"العلاقات المصرية الروسية تاريخية وغير مسبوقة، وستشهد تنامياً في المستقبل القريب"، هذا التصريح قاله في وقت سابق السفير الروسي بالقاهرة، سيرغي كيربتشينكو، منذ أشهر، وعلى العكس من هذا التصريح سجل الشهر الجاري توتر ملحوظ في العلاقة بين البلدين عقب سقوط طائرة ركاب روسية فوق سيناء شمال شرقي مصر. طوال 16 شهراً؛ هي مدة تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة البلاد، كانت العلاقات غير المسبوقة واضحة على مستوى الزيارات الرسمية والعلاقات الدبلوماسية والسياسية، حتى وصلت إلى تأييد مصر الصريح والواضح للتدخل العسكري الروسي في سوريا، منذ نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، رغم تحفظات غربية وعربية. اليوم الأخير في شهر أكتوبر/ تشرين الأول، وحتى أمس 13 من شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، ومع سقوط الطائرة الروسية، بدأت العلاقات الروسية المصرية تأخذ منحنى هبوط وتوتر من الجانب الروسي الذي علق رحلاته لمصر وحظر استقبال رحلات مصرية. ورصدت وكالة الأناضول أبرز التصريحات والزيارات التي رسمت منحنى العلاقات المصرية الروسية منذ تولي عبد الفتاح السيسي رئاسة مصر حتى الآن، وكانت كالتالي: 12 أغسطس 2014 كانت أول زيارة للسيسي لروسيا، بعد شهرين من تنصيبه رئيساً لمصر، وكانت هذه هي أولى جولاته لبلد غير عربي أو أفريقي منذ أدائه القسم الرئاسي، وعقد فيها الطرفان مباحثات ثنائية؛ لبحث توطيد العلاقات، وسبل التعاون بين الطرفين، وأجرى الرئيسان حواراً ثنائياً لبحث الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة، ودعم الاقتصاد. وكان السيسي قام في 14 فبراير/ شباط 2014 حين كان وزيراً للدفاع بزيارة لموسكو وعقد لقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي منحه أثناءها سترة النجمة الحمراء. 16 ديسمبر زار نائب رئيس وزراء روسيا، ووفد مرافق له مصر، وبحث الطرفان سبل التعاون الاستراتيجي بين البلدين، أعقبها لقاء بين نائب رئيس وزراء روسيا والمهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء حينذاك، بحثا خلاله ارتفاع التبادل التجاري والوفود السياحية بين الطرفين. 9 فبراير 2015 قام بوتين بزيارة مصر، اتفق خلالها مع نظيره السيسي على تعزيز جهودهما لمحاربة "الإرهاب"، كما وقعا اتفاقيات اقتصادية، بينها اتفاق إقامة أول محطة نووية في الضبعة (شمال غربي مصر) لتوليد الطاقة الكهربائية. وكانت زيارة بوتين الثانية له، والأولى لرئيس روسي إلى مصر منذ 10 سنوات، حيث كانت آخر زيارة له في أبريل/ نيسان 2005، إبان حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك. 10 مارس أثناء لقائه بقيادات هيئة الطاقة الذرية المصرية ، قال سيرغي كيربتشينكو، سفير روسيا الاتحادية لدى مصر: إن "علاقتنا مع مصر ليست ضربة حظ بل نحن شركاء وبكل تأكيد، وهذا فرض فرضه التاريخ المشترك بين مصر وروسيا، وإن هناك دولاً عديدة تمتلك التكنولوجيا النووية ولكن ليس هناك دولة أخرى على نفس مدى الاستعداد لمشاركة هذه التكنولوجيا مع مصر مثل روسيا"، وأضاف: "ما يجري بيننا الآن في هذا المجال أمر طبيعي، واستثمار للتعاون التاريخي بين البلدين، ومقدمة للمستقبل المشرق في العلاقة بينهما". 9 مايو زيارة السيسي روسيا للمرة الثانية خلال أقل من عام، شارك خلالها في احتفالات روسيا بذكرى الانتصار على ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية. 12 يونيو في تصريحات للوكالة الرسمية المصرية، قال سيرغي كيربتشينكو، سفير روسيابالقاهرة: "العلاقات المصرية الروسية الودية بلغت مستوى جديداً أعلى من الماضي، وهذا ما يجعلنا نشعر بالفخر". وأشار إلى أن "هذه اللقاءات تؤكد أن مسيرة العلاقات بين مصر وروسيا تسير على الطريق الصحيح، وأنها ستؤتي ثمارها في التعاون المتنامي بين البلدين في المستقبل القريب، مما يعكس التقليد التاريخي والرصيد القائم بين البلدين". 25 أغسطس زار السيسي روسيا للمرة الثالثة لبحث ما تشهده منطقة الشرق الأوسط من صراعات وإرهاب، كما كان للجانب الاقتصادي نصيب كبير أيضاً من تلك الزيارة. وقال بيان صادر عن المتحدث باسم الرئاسة المصرية، علاء يوسف، وقتها: إن زيارة السيسي إلى روسيا ولقاءه بوتين "تأتي في إطار العلاقات المتميزة والإرادة المشتركة لتعزيز العلاقات الاستراتيجية التي تجمع البلدين"، مشيراً إلى أن الزيارة "ستتيح الفرصة لتعزيز التعاون مع روسيا في مختلف المجالات، لا سيما على الصعيد الاقتصادي"، باعتبار أن روسيا تعد أحد أهم الشركاء التجاريين لمصر. - وصفت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية، العلاقات المصرية الروسية بالأكثر تميزاً، موضحة أن موسكووالقاهرة تسعيان منذ سنتين لتعزيز علاقاتهما في شتى المجالات. سبتمبر مصر تؤيد مهاجمة روسيا مدناً وبلدات ومواقع في سوريا، وفق تصريحات دبلوماسية مصرية رسمية، وتقول موسكو إن هذا التدخل "يستهدف مراكز تنظيم داعش"، الأمر الذي تنفيه كل من واشنطن، وعواصم غربية، وقوى المعارضة السورية التي تقول بدورها إن أكثر من 90% من الأهداف التي يضربها الطيران الروسي لا يوجد فيها التنظيم، وإنما تستهدف المعارضة، ومواقع للجيش للحر. 31 أكتوبر الطائرة الروسية "إيرباص321" سقطت قرب مدينة العريش شمال شرق مصر، وكان على متنها 217 راكباً معظمهم من الروس، إضافة إلى 7 يشكلون طاقمها الفني، لقوا مصرعهم جميعاً، وفتحت السلطات القضائية المصرية تحقيقات فورية بمشاركة روسية. 2 نوفمبر مطار القاهرة الدولي يستقبل وفداً دبلوماسياً روسياً رفيع المستوى، في زيارة لمصر يلتقي خلالها عدداً من المسؤولين على خلفية حادث سقوط الطائرة الروسية المنكوبة بشمال سيناء. 4 نوفمبر في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط، قال السفير الروسي في مصر، سيرغي كيربتشينكو، إن الحكومة المصرية ذللت كل العقبات أمام فرق التحقيق، مضيفاً: "تلقينا ترحيباً ودعماً قوياً من الجانب المصري". 5 نوفمبر المتحدث الإعلامي باسم الكرملين، ديميتري بيسكوف، يقول إن ادعاءات إسقاط الطائرة الروسية المنكوبة ب"قنبلة"، عارية عن الصحة، وأوضح أن كل ما يتم تداوله من معلومات لا تصدر عن فريق المحققين، عارية عن الصحة، ولا تتخطى المعلومات غير المؤكدة. - المتحدث باسم الرئاسة المصرية يطالب بضرورة عدم استباق الأحداث بشأن التحقيقات الجارية حول الطائرة الروسية المنكوبة. - وزارة الخارجية المصرية تقول: إن "موسكو أكدت للسفير المصري لديها أنه لا نية لفرض أية توصيات أو قيود على السفر إلى مصر". 6 نوفمبر - وافق الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، على توصية هيئة الأمن الفيدرالية بتعليق رحلات الطائرات الروسية إلى مصر حتى تتضح أسباب كارثة سيناء. - اتفق الرئيسان؛ المصري السيسي، والروسي بوتين، خلال اتصال هاتفي جرى بينهما، على تعزيز التعاون بين السلطات المعنية في الدولتين، لضمان أمن وسلامة السائحين الروس، وتشديد الإجراءات الأمنية للطائرات الروسية، بحسب بيان للرئاسة المصرية. 11 نوفمبر أعلنت الكنيسة الأرثوذكسية المصرية (إحدى أبرز القوى الناعمة بمصر) أنها سترسل وفداً كنسياً لتقديم التعزية لروسيا في ضحايا الطائرة المنكوبة، دون تحديد موعد لاحق، أو توضيح سبب لزيارتها المتأخرة منذ وقوع الحادث قبل 11 يوماً. 12 نوفمبر استعرض السيسي العرض الروسي المُقدم لإنشاء محطة الضبعة النووية لإنتاج الطاقة الكهربائية (شمال غرب)، وذلك من كافة جوانبه الفنية والمالية، فضلاً عن عوامل الأمان النووي. 13 نوفمبر الوكالة الروسية للنقل الجوي تحظر تحليق "مصر للطيران" في روسيا بدءاً من اليوم السبت، والسفير الروسي في القاهرة يقول إن القرار "يعد إجراءً أمنياً مؤقتاً"، ومصر تؤكد تعليق رحلات السبت ومواصلة اتصالات عالية المستوى بخصوص موقف روسيا. وتميزت العلاقات الثنائية بين القاهرةوموسكو في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، لكنها شهدت توتراً وفتوراً في عهد الرئيس الراحل أنور السادات، الذي أنهى عمل 15 ألف خبير سوفييتي كانوا يعملون في مصر، وانقطعت تماماً بعد توقيع اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل العام 1979 وحتى سبتمبر/ أيلول 1981. وفي فترة حكم حسني مبارك التي امتدت ل30 عاماً، بدأت العلاقات بالتحسن التدريجي مع الاتحاد السوفييتي وزار مبارك روسيا الاتحادية في سبتمبر/ أيلول 1997، ثم كرر الزيارة عامي 2001 و2006، في حين زار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، القاهرة عام 2005. وفي فترة حكم محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب بمصر، بدا أن العلاقات الروسية المصرية ستأخذ منحنى صاعداً، إلا أن اختلاف البلدين حول المسألة السورية حدا بموسكو إلى الترحيب بعزل مرسي في الثالث من يوليو/تموز 2013، بعد عام واحد من حكمه.