخارجية الأسبق على ضرورة أن "تبدأ مصر إجراءات دبلوماسية خاصة بالصراع، وتتحرك في أطر دولية كثيرة قد لا تتحملها إثيوبيا". ولفت إلى "أن إثيوبيا تمارس تكتيكات كسب الوقت ليصبح السد أمراً واقعاً ولا يكون أمام مصر سوى التسليم بالأمر الواقع"، موضحاً "أن أي حكومة مصرية لا تستطيع أن تتحمل أن يتأثر الإيراد المائي لمصر بأي شكل، كما أنه ليس من مصلحة إثيوبيا استخدام ذلك التكتيك". وألمح مرزوق إلى "أن استخدام القوة العسكرية لحل الأزمة أمر وارد الحدوث، ولكن في الوقت الحالي مصر لا تهدد بأي تدخل". في السياق ذاته، أكدت وزارة الري على لسان المتحدث باسمها خالد وصيف أن سد النهضة لو بُني بمواصفاته المعلن عنها وبدون ترتيبات للوصول لاتفاق يراعي مصلحة الجميع سيؤثر سلباً على مصر. وأشار إلى أن وزير الري أنهى صباح السبت 12 ديسمبر الجاري، اجتماعاً مع إثيوبياً يخص المفاوضات حول السد، إلا أن الوزارة لم تطلع بعد على نتائج تلك المفاوضات وعن ماذا أثمرت.