هذه الرسالة نموذج لمثيلات لها ، تكشف عن إدراك متزايد لدى النخبة المصرية لضرورة البحث عن صيغة للمصالحة الوطنية ، وخاصة بين السلطة الانتقالية المجلس العسكري والقوى السياسية الفاعلة من أجل العبور بمصر إلى الديمقراطية بشكل آمن وعقلاني وسلمي ، تقول الرسالة : ..... جمال سلطان تحية طيبة وبعد, اليوم نقترب من مرور عام على الثورة, فهل حققت الثورة ولو جزء مما نادت به (العيش والكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية)؟ وإن كانت الإجابة بالنفي, فما الذي يقف حائلا دون حدوث التحول الديمقراطي الذي هو كلمة السر في تحقيق تلك الأهداف؟! . لا شك أن الجيش الوطني المصري – بما فيه مجلسه الأعلى للقوات المسلحة – قد وقف في صف ثورة الشعب المصري؛ كشريك فيها أكد وطنيته التي لم تكن محل شك منذ البداية. وبدأ في السعي نحو التأسيس لدولة ديمقراطية عصرية حديثة, عبر إجراءات وافق عليها الشعب المصري في استفتاء مارس التاريخي. بيد أن المرحلة الانتقالية قد شهدت معوقات وعثرات قد باتت تهدد بنسف عملية التحول الديمقراطي برمتها. فما الذي يحول دون العبور الآمن؟ ربما هو الخروج الآمن؟!! بعيدا عن الاعتصام بالأيدولوجيا, يمسك المجلس العسكري الآن – وفقا للإعلان الدستوري - بزمام السلطات التنفيذية (التي تخص رئيس الجمهورية) والسلطات التشريعية (التي يمتلكها البرلمان). ومن المتوقع أن ينقل سلطته التشريعية إلى مجلس الشعب المنتخب – الذي نال مشاركة شعبية في مرحلتيه الأوليين لم تحدث منذ أيام الفراعنة وشهد بنزاهته القاصي والداني إلا كل حاقد أو جاهل – بعد إتمام المرحلة الثالثة إن شاء الله. إلا أنه ليس من المنتظر أن يسمح بإجراء انتخابات الرئاسة قبل كتابة الدستور؛ ليس تخوفا من قدوم رئيس للبلاد يتمتع بسلطات فرعونية مدشنة في دستور 71 بقدر ما هو رغبة نافذة في الإشراف على عملية كتابة الدستور حتى يضمن له مكانة متميزة فيها, وإلا تمت عرقلة المسار. والدليل على مثل تلك الرغبة تعيينه لشخصيات مثل الدكتور يحيى الجمل وعلي السلمي وأخيرا المجلس الاستشاري؛ تكون واجهة يعرض من خلالها رغبته في هذه المكانة الدستورية وتتلقى عنه الانتقادات. وبطبيعة الحال, فإن هذه المكانة المتميزة ستضمن له عدم فتح أي ملفات عما قبل الثورة أو أثناء إدارته للمرحلة الانتقالية, لكنها في الوقت ذاته ستحد كثيرا من الديمقراطية المنشودة؛ حيث ستفرض سلطة موازية (سلطة الجيش الذي من المفترض أن يأتمر بأوامر السلطة التنفيذية) في مقابل السلطات الثلاث (التشريعية والقضائية والتنفيذية). إذن فما الحل؟؟ لا مناص من اتفاق القوي السياسية المنتخبة من قبل الشعب على صياغة وثيقة للخروج الآمن للمجلس العسكري؛ تكون أولى مهام البرلمان, ربما قبل حتى اختيار لجنة صياغة الدستور, تضمن له فيها خروجا مشرفا يعفيه من أي مساءلة قانونية أو شعبية من أية أخطاء ارتكبها قبل أو أثناء المرحلة الانتقالية, وهو ما سييسر كثيرا من عملية صياغة الدستور وما يليها من خطوات متتالية في الاتجاه الصحيح؛ حيث سيتم تفويت الفرصة على أي طرف يرغب في إجراء صفقات ما, ولن يجد أمامه إلا الاندماج مع باقي القوى الوطنية في عملية بناء الوطن. هذا والله أعلى وأعلم. سيد يونس عبد الغني مترجم وباحث أكاديمي انتهت الرسالة بتمامها ، وأعتقد أنها تفتح بابا للحوار الوطني يحتاج إلى قدر من الجدية والبعد عن المزايدات السهلة والرخيصة التي يحسنها حتى من لا قيمة لكلامه ولا لوزنه السياسي . [email protected]