من المعلوم علم اليقين أن القوات المسلحة المصرية ليست صمّام أمان لمصر وحدها، وإنما هى صمّام أمان للأمتين العربية والإسلامية، وأن جند مصر هم خير أجناد الأرض كما أخبر بذلك الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وكما أثبته التاريخ على مر العصور والسنين. ذلك هو قدر مصر، وتلك هى المهمة المنوطة بجيشها، وقد أشار القرآن الكريم إلى شىء من ذلك عندما ذكر مصر متوسطة بين فلسطين ومكة المكرمة فى قوله تعالى(والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين)، حيث إن فى ذلك التوسيط إشارة إلى أن من قدر الله تعالى لمصر أن تكون حلقة وصل ورابطًا قويًا بين هاتين البقعتين المقدستين. وبجانب ذلك فإن قواتنا المسلحة بمقدراتها ورجالاتها مصدر عزتنا وسبب كرامتنا وقوة الردع لمن تسول له نفسه أن يعتدى على أبنائنا أو أن يهين أحدًا من أفراد شعبنا فى الداخل أو الخارج، فضلا عن حماية الحدود والذود عن الأعراض. وإن قرار هارون الرشيد بأن يرسل لحاكم الروم(ناكفور) جيشًا أوله عند الثانى وآخره عند الأول بسبب امتناعه عن دفع الجزية واجترائه على مخالفة نظم الدولة ليصب فى خانة العزة التى يتمتع بها من كان له جيش قوى، كما أن قرار المعتصم بتجييش جيش لرد اعتبار المسلمة التى انتهك عرضها من قبل الروم ليصب كذلك فى خانة المنعة والاحترام والتوقير الذى يحققه الجيش لأفراد أمته على المستويين الشعبى والسياسى، وغير ذلك كثير مما يشير إليه قوله تعالى(وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم). تلك هى رسالة خير أجناد الأرض، وذلك هو الدور المنوط بهم، وهو دور ليس بالهين ويحتاج للقيام به إلى التفرغ التام من كل عمل ينقص من شأنها أو يقلل من قدرها، ذلك أن الإعداد له يتطلب من قواتنا المسلحة ما يلى: 1. الجاهزية التامة والاستعداد الكامل للدفاع عن الحدود وتأمينها ضد أى عدوان أو اعتداء. 2. التحديث المستمر للآلات العسكرية والمعدات الحربية من خلال التصنيع أو الشراء. 3. زيادة عدد الأفراد مع تزويدهم بالعلوم اللازمة، والتدريبات الجادة على المعدات والآلات. 4. أن تنشط جميع الأسلحة كل فيما يخصه، أما سلاح الشئون المعنوية فمن واجباته أن يعمل على غرس القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية التى تجعل الجندية شرفًا ورسالة تعمل على نشر العدل والوقوف فيوجه الظلم وحماية المستضعفين واستيعاب المخالفين من أبناء هذا الوطن، وعدم إهانتهم أو انتهاك أعراضهم، فقد ذم الشاعر الحجاج بن يوسف لشدته على بنى جلدته وضعفه واستكانته أمام أعدائه بقوله: أسد على وفى الحروب نعامة...... فتخاء تنفر من صفير الصافر. على قواتنا المسلحة- حتى تظل على مكانتها فى نفوس المصريين- أن تتفرغ لهذا الدور الكبير وهذا الشرف العظيم، فى أسرع وقت ممكن، وأن تنفض يدها من العملية السياسية برمتها؛ لتبقى الدرع التى نحتمى بها، والحصن الذى نأوى إليه، والذراع التى نرد بها اعتداء المعتدين، والثياب الذى نرتديه، واللحاف الذى نستتر به، ولهذا فقط يجب أن تعمل، وهكذا فقط يجب أن تكون. [email protected]