بعد أيام من إعلان الرئيس اليمني على عبد الله صالح عن نيته السفر للولايات المتحدة بحجة إفساح المجال لإنجاح المرحلة الانتقالية، خرج موقع "يمن نيشن" المستقل بقنبلة مدوية كشف خلالها تفاصيل مخططه للانقلاب على المبادرة الخليجية. ففي 31 ديسمبر, نقل الموقع عن مصدر يمني مطلع قوله إن صالح سعى مؤخرا لتجنيد 12 ألف شخص من قبيلته للانقلاب على المبادرة الخليجية التي وقع عليها في 23 نوفمبر الماضي مع المعارضة. وأضاف المصدر أن صالح أقر خلال اجتماع مع مقربين منه تجنيد 12 ألف شخص بالحرس الجمهوري من قرى بني بهلول وبلاد الروس من مديرية سنحان التي ينتمي إليها الرئيس اليمني، وتجهيزهم لاسترداد مؤسسات الدولة التي خرجت عن سيطرة أعوانه ونظامه. كما أقر الاجتماع -بحسب المصدر- إفشال مخطط إسقاط قيادات الحزب الحاكم وإعادة الأمور إلى نصابها، والتصدي بقوة للاحتجاجات المنظمة التي استهدفت معسكرات ومقرات أمنية وحكومية مهمة. واللافت للانتباه أن القنبلة السابقة حول مساعي صالح لإجهاض المبادرة الخليجية جاءت بعد خروج أنصاره إلى شوارع العاصمة صنعاء يوم الجمعة الموافق 30 ديسمبر وذلك للمرة الأولى منذ موافقته على تسليم السلطة لنائبه عبد ربه منصور هادي. ونقلت قناة "الجزيرة" عن صالح المطري الذي كان يرفع صورة صالح القول :"المعارضة لا تريد تهدئة الوضع، وتريد التخلص من كل أنصار حزب المؤتمر الشعبي الحاكم ونحن هنا للدفاع عن أنفسنا". وكان مئات الآلاف من أنصار الثورة اليمنية احتشدوا في أكثر من ثلاثين ساحة ب18 محافظة يمنية في 30 ديسمبر في جمعة أُطلق عليها "معًا نحقق أهداف الثورة". وطالب خطباء الجمعة والمتظاهرون بنزع سلطة أبناء الرئيس علي عبد الله صالح وأقاربه من الجيش والأمن، تمهيدا لمحاكمتهم ، كما عبر المتظاهرون عن رفضهم لأي حصانات وضمانات تقدم للرئيس للحيلولة دون محاكمته. وجاءت المظاهرات السابقة بعد أن شهدت صنعاء وعدة محافظات احتجاجات وأعمال تمرد ضد رموز الفساد في مؤسسات الدولة, وشملت المؤسسات التي سقطت بيد المحتجين شركة الطيران اليمنية, كما تمرد ضباط وأفراد اللواء 35 بمحافظة الضالع الذين نشروا الدبابات للمطالبة بتغيير قائد المعسكر العميد محمد عبد الله حيدر ومنعه من دخول المعسكر، واستجاب وزير الدفاع محمد ناصر أحمد لمطلبهم بتعيين قائد جديد. ووصلت الاحتجاجات إلى محافظة الحديدة في الغرب التي تمكن المحتجون فيها من تغيير قادة ومسئولي الكلية البحرية وخفر السواحل والكهرباء وشرطة المرور والصرف الصحي وغيرها من المرافق المهمة. كما دارت مواجهات في مدينة عدن -كبرى مدن الجنوب- بين قوات الأمن ومحتجين يطالبون بتنحي رئيس جامعة عدن عبد العزيز حبتور على خلفية قضايا فساد مالي وإداري اتهم بها أعضاء هيئة التدريس بالجامعة الحكومية. ورغم أن صالح كان أعلن في 24 ديسمبر الماضي أنه سيتوجه إلى الولاياتالمتحدة كي يسمح للحكومة المؤقتة بالإعداد لانتخابات رئاسية مبكرة لاختيار رئيس جديد, إلا أنه سرعان ما ردد عبارات رجحت صحة ما ذهب إليه موقع "يمن نيشن" وضاعفت الشكوك حول سعيه للبقاء في السلطة بشكل أو بآخر، حيث أكد أنه سيمكث في الولاياتالمتحدة عدة أيام فقط وسيعود لأنه لا يود أن يترك شعبه ، بل وواصل الاستفزاز قائلا إنه سينسحب من العمل السياسي ثم عاد وأكد أنه سينزل إلى الشارع كجزء من المعارضة. كما جاءت تصريحاته متناقضة مع ما أعلنه مبعوث الأممالمتحدة إلى اليمن جمال بن عمر الذي قال في 23 ديسمبر الماضي إن صالح يحتاج إلى العلاج في الخارج بعد أن أصيب في هجوم على مجمعه الرئاسي في يونيو الماضي، وأمضى فترة علاج في السعودية. وبصفة عامة، يرجح كثيرون أن إعلان صالح نيته السفر لواشنطن يأتي في إطار مناوراته للالتفاف على المبادرة الخليجية والإعداد لصفقة جديدة لإعادة إنتاج نظامه في عام الانتخابات الرئاسية الأمريكية ، خاصة وأنه يخدم مصالح واشنطن فيما يتعلق بالحرب على ما تسميه بالإرهاب.