أعلنت أول أمس نتيجة المرحلة الثانية من الانتخابات البرلمانية ، بنسبة مشاركة مذهلة وصلت إلى 67% من مجموع المسجلين ، وهو ما لا يحدث في ديمقراطية عريقة ، وبالأرقام خرج اثنا عشر مليون مواطن مصري ونصف المليون في تسع محافظات لكي يشاركوا في بناء مصر المستقبل ، دولة الحريات والديمقراطية والقانون والعدالة ، 12 مليون مصري في مرحلة واحدة فقط خرجوا ليشاركوا في بناء الوطن وإنقاذه ، 12 مليون مواطن مصري تجاهلتهم عن عمد فضائيات "الفلول" في مصر وصحف الفلول ، بينما كان "الشعب المصري" المعتمد لديهم هم ألفان أو ثلاثة آلاف صبي وفتاة ، نصفهم من البلطجية وأولاد الشوارع يحرقون مجلس الشعب والمجمع العلمي ويثيرون الفزع في وسط القاهرة ، هؤلاء هم "الشعب" الذي احتفلت به قنوات الفتنة والدجل ، وظلوا عشرات الساعات وكاميراتهم منصوبة لمتابعة صولاتهم وجولاتهم في حرق المجمع العلمي وقذف الشرطة العسكرية بالحجارة وقنابل المولوتوف وتوزيع الشتائم والبذاءات وحركات أولاد الشوارع بالأصابع والأذرع ، هؤلاء هم الأبطال وهم شعب مصر الذين احتفى بهم إعلام الفلول بينما اختفت من شاشاتهم البطولة الحقيقية في مصر الآن ، بطولة ملايين المصريين الذين خرجوا في إصرار وقوة لبناء دولتهم الجديدة ، مشكلتهم الوحيدة مع إعلام الفتنة والفلول أنهم خرجوا ليبنوا ، وهؤلاء لا يريدون أن يبنى شيء في مصر الآن ، هؤلاء يريدون الحريق والدمار وتركيع مصر . عندما تفجرت ثورة يناير ، وبعد الليلة الشهيرة التي وقع فيها صدام الشعب مع رموز التجبر ومراكز الشرطة ومقار الحزب الوطني على امتداد مصر من الاسكندرية إلى اسوان ، وبعد أن احتشد ملايين الثوار في ميدان التحرير وميادين مصر الكبرى أيام الثورة المصرية الحقيقية وفي أصعب مراحلها لم يحرق محل واحد ولم يحدث أي اشتباك مع جيش أو شرطة أو قوة رسمية ، كان الانضباط الأخلاقي العالي ، وكان شعارنا "سلمية سلمية" حقيقية واقعية ملموسة ، وكان هتافنا "الجيش والشعب إيد واحدة" ، أما عندما اختطفت الثورة إلى يد البلطجية وأولاد الشوارع والشباب الصغار أبناء المدارس الإعدادية والثانوية لتسلية الفراغ ولو بالدم ، وعندما اخترق الفلول هذه المجموعات الصغيرة والعشوائية ، تحول المشهد من ثورة إلى بلطجة وإجرام وهدم وتخريب لمعالم الوطن وممتلكات الشعب ومقدرات مصر العلمية والتاريخية ، وأصبح هذا المسلسل شبه أسبوعي تقريبا ، ويحاول النفخ فيه قنوات رجال الأعمال الذين كانوا ضد الثورة بكل قوة ويهاجمون الثوار الحقيقين بكل ضراوة ويدافعون عن نظام مبارك ورجاله ورموزه بهستيريا حتى النفس الأخير واللحظة الأخيرة ، هؤلاء "الفلول" والنصابون وأعداء الثورة يتقمصون الآن دور "الثورجي" لتحريض أبناء الشوارع والبلطجية على حرق كل ما تصل إليه أيديهم من مقدرات مصر ، والهدف واضح ، وهو تشويه صورة الثورة المصرية ، وخلق رأي عام مصري كاره للثورة ، ومتحسر على أيام "المخلوع" ، وإظهار المجلس العسكري ، أحد شركاء الثورة بصورة العاجز عن حماية مصر وممتلكاتها ، وفي النهاية يحاولون وقف مسار الديمقراطية ، وحرمان الشعب المصري من حقه في دولة مؤسسات ، وحقه في أن يجني ثمار ثورته نهضة علمية واقتصادية وتعليمية وصحية تليق بمكانة هذا الوطن الكبير . إعلام الثورة المضادة الآن هو الخطر الحقيقي على مصر وثورتها ، ولكن من عجائب وعي هذا الشعب الجميل أنه دائما يتخذ الموقف والرؤية المتحررة من دجل هذه القنوات وصحفها ، وأصابهم بالجنون عندما أفشل ترويجهم لبحار الدم والفوضى العارمة لو أجرين الانتخابات ، أجريت الانتخابات ومرت بسلام رائع ، وعاقبهم الشعب بصفة مستمرة بسيره في الاتجاه المضاد لادعاءاتهم ، وسوف يعاقبهم مجددا بإنجاح أروع انتخابات عرفتها مصر في تاريخها الحديث ، وسوف تنتصر مصر ، وينتصر شعبها ، وستولد بلادنا من رحم كل هذه الأزمات ، أقوى وأصلب عودا ، وأكثر استعصاءا على التضليل والتزوير وألاعيب الدجل الإعلامي والسياسي . [email protected]