مركز ببا لمن لا يعرفه هو أحد مراكز محافظة بنى سويف ، ومع إن هذا المركز لم يسمع أهاليه عن ثورة 25 يناير إلا بعد أحداث جمعة الغضب الدامية ، ومن خلال وسائل الإعلام فقط ، ولم يشارك فى أحداث الثورة إلا القليل منهم ، ومن بين هذا القليل أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الذين كان وأن يتناوبون الذهاب للتحرير؛ بسبب انشغال جلهم بأعباء الحياة دون سواها إلا أن المصائب بدأت تتوالى على هذا المركز وقراره ، وذلك بعد أن قُتل تقريبا أحد عشر شابا بالقرب من مركز الشرطة على يد أحد ضباط المباحث فى ظروف غامضة قيل فى تفسيرها : إن أحد المخبرين (الشرطة السرية ) أوعز إلى بعضهم بالذهاب إلى مركز الشرطة لأخذ الموتسكلات التى كانت تصادر نتيجة لسيرها فى الشوارع دون لوحات معدنية ، فتجمعوا فى حركة هوجاء وساروا نحو مركز الشرطة ، وهنالك أُطلقت النيران بطريقة عشوائية فأصابت بعضهم فى مقتل ، ودخل فى زمرتهم بعض المارة الذين لم يكونوا منهم ، ولم يكن لهم فى الأمر ناقة ولا جمل.. وبعد تلك الحادثة وبالتحديد فى وقت متأخر من تلك الليلة المشئومة أحرق مركز الشرطة بأكمله وإدارة المرور دون أن تُعرف هوية صاحب الجريمة وأعقب ذلك خلو المدينة والقرى التابعة لها من جهاز الشرطة نهائيًا ، ورغم معاودة جهاز الأمن لممارسة نشاطه إلا أن هذا المركز دون سائر مراكز الدولة بأكملها لم يشهد إلى الآن أى تواجد للشرطة فى الشوارع ؛ لأن طاقمه قد غير أكثره بعد تلك الحادثة المشئومة ، وأشيع بين الضباط الجدد أن شعب ببا شعب مناكف ، فخافوا على أنفسهم وتكاسلوا أو تقاعسوا فى أداء واجبهم ، وهذا جرأ أصحاب السوابق وتجار المخدرات واللصوص ليستأسدوا على الناس ، وكلما مرت الأيام كلما ازداد الانفلات الأمنى وارتفعت معدلات القتل بين الناس ولأتفه الأسباب ، ولم يحدث ذلك لبأس فى هؤلاء النفر من أصحاب السوابق ، ولا لانتشار البلطجة المخيفة بينهم ، وإنما جرأهم على ذلك غياب الأمن الكامل ، فصار من الطبيعى أن تسمع ممن كان يخاف من مجرد ذكر عسكرى الشرطة أمامه قوله : إن البلد ما فيها حكومة ( وهو يعنى بالحكومة الشرطة التى كان يرهبها ) فيعربد كيفما يشاء ؛ حتى أمسينا نسمع عن جرائم يندى لها الجبين ، فهذا يُقتل فى المستشفى العام وهو نائم جريح على سريره وعلى بعد أمتار معدودة منه نائب مأمور المركز كما حُكى فلا يهم بإنقاذه ، وتلك تؤخذ وتجرد من ملابسها حتى ما يستر العورة ، ثم تعلق أمام المارة يوما كلاما ( انتقاما من أهلها ) فلا يجرؤ أحد على تغطيتها ، ولا يفكر أحد من رجال الشرطة فى الذهاب لنجدتها ، وهذه سيارة الغاز تسير ليلا فيخرج على سائقها مجموعة من الشباب يسرقونها منه غصبًا ، لا لقوة فيهم وإنما لخلو الساحة من المرهب لهم وعلى غرار : "إن البغاث بأرضنا يستنسر ".. ولم يتوقف الأمر عند القتل وإنما شاع مع الانفلات الأمنى خطف الأطفال والفتيات ثم انتشار ظاهرة تجارة المخدرات وتناولها على الملأ ، وخاصة فى الأفراح ، فلا تكاد ترى صيوانا منصوبا لفرح إلا وتشاهد الأدخنة المتصاعدة من لفائف البانجو والحشيش تملأ الجو لتتخلل منافذ المنازل والشقق ، وقد أخبر أحد المواطنين قائلا : كم عانيت أنا من نصب جلسات البنجو والحشيش أمام بيتى وقت الأفراح لتخرج منها الروائح الكريهة لتزكم أنفى أنا وأطفالى دون أن أستطيع فعل شىء غير إغلاق بابى على ؛ خشية أن يقتحمه على أحد السكارى ، وفى قرية بالقرب من المدينة تسمى صفط راشين ، يقول أحد أئمة المساجد : إن الباطنية قد عادت من جديد فى قريتنا ، وإن الباطنية (يقصد الحشاشين أو تجار الحشيش ) لا يسمعون بموعد فرح إلا وذهبوا إلى أهله ليتفقوا معهم على إحياء ليلة الفرح بلفائفهم .. وما ذكرته ليس إلا غيضًا من فيض ، فهل يا ترى ستطال هذا المركز ( مركز ببا ) نفحة من وعود السيد وزير الداخلية الجديد ، ويمنُّ على شعبه بحثِّ جهاز الشرطة المتواجد على القيام بواجبه أم سيظل سكانه فى الجحيم الذى يعيشونه ؟!!.. الجواب ننتظره من السيد الوزير ، وعسى أن يكون قريبًا . [email protected]