تخوفت بعض القوى الليبرالية من إمكانية تشكيل لجنة المائة التى ستضع الدستور من الأغلبية الإسلامية داخل مجلس الشعب وعدم مراعاة القوى الأخرى. يأتى ذلك بعد تفوق "الإسلاميين" فى المرحلتين الأولى والثانية فى الانتخابات البرلمانية، وبما أن مجلس الشعب هو من سيختار لجنة المائة، فقد أبدت القوى الليبرالية تخوفها من هيمنة الإسلاميين على اللجنة ومن ثم وضع الدستور الجديد للبلاد. فمن جانبه قال محمد أبوحامد، عضو مجلس الشعب عن حزب المصريون الأحرار، إننا إذا أردنا أن نعيد البناء لا بد أن نضع وثيقة تضبط العلاقات بين القوى والأطراف المختلفة. وأضاف أنه ليس من العدل أن أغلبية لها تصور وفكر معين أن تنفرد باختيار لجنة المائة التى ستكون مكلفة بوضع الدستور، موضحًا أن الكتلة المصرية تؤمن بالديمقراطية والأغلبية البرلمانية، ولكن الدستور هو وثيقة ستظل لعشرات السنين ومن ثم ينبغى وضعها بالتوافق. وأوضح أن الكتلة المصرية تتفق على بقاء المادة الثانية من الدستور والتى تنص على أن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، ولكن أحكام الشريعة تنقسم إلى قطعية لا خلاف عليها، وظنية ينبغى التشاور حولها لتحديد موقف بشأنها. وصرح الدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية، بأنه لا توجد أغلبية فى العالم كله تضع الدستور، فلابد من توافق بين القوى السياسية لوضعه وهذا التوافق لابد أن يشمل كل القوى السياسة فالإسلاميين كلهم لابد أن يشكلوا جزءًا متساويًا مع القوى الليبرالية واليسارية والقومية فى لجنة المائة، وكذلك لابد أن تتضمن أعضاء النقابات العمالية، وجزء منها يتكون من المتخصصين فى العلوم السياسية وأهل القانون. وأوضح زهران أن الانتخابات الأخيرة كانت خطأً سياسيًا كبيرًا لأن النظام الانتخابى كان لابد أن يعتمد على القوائم فقط ولا يعتمد على النظام الفردى، وقال إن القوى الإسلامية أخطأت حينما سمحت للمجلس العسكرى أن يخترق التعديلات الدستورية بالإعلان الدستورى الذى ابتكره وربما يتدخل فى وضع لجنة المائة بهذا الإعلان. في المقابل، أكد الدكتور محمود غزلان، المتحدث باسم جماعة "الإخوان المسلمين" بأن الأغلبية فى مجلس الشعب القادم لن تضع وحدها الدستور حيث إنه لابد أن تراعى كل القوى السياسية وتمثل داخل لجنة المائة وأنه لا مكان لهذه التخوفات. وقال الدكتور عمرو دراج، أمين حزب الحرية والعدالة بالجيزة، أنهم يعتبرون أنفسهم حزبًا مدنيًا وليس حزبًا دينيًا، فالتحالف الديمقراطى الذى دعوا إليه أنتج وثيقته بالتوافق بين أطياف مختلفة من الاتجاهات السياسية، وفى وقت ما وصل أعضاء التحالف إلى 43 حزبًا تمثل كل الأطراف الإسلامية والاشتراكية والليبرالية. وأشار إلى أن الخوف من إنفراد طرف بوضع الدستور غير مبرر، لأنه ثبت بالدليل القاطع إمكانية التوافق، قائلا: "لا داعى أن نخلق أزمة من لا شىء، فنحن نثق فى أن أعضاء البرلمان يستطيعون تشكيل لجنة توافقية تضع الدستور. وأضاف دراج أنه لا خلاف بين القوى السياسية على مدنية الدولة والمواطنة وأن الشرعية الإسلامية هى مصدر التشريع، وهناك اتفاق على الأحكام قطيعة الثبوت والدلالة، ومن ثم فلن توجد خلافات عند إعداد الدستور، وقد أثبتنا أننا نستطيع التوافق. من جانبه، قال خالد سعيد، المتحدث باسم الجبهة السلفية، أننا لا نحتاج أى وثيقة استرشادية، وأن مسألة المبادئ الحاكمة للدستور مرفوضة تمامًا حيث لا ينبغى أن تكون هناك وصاية على إرادة الشعب المصرى، موضحًا رفض التيار السلفى لأن يضع أى طرف الدستور بشكل منفرد، وإنما ينبغى التوافق حوله.