أذكر أننى أقدمت على البكاء – منذ أكثر من عامين – وأنا أقرأ مقالا لأحدهم فى جريدة الاتحاد الإماراتية ( يُدعى خليل على حيدر ) ! فأرجوكم ( ابكوا ) معنا ، و دعونا نستدعى نظرتهم لنا ورؤيتهم لطرحنا الفنى والثقافى ، وهى نظرة تستحق التأمل ؛ فهو وإن بدا شامتا ومتحاملا وغير منصف ، إلا أننى وجدت لديه بعض الحق فيما قال ، يتساءل حيدر : " ألا يلفت نظرك أن تكون جماعات الإسلام السياسى والتيارات الدينية بهذه القوة ، وأن تكون فى الوقت نفسه بهذا الفقر والسطحية وقلة العطاء والإبداع فى مجالات الثقافة والفكر والرواية والشعر والفلسفة والفنون ؟ هل يعقل أن تتأسس حركة الإخوان المسلمين عام 1928م قبل ثمانين سنة تقريبًا وأن تنتشر فى كل العالم العربى وتستقطب الرجال والنساء والشيب والشباب والبسطاء والمتعلمين ، ولا تعطى الحركة الثقافية العربية مفكرًا من عيار (محمد عابد الجابرى ) أو شاعرًا ينافس ( أدونيس ) و ( القبانى ) و (السياب ) !! أو كاتبًا من طبقة العقاد وطه حسين ، أو روائيا كنجيب محفوظ أو مبدعًا يقارع جبران خليل جبران ؟ " . أستطيع بالتأكيد هنا الرد على حيدر ؛ فللإسلاميين مفكرون وأدباء وفلاسفة بزوا هؤلاء جميعًا ، لكننى أعترف أن كلامه فى مسألة الفنون يحوى جزءًا كبيرًا من الحقيقة المؤلمة ! لدرجة أن الرجل فى مقاله يسأل ويرد على نفسه وكأنه ليس فى حاجة لمبرراتنا وأعذارنا الواهية و ( رغينا ) النظرى! يقول حيدر: " وقد هاجمت الجماعات الإسلامية بقوة وباستمرار مدارس (الفن الغربى ) وذهبوا فى مجالات التشدد والتحريم كل مذهب ، ثم صاروا لا يرون بأسًا فى بعض أنواع الرسم والتصوير والزخارف ، ولكنهم حتى هنا لم يبرزوا فى ساحة الفنون ، وقلبوا الدنيا على رأس فنون السينما والمسرح والتمثيل ، ودفعوا بعض الممثلات إلى لبس الحجاب والاعتزال ، ولكننا لم نر حتى الآن أفلامًا للإسلاميين أو للإخوان تنال جوائز دولية " . أنهم باختصار شديد يقولون للإسلاميين : أرونا ما لديكم ، أدهشونا بفنونكم ، أخرسوا ألسنتنا الحداد بأطروحاتكم العميقة ومسرحكم الراقى وسينماكم الهادفة .. خليل حيدر يسأل : أين إبداعكم وأين مبدعوكم ؟ وأين إنجازاتكم الفنية إن كنتم تزعمون أن الإسلام لا يخاصم الفن ؟ أجيبوا إذن عليهم أيها الإسلاميون !! يا من تشكون من تطاول الآخرين وتجاوزاتهم و( فسقهم ومجونهم وإفسادهم ) فى الشاشات وعلى خشبات المسارح ! للأسف الشديد أجاب عنا – مع احترامى لشخصه ولنبل مقصده وحسن نيته – الأخ حازم شومان ، وذهب إلى حفلة غنائية لأحد المطربين واعتلى المسرح !! تمنيت لو أنه صحب معه البديل الفنى الإسلامى وقدمه للجماهير ، ليقارنوا ويحكموا وليخرج المشهد أكثر انسجامًا مع تغيرات الواقع المصرى الذى لم يعد يقبل هذا النوع من الوصاية ، إلا أنه اكتفى بالشىء السهل الذى نحسنه جميعًا وأرحنا به أنفسنا قديمًا ؛ فقد خاطب الجمهور قائلا إن ما يشاهدونه حرام . حسناً ، سنكف عن مشاهدة هذا الحرام .. لكن أمتعنا بحلالك ! [email protected]