إنّ الحلول المطروحة لحل أزمة البطالة أو الحد منها كثيرة ومتنوعة، بعضها تقليدي وبعضها غير تقليدي، ومعظم هذه الحلول صالحة، ويمكن تطبيقها بشرط توفر المتطلبات الأساسية والتمويل الكافي للحد من تلك الأزمة، أو تحقيق حلم الحل الشامل للقضاء عليها. ونعتقد أنّ أهم مقومات الحلول الجادة لأزمة البطالة، التعرف على الأسباب الجوهرية التى أدّت لتفاقم تلك المشكلة. وقد قدم الباحثون والمعنيون بتلك المشكلة قدرًا هائلًا من البحوث والدراسات والمقالات، لعرض أسباب تلك الأزمة وطرح العديد من الحلول على الصعيد المحلي والعربي والعالمي. وبناءً على ما سبق، نطرح سببًا جوهريًا لتلك المشكلة في العهود البائدة – ونحذر منه في الحاضر والمستقبل- ألا وهو تعدد الوظائف المسندة لفردٍ واحدٍ، مما يؤدي إلى التهام الوظائف والمرتبات وإرهاق ميزانية الدولة. وهناك أمثلة صارخة للعديد من الأشخاص الذين شغلوا عشرات الوظائف لأنفسهم ولذويهم، وهؤلاء جميعًا لا يقل عددهم عن ربع مليون شخص، ويمكن الرجوع للجهاز المركزى للمحاسبات لتأكيد صحة تلك الإحصائية (مع الاعتذار للقارئ عن الخوض فى ذكر أسماء محتكري المناصب وشاغلي الوظائف المتعددة).
ويصل إجمالي الدخل الشهري للشخص الواحد صاحب الوظائف المتعددة إلى عشرات أو مئات الآلاف من الجنيهات، وربما عدة ملايين يتقاضاها شهريًا. ومما يثير الريبة والدهشة تقنين تلك الرواتب الهائلة واعتمادها بالمستندات الحكومية. وفى كثيرٍ من الأحيان يجمع الشخص الواحد بين عدة مناصب يتعارض الجمع بينها، كما يشغل البعض وظائف حكومية بعد بلوغ السن القانونية للتقاعد بسنواتٍ عديدة، مما يتسبب في إهدار مليارات الجنيهات، وحجب ملايين الوظائف عن مستحقيها من الخريجين العاطلين، والمجمدين من أبناء الوطن.
ومما سبق وبعد إجراء بعض الإحصائيات والحسابات نطرح حلاً لا يستغرق وقتًا أو تمويلًا، بل يستلزم قرارًا شجاعًا حاسمًا ملزمًا لجميع الأطراف، ألا وهو توزيع آلاف الوظائف الاستثنائية المتعددة إلى عدة ملايين من الوظائف للخريجين العاطلين والمستحقين والمجمدين من أبناء الوطن، وذلك بقرارٍ واحدٍ ملزم لجميع المواطنين دون تمييز، وبنود القرار المقترح هي كالتالي: بند أول: لا يجوز لأي موظَّف حكومي أو رجال الشرطة أو القوات المسلحة الجمع بين وظيفتين في جميع الأحوال. بند ثان: لا يجوز بقاء موظفي الكادر الحكومي العام أو رجال الشرطة أو القوات المسلحة في أي مناصب حكومية رسمية بعد بلوغ السن القانونية للتقاعد في جميع الأحوال. بند ثالث: لا يجوز لموظفي الكادر الحكومي العام، أو رجال الشرطة، أو القوات المسلحة تجاوز الحد الأقصى للدخل الشهري أو السنوي تحت أي مسمى. بند رابع: عدم الجمع بين معاشين في جميع الأحوال، واتخاذ التدابير اللازمة لضم جميع مستحقات العاملين بالدولة العسكريين والمدنيين - على حدٍ سواء- في معاشٍ واحد. ملحوظة: المقال كان وليد فكرة تبلورت بعد اطّلاع كاتبه على كتيب الحلول الكاملة لمشاكل مصر للدكتور/ سعد بدير الحلواني أستاذ التاريخ بجامعة الأزهر- دار الأقصى للطباعة والتجارة والتوريدات - القاهرة- مصر. - أستاذ متفرغ